|

نتفليكس .. حين يتحول الترفيه إلى سلاح فكري!

الكاتب : الحدث 2025-12-04 01:58:33

 بقلم ـ محمد خواجي 


حرب القيم تبدأ من الشاشة وتنتهي في الفكر. فبين الترفيه والفكر، تبحر شاشاتنا في مياه خطرة… قصص تُقنع، مَشاهد تُغري، وأفكار تُشكّل عقول الجيل القادم.
في هذا المقال، نكشف الوجه الخفي لمنصة نتفليكس، ونضع النقاط على الحروف حول تأثيرها على قيم الشباب وهويتهم.

لم تعد منصة نتفليكس مجرد وسيلة للترفيه أو منصة عرض للأفلام والمسلسلات، بل تحوّلت إلى منبر يبث أفكارًا موجهة ومشبوهة تستهدف الجيل الناشئ في قيمه، وعقيدته، ونظرته للحياة. ما كان يُقدَّم في الماضي كفنٍّ محايد، أصبح اليوم أداة تغلغُل ناعمة تُعيد تشكيل العقول وتطبع الانحراف الفكري والسلوكي كأمر طبيعي ومقبول.

كل من يتابع المحتوى الذي تنتجه المنصة يدرك حجم الجرأة المتزايدة في طرح القضايا الأخلاقية والدينية والاجتماعية بطريقة تتحدى كل الأعراف، وتكسر كل الخطوط الحمراء. لم يعد الحديث عن “التنوع” و”الحرية” بريئًا، بل صار غطاءً فكريًا لفرض نمط ثقافي غربي مشوَّه، يُعاد إنتاجه بعدة ( ألوان) وشكل حتى يصبح مألوفًا ومقبولًا لدى الجمهور العربي والمسلم.

الأخطر من ذلك أن هذه الأفكار تُغلف دائمًا بقصص إنسانية، وموسيقى مؤثرة، وتمثيل احترافي؛ حتى تصل إلى الوجدان قبل أن تمر بالعقل، فيتشرّبها المشاهد دون مقاومة. وهذه هي الحرب الجديدة… حرب على القيم تُدار من خلف الشاشات، لا بالسلاح، بل بالمشهد والموسيقى والابتسامة الزائفة.

من المؤسف أن كثيرين لا يدركون هذا البعد الخفي، ويتعاملون مع نتفليكس كمنصة تسلية عابرة، بينما هي في الحقيقة منصة توجيه ثقافي عالمي، تتبنى أجندة محددة، وتسعى لتغيير بنية التفكير لدى الأجيال القادمة.

وهنا يبرز دورنا كمجتمع، وكإعلام، وكأفراد مسؤولين عن الوعي العام:
يجب أن نعيد تعريف “الترفيه” بما يتسق مع قيمنا وأخلاقنا وهويتنا، وأن نرفض أن نكون مجرد مستهلكين سلبيين لمنتجات فكرية تهدم ما بنيناه عبر عقود. كما يجب دعم المنصات العربية الأصيلة التي تقدم محتوى يحترم عقل المشاهد ويحافظ على ثوابته. 

ولأن المعركة اليوم فكرية في جوهرها، فإن الأسرة الواعية هي الحصن الأول، والإعلام المسؤول هو السور الأخير. فلنزرع في أبناءنا الوعي، ونؤصل فيهم مناعة فكرية تميّز بين الترفيه الهادف والتضليل الممنهج، فجيلٌ واعٍ خير من ألف مشاهد لاهث .

ختامًا :
 لم يعد المشاهد مجرد متلقٍ عابر، بل أصبح هدفًا لمخططات فكرية دقيقة. على الإعلام والمسؤولين والمجتمع أن يتحركوا فورًا، لضمان أن يظل الشباب حاملين لهويتهم وقيمهم، لا مجرد نسخ مطبوعة من محتوى أجوف. فكل قصة تُشاهد اليوم، تصنع عقلاً غدًا… فلنحرص أن يكون عقلاً واعيًا وقادرًا على التمييز."
و لتكن ضربتنا بيد من حديد لمسح كل تلك الحروب الفكرية من حياتنا.