بين مؤيد ومعارض: "اقتناء القطط المنزلية" حب وشغف أم مظهر ارستقراطي
مكة المكرمة - نهاد فاروق قدسي
طالعنا مؤخرًا عادةً لاقت انتشارًا كبيرًا في الأوساط العربية بعد أن كانت تعد من المظاهر التي تتصف بها المجتمعات الغربية ألا وهي"اقتناء القطط المنزلية" ، ومن خلال استطلاع صحيفة الحدث عن تلك القضية ، تباينت ردود الأفعال بين مؤيد ومعارض ، حيث رأى المؤيدين أن تربية القطط في منازلهم عادة جميلة وذلك من منطلق التغيير والتجديد في الحياة اليومية وأنها سببًا في إضفاء روح الألفة والحيوية والطاقة الإيجابية ، وفريق رأى أنها نوع من التحضر والرفاهية وصورة اجتماعية لابد منها لمواكبة التغيير الاجتماعي ، واتجه آخرون للمعارضة وذلك من منطلق أن تربية الحيوانات الأليفة كالقطط أو الكلاب في المنازل قد تسبب أضرارًا بالغة وتنقل إليهم أمراض الحساسية مثل حساسية الصدر والأنف والعين والجلد وقد تؤدي إلى الإصابة بالعقم أو تؤثر على المرأة الحامل سلبًا هذا لاسيما إلى تلويثها للغذاء بلعابها والميكروبات التي تحملها في جسدها علاوة على ماتسببه من أضرار بأثاث المنزل والمفروشات ، وفئة أخرى عارضت تربية القططلأنها ستزيد من النفقات المالية فضلا عن احتياجها للاهتمام والرعاية والاستعداد الكامل لها من حيث توفير الغذاء الخاص بها والرعاية الصحية والمكان المناسب وذلك كون القطط مخلوق له حقوق وواجبات على صاحبه.
فيما أبانت مشرفة الإعلام والعلاقات العامة أ.خديجة الناشري بقولها : عند التحدث عن القطط لجميع مُقتنيها تُسمع المقولة المعروفة والمعتادة والتي تقال بكل ثقة لاتخلو من الهجوم ( تربية القطط غير محرمة ولا منهي عنها بل أن الرسول عليه الصلاة والسلام أسماها بالطوافون ، وأباح استيطانها في البيوت ، كما أن القطة صاحبة أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه أطلق عليه ذلك لأنه كان يخبأها في كم عبائته )!! كلام سليم لاغبار عليه وما ينطق عن الهوى صلوات الله عليه وسلم ، ونذكر تباعاً للموضوع رحمته وتوصيته للرفق والرحمة بالحيوان والأمثلة بصدد ذلك كُثر ، ولكن إن جئنا لننظر في الموضوع من زاوية أخرى يظهر لنا أن كل ماسبق لايعني أن اقتناءها بالمنازل وتربيتها شيء أساسي ومرغوب أو من الأمور التي نزلت النصوص بالحث عليها .. إنما جاءت لتبين أن وجودها فقط لاخلاف ديني به وهي طاهرة ولا ضرر بما تمسه من إناء لطعام أوشراب لاسيما أن الحياة القديمة كانت بسيطة والمنازل ذات فناءات مفتوحة تُسهل من دخول مثل هذه الكائنات وعلى النقيض حرم وجود الكلاب إلا لسبب !! وحلل قتل مخلوقات أخرى لأسباب أيضا.
وعلى ماسبق تتضح معالم رأيي في ذلك فلست أبداً من مؤيدي اقتناءها رغم اني أحد مربيين القطط بالمنزل ولا أرى أن وجودها مناسب لحياة صحية بالمنزل وقد ثبت طبياً نقلها لأمراض عدة لاسيما من يهمل الاعتناء بها كما أن هناك من يتحسس من وبرها إلى آخره. كل هذا فضلاً عن الألم النفسي الذي قد يصيب من يربيها عند فقدها سواء كان طفلاً أو راشداً وقد سمعنا كثيرا عن أناس أصيبوا بحالات اكتئاب جراء فقد حيواناتهم الأليفة ولا أزيد على ماذكر بالمقالة من تكلفتها المادية الباهظة وصعوبة الاعتناء بها وباقي الأسباب التي وضحت بشكل مفصل.
"مجمل القول" لكل شيء جانبين خير وشر صح وخطأ ولكن دائما تُغلب المنفعة على الضرر .
