ومضات إدارية (٦) القيادة الناعمة

تابعوا الحدث على الحدث

 

أواصل اليوم سلسلة مقالات "ومضات إدارية" على صحيفتنا الغراء "الحدث"، والتي بلغ عددها ست مقالات حتى اليوم تحت عناوين مختلفة لكل مقالة، فيها خلاصة من تجاربي وخبراتي الشخصية وممارستي العملية في مجال الإدارة والقيادة المبنية على دراسة أكاديمية في مجال العلوم الإدارية المختلفة، وأسرد في مقالة اليوم مجموعة من التجارب الشخصية والممارسات العملية والحكم الإدارية والتوجيهات والنصائح الإدارية للقادة على وجه الخصوص ومن يسعى ليصبح قائدًا على هيئة ومضات:

عندما نتحدث عن القيادة الناعمة ونحث القادة على استخدامها فنحن نعني العمل على أسلوب إدارة جديد موجه نحو العلاقات الإنسانية ليمزج القائد بشكل فعال بين المهارات الناعمة وأساليب القيادة التي لا تخلو من الصرامة أيضًا، والقيادة الناعمة تركز على تحديد الأهداف ومن ثم السعي لتحقيقها من خلال التأثير على الموظفين لإحداث تغييرات سلوكية وإحداث فرق في حياتهم العملية من خلال التأثير الإنساني واستخدام مهارة الإقناع والتقدير والتحفيز.

- يقول المهندس علي بن إبراهيم النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية الأسبق  في كتابه (من البادية إلى عالم النفط): "على كل قيادي أن يصنع رجل ثاني أقوى منه"، وتلك حقيقة إدارية لا تقبل الشك ولا النقاش، ففي عالم الإدارة القائد الفذ هو من لديه القدرة على صناعة القادة، أما المدير والرئيس التقليدي فهم مجرد أدوات يسيرون العمل اليومي وليس بمقدورهم صناعة ما لا يملكونه، فحبذا تنصيب القادة في المواقع المهمة.

‏‏‏- القائد الفذ هو الذي يغادر مقر عمله بإنتهاء ساعات الدوام الرسمية إلا في حالات إستثنائية، غير ذلك ما هو سوى تعويض نقص لديه في فهم أو قدرات أو علم أو خبرة يرغب بتعويضها بالبقاء أطول مدة للعمل، وقد يكون لأسباب نفسية أو للهروب من ظروف عائلية، فالعمل جزء من حياة الإنسان وليس الحياة كلها.

‏- القائد الناجح هو الذي يستثمر سمات الموظفين وكفاياتهم وإمكانياتهم ونمطهم العملي، ويشعل فتيل حماسهم وحبهم للعمل ويمد يد العون لهم، يتفهم احتياجاتهم ورغباتهم والاختلافات بينهم، ويسعى لتطويرهم كلٌ حسب خبراته وقدراته وطموحه وشغفه بالعمل، بما يحقق في نهاية المطاف أهداف المنشأة.

- القيادة الناعمة تنجح أكثر من القيادة‬⁩ الاستبدادية والديكتاتورية المتسلطة، فاليد القاسية لا تصنع النجاح على المدى البعيد ولو حققت بعض من الأهداف على المدى القصير، والقيادة فن وذوق ومهارة وقدوة وثقة بالنفس، وعمل حثيث على تذليل الصعاب التي تواجه العمل والعاملين، وليس التسلط والاستبداد الذي يمارسه بعض مدراء الصدفة.

- القائد الناجح الفذ أحبتي الذي يَعلم يقينًا أنه لن يطيعه الموظفون إذا كان يفكر فيما يريد هو فقط لا فيما يريدون هم أيضًا، ستملك قلوب الموظفين عندما تفكر بعقولهم وتدرك اهتماماتهم وتراعي الفروقات الفردية بينهم وتحترم رغباتهم وتحقق طلباتهم وتنطلق من نوافذ شعورهم وأبواب قلوبهم قبل مكاتبهم، وصياغة الكلمات فن وذوق ورقي نحتاج لإتقانه وعلم نحتاج لتعلمه لندعو الناس إلى ما نريد من خلال ربط المطلوب منهم بالمرغوب لديهم ومراعاة المرفوض عندهم قبل طرح المفروض عليهم، وأن نشعر المرؤوس بمدى الفائدة الشخصية التي سيجنيها من خلال اتباع المطلوب أو الخسارة عند الامتناع عن تنفيذه.

- كيف تصبح زعيم وتعرف أنك قائد أو مدير؟ إذا أطاعك وتبعك الموظف بقناعة وحب فأنت قائد وإذا أطاعك وتبعك الموظف مضطرًا فأنت مجرد مدير، العمل في جو من الحب والانسجام والمرح المقنن بين الموظفين بعضهم البعض ومع رئيسهم يولد المزيد من الأفكار الإبداعية والتميز في الإنتاجية التي ستصب نهاية المطاف في مصلحة المنظمة وتحقيق أهدافها المرسومة.

- القائد الحق هو من يكتشف كفايات ومهارات الموظفين جيدًا ويسعى لتوظيفها بكفاءة وفعالية وجودة عالية لتحقيق أهداف المنظمة. يقول تعالى: "وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين"، نبي ينصح نبيًا، واليوم البعض بمجرد بلوغه مرتبة معينة أو تقلده منصب رفيع أو حتى أقل من كل ذلك، يظن أنه فوق النصح فلا يتقبله من أحد، وإبداء النصح وقبوله صفة يتحلى بها أصحاب النفوس الكبيرة، ولو أتتك النصيحة النافعة من مجنون فاقبلها واعمل بها، وعلى الناصح عند تقديم النصيحة أن تكون خالصة لوجه الله لا يهدف منها إحراج المنصوح أو الانتقام منه وأن تكون بلين ورفق وفي السر لا العلن، هدفها تطوير العمل أو تحسين بيئته أو علاج خلل وقصور، قال ‏ﷺ: "الدين النصيحة"، وقال الإمام الشافعي رحمه الله:
تغمدني بنصحك في انفرادي
وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين النـاس نــوع
من التوبيخ لا أرضى استماعه

المستشار والكاتب:
محمد بن سعيد آل درمة
@mohammrdaldermh

انتقل إلى أعلى