عيد الفطر المبارك فرحة الروح ووحدة الأمة

علي بن أحمد الزبيدي
يأتي عيد الفطر المبارك كتتويج لشهر رمضان ، شهر الصيام والعبادة والتقوى، حيث تُشرق الفرحة في قلوب المسلمين حول العالم بعد أداء فريضة الصوم، والاجتهاد في العبادات. فهو ليس مجرد احتفالٍ بنهاية شهرٍ من الامتناع عن الطعام والشراب، بل هو تجسيدٌ لانتصار الروح على المادة، وتعبيرٌ عن الشكر لله على نعمة الهداية والصبر.
يرتبط عيد الفطر برمزيةٍ عميقة في الإسلام، فهو يُعتبر (جائزةً من الله ) للمسلمين الذين أتموا صيام رمضان وقيامه بإخلاص. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (البقرة: 185). فالعيد فرصة لتجديد العلاقة مع الخالق، وتطهير القلب من الضغائن، والبدء بمرحلةٍ جديدة مليئة بالإيمان والأعمال الصالحة.
تبدأ استعدادات العيد قبل أيام من حلوله، حيث يُؤدّي المسلمون زكاة الفطر ، وهي صدقةٌ واجبةٌ على كل فردٍ قادر، تُقدَّم للفقراء لضمان مشاركتهم في الفرحة. وفي صباح العيد، يتوجّه الجميع إلى صلاة العيد في المصليات أو المساجد، مردِّدين التكبيرات التي تُعلن عظمة الخالق. تلي الصلاة خطبة العيد التي تُذكِّر بقيم التضامن والإخاء.
لا تخلو أيام العيد من الزيارات العائلية وتبادل التهاني بعبارات مثل "عيدكم مبارك" أو "تقبل الله منا ومنكم الطاعات". كما تُزيّن الموائد بأطباقٍ خاصة كالكعك المحلى والمعمول والحلويات والمكسرات وبعض العائلات تقدم المأكولات الشعبية التي اشتهروا بها، مما يعكس تنوع الثقافات تحت مظلة واحدة .
يُعتبر العيد فرصةً لتعزيز الروابط الاجتماعية، حيث يحرص المسلمون على زيارة الأقارب ومساعدة المحتاجين، وتُوزَّع العيدية على الأطفال كرمزٍ للفرح والعطاء. كما يُساهم العيد في كسر الحواجز الطبقية، من خلال تشجيع الأغنياء على مد يد العون للفقراء، مما يُرسِّخ قيم التكافل في المجتمع.
ومع تطور التكنولوجيا، أصبحت التهاني الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي جزءاً من احتفالات العيد، إلا أن الجوهر الروحي والتقليدي بقيَ راسخاً. فالكثيرون يحافظون على ارتداء الثياب الجديدة ، وإعداد الولائم، وإحياء العادات التراثية، كالأهازبج الشعبية في بعض المدن والمحافظات . كما تُنظَّم الفعاليات والألعاب والاحتفالات الترفيهية والثقافية، مما يُظهر مشاعر الفرح والسرور .
عيد الفطر يُذكِّر العالم بأن الإسلام دينٌ يُجمِّل الحياة بالفرح والرحمة. ففي الوقت الذي ينشغل فيه العالم بالماديات، يجمع العيد بين الروحانية والبهجة، ويُشعِر كل فردٍ – غنياً كان أم فقيراً – بأنه جزء من أسرةٍ إنسانية واحدة. إنه دعوةٌ للتعاطف مع الآخرين، وتجديد العهد مع القيم الإلهية السامية.
همسة الختام
عيد الفطر ليس مجرد يومٍ للاحتفال، بل هو منحة إلهية تُعيد شحذ الهمم، وتُوحّد القلوب على الخير، وتُضيء دروب الحياة بأملٍ جديد. فكل عامٍ والأمة الإسلامية تجدد عهدها بالإيمان والمحبة.
وكل عام والمملكة العربية السعودية قيادة وشعباً لحمة واحدة ينعمون بالخير والصحة والعافية في وطن مزدهر وآمن ومطمئن يعانق السماء رفعة وتقدما .