من جهة أخرى أكدت أ. فيروز الثقفي معلمة الرياضيات : لا أتفق مع تربية القطط بالمنزل هذه الموضة المنتشرة بالمجتمع في الآونة الأخيرةدون إدراك منهم للخطر الذي يكمن وراء عدم الوعي بالأسس الصحية التي يجب اتباعها وذلك لعدة أسباب منها: تسببها في انتقال أمراض الحساسية والأضرار الصحية بسبب فراء القطط وشعرها وجلدها ومدى خطورتها على صحة الأطفال، ولكن إذا كان من الضروري اقتناء القطط في المنزل فعلى الأقل يجب أن يتم تهيئة مأوى خاص بها في فناء المنزل .
فيما أشارت د. نور محمود بصفر أستاذ فيزياء الجوامد المساعد بجامعة أم القرى : طالعنا في الآونة الأخيرة تنافس بعض الأسر على تربية القطط في المنازل ويتشاركون معها حياتهم اليومية ويصلون إلى أعلى درجات المبالغة في الإنفاق عليها بمبالغ طائلة لتزيينها والاهتمام بأناقتها وتدليلها بالإكسسوارت والأجراس والأحزمة الملونة والمطرزة ، وأصبحت تربية القطط لديهم هواية وشغف وبرستيج .
بالنسبة لي أعارض وبشدة تربية القطط في المنازل وذلك لما تتسبب به في نقل العديد من الأمراض الفطرية ولما لها من مخاطر صحية تهدد صحة الانسان .
هذا وقالت أ. هبة القحطاني معلمة اللغة العربية: لعل الإنسان من باب أولى أن يركز على الأولويات وإن فعل ذلك لكانت حياتنا أفضل وإنه لمن دواعي الحزن والأسى أن ترى هناك من يعتني بحيوان أليف يكلفه آلاف الريالات، وفي المقابل لا يهتم بأولاده أو يحرص على توفير احتياجاتهم بحجة صعوبة الظروف وازدياد متطلبات الحياة ، متناسيًا أنه هو من زادها وفتح بابا على نفسه وهو في غنى عنه وأن الله سيسأله عن ابنه فلذة كبده ولن يسأله عن حيوان هو تكفل به من غير وجه حق.
وإن الشيء الأهم هو صحة الإنسان وأهل بيته فكيف يجلب مسببًا لأمراض خطيرة مثل تلك التي تسكن أجساد هذه الحيوانات علاوة على ذلك أنها قد تكون مسكن للشياطين ودليل على وجود أمراض روحية في المنزل لا يعلم خطرها وأثرها إلا الله وقد سمعنا عن قصص واقعية يشيب منها الرأس ، وقد يكون أمر القطط أخف وطأة من الكلاب التي هي أدهى وأمر ، ويكفينا شرعًا تحريم تربيتها في المنازل ولو أننا عدنا للإعجاز العلمي في القرآن والسنة وأبحاث العلماء القديمة والحديثة لوجدنا فيها ردا معجزا لكل من يربي تلك الحيوانات في منزله وينادي بذلك.
وعلى صعيد آخر أوضحت د. آمال الأحمري دكتوراة في علم النفس من جامعة جدة : بالنسبة لي فأنا أحب وأعشق القطط ولذلك أقتنيت قطتي الجميلة فهي تجعلني دائما أتغلب على الشعور بالوحدة حيث ليس لدي أطفال ، وإن وجودها بالمنزل يمنحني سعادة وحيوية وطاقة إيجابية كبيرة ، وإني استمتع حقيقةً في قضاء وقتي بين اللعب معها ومداعبتها وممارسة مسؤوليتي تجاهها والعناية بها من حيث إطعامها وتنظيفها وتعقيمها وتقليم أظافرها ، فالقطة شريك حياة هادئ ويبعث الراحة النفسية كونها حيوان لطيف وبإمكاني أن اتبادل معها المشاعرالعاطفية ، حقًا إنها تزيد من إفراز هرمون "الأوكسيتوسين" الذي يزيدن الشعور بالحب والسعادة.
وبينت مديرة المدرسة أ.صالحة الشيخ أن وجود القطة في البيت مؤنس جدا وخاصةً لمن لايكون لديهم أطفال، وإن حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يثبت هذا الكلام: إنها ليست بنجس ، إنها من الطوافين, والطوافات عليكم ، والقطة تتميز عن غيرها من الحيوانات المألوفة بأنها نظيفة جدًا ولن تشعر منها بـ أذى أو نجاسة في البيت ، بالإضافه إلى إنها مسلية وقريبة من النفس.
