ذكرى يوم التأسيس في عاصمة القرار العالمي ..
بقلم / محمد سعيد آل درمة
يكفي المملكة العربية السعودية عزةً وفخرًا ومجدًا أنها تحتفي كل عام بيوم التأسيس المجيد، ذكرى ليوم تأسيس وليس ذكرى ليوم تحرير من استعمار أجنبي أو استقلال من كيان مغتصب لأرضها ككثير من دول العالم ، بلد نشأت عزيزة شامخة وستبقى عظيمة صامدة في وجه كل عدو وحاقد حتى قيام الساعة بحول الله تعالى ، والاحتفاء بيوم التأسيس يهدف إلى التعريف بتاريخ سياسي دقيق يحدد بداية تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود في عام ١١٣٩هـ/ ١٧٢٧م في الدرعية بعدد من المواقف والسياسات الدالة على بدء قيام الدولة وتأسيسها، لذا فيوم التأسيس ليس بديلًا عن اليوم الوطني يوم توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز ، وإنما هو مناسبة جديدة لاستذكار العمق التاريخي للمملكة، إذ تمتد سلسلة الحكم إلى ما يقارب ٦٠٠ عام وذلك حينما أسس مانع المريدي مدينة الدرعية في العام ١٤٤٦ للميلاد وهو الجد الثالث عشر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ، اختيار اليوم الثاني والعشرين من شهر فبراير من كل عام للاحتفال بيوم التأسيس ، يهدف إلى ترسيخ العمق التاريخي للمملكة والاحتفاء بالإرث الثقافي والتأكيد على أن تأسيس الدولة بدأ من تأسيس محمد بن سعود بن مقرن الدولة السعودية الأولى ولترسيخ الشعور بالفخر والاعتزاز بالانتماء للوطن ، نحتفي في هذا اليوم ونفخر بذكرى يوم التأسيس ذكرى ملحمة سطرها التاريخ، خلقت كيانًا عظيمًا بكل المقاييس، السعودية العظمى بلاد الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين الذي تهوي إليه أفئدة المؤمنين من شتى بقاع العالم، وبلغت خيراته القاصي والداني المسلم والكافر العربي والأعجمي دون تمييز لعرق أو للون ، وتحتفي المملكة هذا العام ٢٠٢٥ بيوم التأسيس بعد أن نجحت الرياض خلال الأعوام الأخيرة في ترسيخ مكانتها كعاصمة للقرار العربي وكمركز للوساطات الإقليمية والدولية ، حيث ساهمت في العديد من المبادرات التي أدت إلى تخفيف التوترات وحل النزاعات في عدة مناطق من العالم ، حيث تسعى السعودية إلى تقريب وجهات النظر وتعزيز الحلول الدبلوماسية عبر سياستها المتوازنة ، مما يعزز دورها الريادي في تحقيق الأمن والاستقرار الدوليين ، كان آخرها الوساطة بين الولايات المتحدة الاميركية وروسيا الاتحادية ، ورغم أن هذا اللقاء يركز بشكل أساسي على الحرب الروسية الأوكرانية ، إلا أن هناك قضايا أخرى تم التطرق إليها في اجتماع قصر الدرعية مثل إعادة السفراء بين البلدين والوضع في غزة والتوترات في الشرق الأوسط، وعقد القمم العربية والإسلامية والعالمية في المملكة يعكس تحولًا في موازين الدبلوماسية العالمية ، حيث أصبحت المملكة العربية السعودية مركزًا للحوار الدولي ، مما يؤكد أن الحلول الكبرى للنزاعات لم تعد تأتي فقط من القوى التقليدية، بل من خلال أطراف تمتلك القدرة على بناء الجسور وإيجاد التوافقات ، وتُعد القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطوة مهمة نحو الحلول السلمية، واستضافة المملكة لها في أغلب الظن وكما ذُكر في الإعلام العالمي في العاصمة الرياض قبل نهاية شهر فبراير ٢٠٢٥، تعكس الثقة الدولية بقدرة المملكة على تيسير الحوارات وتقريب وجهات النظر، وبعد أن أظهر ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان كفاءة استثنائية عالية في إدارة الملفات الإقليمية والدولية، مما عزز مكانة المملكة كلاعب رئيسي في المشهد السياسي العالمي ومسارها الدبلوماسي في تحقيق الاستقرار الدولي ، والاحتفاء بيوم التأسيس ليس احتفال بيوم عيد بل احتفاء بذكرى تاريخ مجيد، يوم نؤكد فيه على وحدتنا ونفخر بما تحقق من تطور ونهضة ورخاء وقفزات حضارية حتى غدت المملكة في مصاف دول العالم المتقدمة وقائدة لدول العالم الإسلامي والعربي ، افخر وفاخر يا سعودي بوطنك السعودية ورب أبناءك على عشق تراب الوطن ، فاليوم أبناؤنا في أمس الحاجة لتعزيز وتعميق حب الوطن في قلوبهم للحفاظ على مكتسباته ومقدراته والعمل على تطويره ، وحتى نحمي فكرهم من الاختطاف القسري من الأحزاب المسيسة المتأسلمة التي تخاطبهم باسم الدين وهي كاذبة وبعيدة كل البعد عنه، وما الإسلام عندهم إلا مطيّة لبلوغ أهدافهم وتحقيق أجنداتهم الحزبية من خروج على ولاة أمور المسلمين وتخريب الدول المسلمة والعربية، وجعل الشباب وقودًا وحطب نارٍ لصراعات وحروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل ولا جدوى منها ولا هدف صالح يرجى سوى تمكنهم من الحكم، ويقف المواطن السعودي الحر خلف قيادته قلبًا وقالبًا في المنشط والمكره وفي السراء والضراء ،
حفظ الله المملكة أرضًا وملكًا وشعبًا لنصرة الإسلام وعزته وخدمة المسلمين، واللهم أدم على السعودية أمنها وأمانها ورغد عيشها واستقرارها، واجعل اللهم حكامها وشعبها شوكة في نحر كل من عاداهم وأضغن لهم شرًا ومكروهًا واجعل تدبيره تدميرًا عليه، واحفظ يالله جنودنا البواسل الأبطال في الثغور وعلى الحدود واجزهم عنا خير الجزاء على كل ما يقدمونه من تضحيات من أجل الدين والوطن .