|

ملامح مستقبلنا الإجتماعي   المتغيرات بين القبول والرفض

الكاتب : الحدث 2022-11-17 12:02:29

بقلم :
محمد بن مرضي

يشهد العالم اليوم قدراً كبيراً من التغيّر الإجتماعي المستمر والسريع تحت مسمى ( العولمة ) أو ( المتغيرات العالمية عبر الثقافية ) أي العابرة للقارات والشعوب ، والفضل في ذلك يعود لأدوات الذكاء الإصطناعي وتطبيقات التواصل العالمية ومَدّها الرهيب الذي أصبح يتحكم ويسيطر على العالم ، ونحن هنا في وطننا الغالي جزءاً لا يتجزء من هذا العالم نؤثر ونتأثر وأحد أهم المحاور العالمية الرئيسية سياسياً وإقتصادياً ، هذا بفضل الله أولاً ثم بفضل قيادتنا الحكيمة المُلهمة ورؤيتها الواعدة والمتطلعة التي جعلتنا ضمن أقوى 20 إقتصاد في العالم ، بل وصلنا لمراكز أكثر تقدماً من ذلك في صناعة القرار العالمي وفي زمن وجيز جداً  ، وكان هذا الأمر يتطلب منا مواكبة لموجة المتغيرات العالمية السريعة وكذلك التغيّر الإجتماعي المصاحب لها ، وتعود أهمية هذا المطلب المهم إلى أمرين أساسيين أولهما إرتفاع نسب الشباب والشابات ضمن إجمالي عدد السكان في المملكة فنحن مجتمع يعتبر عالمياً من المجتمعات الشابة والمتطلعة والطموحة ، وثانياً لنعيد ترتيب أولوياتنا وإهتماماتنا واستثمار إمكاناتنا المادية والبشرية على كافة الأصعدة وتنمية وتمكين رأس المال البشري ، وهذا الأمر يعتبر جوهرياً ومهماً فهو سمة من سمات المجتمعات الحيوية الديناميكية التي تصنع التاريخ والسلام ، وكان كل ذلك في ضوء المحافظة على هويتنا وقيمنا ومبادئنا الإسلامية والعربية الراسخة والمتينة التي بنية عليها رؤيتنا الواعدة 2030 ، ورافق ذلك عملية مهمة جداً وهي عملية الضبط الإجتماعي التي تحاول توجيه هذا التغيير إيجابياً بحيث يساير المعايير الإجتماعية والأخلاقية والقيمية ولا ينحرف عنها ، ليأتي بعد ذلك دورنا المهم والواعي كأفراد وجماعات للحفاظ على هذه المكتسبات في بناء قناعات مرنة تستوعب أننا أمام كمّ هائل من التغيير الذي لزاماً علينا التعامل معه وفهمه واستثماره ، فالهواتف الذكية وثورة الإتصالات والصناعات العالمية والذكاء الإصطناعي والتقدم التقني والتكنولوجي الهائل وسهولة التزاوج الثقافي وإمكانية الإطلاع على الثقافات الأخرى وسرعة التغيّر الإجتماعي وزيادة نمو الوعي وتطوّر الآلات وغيرها كثير من المتغيرات ، كانت سبباً في إعادة ترتيب أولوياتنا واحتياجاتنا الإجتماعية والإقتصادية والتعليمية والسياسية والتنموية ، ولذلك نجد أن رؤية المملكة 2030 أولت إهتماماً كبيراً وركزت على التعليم الذي هو أساس تقدّم الأمم والدول والحضارات تاريخياً ، ورأينا الإنجازات العظيمة لأبناء وبنات الوطن على كافة الأصعدة وعلى المستويين المحلي والدولي ، وهذا أدى إلى زيادة أرتفاع مستوى الطموح وزيادة النمو الإجتماعي بكافة متغيراته الرأسية إلى أعلى ، وبين كل هذا وذاك وَضَحَ لنا جلياً الصراع بين الأجيال والمسافات الكبيرة والفجوة الفكرية في الفهم والتقبّل للواقع نسبةً لإرتفاع عدد الشباب من السكان ، مما أدى ذلك لزيادة الفروق في الإتجاهات والقيم والإهتمامات الثقافية والفكرية والترفيهية والتعليمية والإقتصادية وغيرها وخاصةً بين الكبار والشباب وبين فئة الشباب والمراهقين حتى أصبح هذا التغيّير الإجتماعي السريع في ظل هذه المتغيرات يجعل كُلاًّ من الفريقين يعيش في عالم مختلف ، ويرى بأنه يسابق الزمن في إقناع الآخر بنواتج التغيير سواءً سلباً أو إيجاباً ، وتدور النقاشات وتعقد الندوات ويتنادى المثقفين من أجل ذلك ، إلاّ أن كِلا الطرفين في نهاية المطاف متفقين تماماً على أن تغيّر الإتجاهات والإهتمامات وأسلوب الحياة هو متغيّر عالمي إجتاح العالم بلا هوادة ولابد من التعامل معه وتقبّله وتوظيفه مثالياً ، وزيادة التطلّع إلى المستقبل والتخطيط له بشكل أفضل ومتوازن ومقبول ، وأيضاً من أجل مواكبة هذه المتوالية الهندسية الإجتماعية العالمية المتغيّرة بإضطراد والتي نحن جزء منها واستثمارها في صالحنا وصولاً لصدارة الأمم بإذن الله ، فنحن جديرون بها ومجتمعنا على مستوى عالِ من التوازن الفكري والتقبّل الإجتماعي لهذه المتغيرات ، وقادر على توظيف المتغيرات العالمية في خدمة ونمو الإنسان وتطويره للأفضل ، فالغيب لايبهج الكسالى والمتشائمين .. والمستقبل بإذن الله ملامحه سعودية بإمتياز .

إضاءة :
ظاهرة النمو والإختلاف بين الأجيال طبيعية وقد أشار إلى ذلك العديد من الكتب والدراسات .. ولكن الغير منطقي تاريخياً هو جمود الفكر والتطور والنمو .. ثم الإندثار