حقيقةً لم أكن أحب الحيوانات كثيرًا بس حاليًا تعلقت بها واصبحت أخاف عليها من كل شيء قد يسبب لها الأذى .
ومن جانبها أبدت الأستاذة عفاف فياض رأيها بقولها : إن تربية القطط أمر لطيف ومحبذ عند البعض ، وإن له أبعاد إيجابية تفوق أي نواحي سلبية كما يعتقد البعض ، وإن الجلوس مع القطة والمرح معها كفيل بإراحة الأعصاب عن القلق والتوتر الذي نعايشه في حياتنا اليومية ، فهي خير جليس وأحب أنيس ومصدر طاقة يشع للفرد وللمجتمع الطاقة الإيجابية وذلك لدورها الكبير في التأثير الإيجابي على الصحة النفسية والحالة المزاجية والروح المعنوية ، وإن مجالستهم ومصاحبتهم لا تقل عن صحبة أي شخص عادي بل وربما تكون القطط أكثر وفاءً وانسجامًا وخاصةً مع الأشخاص الذين يعانون من الوحدة والانعزالية.
إلا أن هناك عدد من السلبيات لتربية القطط المنزلية وهي ماتتسبب به نقل الامراض والميكروبات وانبعاث الروائح غير المستحبة التي تصدرها القطط في المنزل ، إضافة إلى استنزافها لمبالغ كثيرة تؤثر على الميزانية الخاصة نظير توفير المستلزمات الخاصة بها ولاسيما إلى تخريبها لأثاث المنزل بسبب أظافرها و مخالبها وأخيرًا حاجتها الماسة للرعاية والاهتمام من قبل مين يقتني تلك القطط .
وبدورها أضافت أ.مها مراد بالإعلام والعلاقات العامة قائلة : حسب توجهي الشخصي فـ أنا حقيقةً أؤيد تربية القطط أو العصافير بل وأرى أنها تضيف إلى المنزل الحياة وتضفي عليه روح المرح والبهجة وذلك من خلال اللعب معها ومداعبتها ، هذا وقد لاحظت أن الفتيات أكثر إقبالًاعلى تربية القطط المنزلية إما استجابةً لآخر صيحات الموضة، أو باعتبارها من أحد مظاهر الارستقراطية ، أو شغفًا وحبًا لها وتعلقًا بها ، أوتقليد أعمى لمشاهير السوشيال ميديا الخ من الأسباب .
هذا ولاننسى أن ديننا الإسلامي حثّ على الرفق بالحيوان وخاصةً القطط ، وضرورة الرحمة في معاملتها وتوّعد بالنار من قام بإيذائها وتعذيبها وقتلها وحبسها من غير طعام أو شراب ، ولا أبالغ بالقول إن تقدمت بنصح كل منزل بـ اقتناء قطة ولكن بعد توفر شروط ثلاث : أولها التأكد من سلامة القطة ذاتها وذلك من خلال الكشف عليها في العيادات الخاصة بالقطط ومن خلوها من الأمراض والاستمرار في فحصها بصورة دورية ، وثانيها الحرص على سلامة من يقتني القطط من أمراض الحساسية بكافة أنواعها ، وثالثهما الاستعداد والجاهزية التامة لتوفير البيئة الصحية المناسبة للقطة.
فالقطط -في الواقع - لها إيجابيات جمة أكثر من السلبيات وذلك بما تمنحه من طاقة سعادة في المنزل وتنمي لدى صاحبها مهارات تحمّل المسؤولية وتعزز جودة الحياة بحيث تعلمه التنظيم والالتزام بالوقت وذلك من خلال مايقوم به من المهام اليومية الأساسية لتربية القطط ورعايتها، كما أنها سبيلا للحد من الأدمان على الأجهزة التقنية والإلكترونية، وما تسببه من مشاكل صحية ونفسية وتربوية شائكة ، هذا و أنتربية القطط المنزلية لاتكلف الكثير من المال فقط يتطلب الأمر توفير غذاء في المتناول ومأوى تسكن فيه واهتمام بحالتها الصحية بخلاف هؤلاء الذين يتكبدون خسائر باهظة بسبب اقتناءهم لحيوانات كالنمور والأسود تلك الحيوانات التي تحتاج إلى ميزانية باهظة لترويضها وتغذيتها وتأمين مأوى خاص بها ومتابعة حالتها الصحية.
وفي المقابل لابد أن أذكر أن كل شيء في هذه الدنيا له إيجابيات وسلبيات ، منافع ومضار ، مميزات وعيوب ، وإن من أبرز سلبيات اقتناء القطط في المنزل ماتتسبب به في انتقال الفيروسات والأمراض والعدوات البكتيرية خاصةً للأطفال؛ لذا لابد على كل من يقتني قطة أن يحرص على ضرورة الاهتمام بإعطاء كافة التطعيمات واللقاحات المخصصة لها ، وإن ذلك يعتبر من أهم الخطوات في إدارة الصحة السليمة للقطط.
ومن جهتها قالت حلا عطالله الهذلي: أنا من المؤيدين لتربية القطط في المنازل حسب وجهة نظري ، وأنه من أجمل مايكون حيث أن القطة تؤنس أي مكان تحل فيه ، حتى أنها تعتبر طاهرة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنها ليست بنجس ، إنها من الطوافين, والطوافات عليكم ) ، وحيث أنه كان يتوضى بالماء الذي تشرب منه القطط وهذا يدل أنها طاهرة ولا تنجس ماتأكل أو تشرب منه ، وأرى أنه من الواجب على من يريد اقتناءها ورعايتها في منزله التأكد من إتمام تطعيماتها كاملة لأخذ الحيطة والحذر .
هذا وصرحت الإعلامية ريفان هوساوي: دعونا ننظر إلى الأمر من كلا الجانبين التأييد والاعتراض ، فمن جهة التأييد فإن هناك جانب لطيف ومفعم بالحياة عندما تربى القطط في المنزل وخاصة أن القطط سهلة العيش وتعتبر من الحيوانات الأليفة ولها فوائد نفسية عديدة كـ "تعلم الاعتناء والمسؤولية ، الشعور بالحيوية والنشاط ، تقليل الاكتئاب والاسترخاء ، تغيير أجواء المنزل وإضافة المرح"، وإن وجودها يترك انطباع مسلي مؤنس حتى أنها تبدأ بتعلم بعض من الأشياء ومع مرور الوقت ، ومن خلال تواجدها المستمر تتأقلم مع أفراد من العائلة وتصبح فردًا أساسيًا، ولكن يجب الحرص بكيفية الاعتناء بها والعناية بصحتها حتى لا تسبب مستقبلا أمراض صحية لها ولمن يعتني بها، فإهمال بعض من الاحتياجات الأساسية لها تأثير سلبي ومنها "إهمال تقليم الأظافر، التغذية، النظافة، والرعاية الصحية" وجمعيها تغير مجرى صحة المربي عند عدم الاعتناء خاصة إذا كانت على المرأة الحامل أو شخص مصاب بالحساسية وبعض من أمراض الجلد.
وأخيراً أكدت معلمة الدراسات الإسلامية أ. مها السحيم بقولها : بات من اللافت للانتباه وبصورة مثير في هذه الآونة الأخيرة اهتمام كثير من الناس بـ شراء القطط لاقتنائها ، وأصبحت كثير من الأسر تحرص لتربيتها في المنازل وذلك بأسعار باهظة ، وهذا من جهةٍ فيه تقليد للغرب حيث أنها من عادات المجتمعات الغربية وطقوس عيشهم ، ومن جهةٍ أخرى أن يكون الأولى في دفع المال لما يحتاجه الانسان لنفسه وبيته وأهله أولاً .
ومن المنظور الإسلامي فإن تربية القطط من الأمور المباحة في الشرع ولاحرج في الإحسان إليها في المنازل ، هذا ويجوز تربيتها واقتنائها طالما لم تكن مؤذية أو ثبت ضررها كأن تكون مصابة بمرض يمكن أن يتسبب في نقل العدوى للإنسان ، حينها لا ينبغي الاحتفاظ بها؛ لأنّ القاعدة الشرعية تقضي بأنّه: لا ضرر ولا ضرار.
وإذا كان سبب اقتنائها معتبرٌ شرعاً وعُرفاً، كأن يكون الهدف من تربيتها دفع ضرر بعض الحشرات و الحيوانات التي تُتلف الممتلكات كالفئران وغيرها فلاحرج في ذلك شريطة أن يتعهد مقتنيها بالرعاية والاهتمام للقطط المقتناة وعدم التعرض لها بالأذى وتوفير الطعام والشراب بما يكفي حاجتها ، وإن لم يتمكن من إطعامها فوجب عليه أن يتركها تأكل من خشاش الأرض والشرب مما يُهيئه الله لها ؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم عذبت امرأة في هرة لم تطعمها ولم تسقها، ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض.