محاكمٌ تَعُج .. وقلوبٌ تَئِن
د/سلمان الغريبي
المحاكم تَعُج من كُثرة زائريها .. وقلوب تتقطع وتئن وعيون تذرف من كُل ما يُشاهد فيها ...
فحقيقي ما يحصل اليوم في مجتمعنا وما بين اروقة محاكمنا شيء مُحزن يندى له الجبين وتحترق وتتقطع وتئن منه القلوب وتدمع منه العيون ...!
فيا أيها الآباء ويا ايتها الأمهات اتقوا الله في ابنائكم وبناتكم اتقوا الله في زوجات ابنائكم وفي أزواج بناتكم وفي انفسكم ومجتمعكم وفي كل شيء له صلة بكم وبهن فالظلم والله عواقبه وخيمة ويؤدي للخراب والدمار فهتموا يارعاكم الله بهم وبهن إغرسوا الإيمان والقيم النبيلة في نفوسهم علموهم احترام الصغير للكبير في قوله ونصحه علموهم إحترام الحياة الزوجية وقيمة التمسك بها وحل مشاكلها بكل محبة وود ولاتجعلوا للمحاكم والضياع مكان بينهم .. المحاكم التي كنا سابقاً ما نرى فيها إمرأة إلا نادراً وفي اضيق الحدود وكنا نستغرب وجودها داخل المحكمة .. واليوم وللأسف الشديد انقلب الحال إلى حال يُدمي القلب وأنت تشاهد هذه المحاكم مقتضة بفتيات في عمر الورد وشباب في عنفوان شبابهم يتنقلون من مكتب لمكتب لمشاكل بينهم إما طلاق أو خلع أو نفقة أو سكن أو خلافه ... صالات المحاكم ممتلئة كلاً ينتظر دوره للدخول على القاضي أو الموظف ....
فكثيرٌ كتبوا وكثيراً شواهد في هذه المحاكم فهذه تطلب طلاق أو خلع وهذه تطلب نفقة وتلك تطلب ضم صغيرها لها واخرى تطلب سجن زوجها أو طليقها وكل واحدة منهن وراءها أمها أو خالتها أو أختها تركض معها ووجوهن تحمل ملامح الكيد والحقد والارهاق والتعب والحزن والأسى .. وهناك أطفال إخوة سيفترقون ويُتركون لرحمة الأيام وغدر الزمان ... أما الرجال سوف يتحملون فراق أولادهم والذهاب لمشاهدتهم إما خلسة أو في موعدٍ مُحدد أو في دور الرعاية وهناك رجل يبكي ويصرخ أمام القاضي أن راتبه لايتحمل هذه النفقة فعليه التزامات كثيرة والراتب لايُغطي ... والأدهى والأمر رجل وزوجته تجاوز زواجهما أكثر من ثلاثين عاماً ولديهم عشرات الأحفاد وتطالب بالطلاق أو الخلع لتتفرغ لصديقاتها والخروج معهن للمولات والكافيهات والمطاعم والسفر ... فالصور كثيرة والأهات تسمعها صداها يتردد في أروقة هذه المحاكم ومكاتبها وصالات الإنتظار بها ... فما الذي أوصلنا لهذا الحال السيء ...؟! فاختفى كبير العائلة وحكيمها وحلال المشاكل فيها وظهرت لنا أم تقول لإبنتها وتعينها على طلب الطلاق ( اتركيه وسوف ازوجك سيد سيده وأحسن منه مادياً ونسوا أو تناسوا الأولاد والمبادئ والقيم) .. وأخرى تقول لإبنها احقرها وعذبها ولا تلبي طلباتها وخليها تتهجول بين المحاكم (وازوجك أنا أحسن منها بنت اختي أو جارتي أو صديقي ونست أو تناست العشرة بينهما وما يربطهما من أولاد وخلافه) ... يقول الله عز جل في سورة المطففين( أَلَا يَظُنُّ أُوْلَٰٓئِكَ أَنَّهُم مَّبۡعُوثُونَ¤لِيَوۡمٍ عَظِيمٖ¤يَوۡمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ) ... فخافوا الله واتقوه لعلكم تُرحمون وحافظوا على ابنائكم وبناتكم واعينهم على حل مشاكلهم واجمعوا بينهم ولاتفرقوا وكونوا عباد الله إخوانا مُتحابين مُتكاتفين صادقين أوفياء فيما بينكم والله يُيعد عنا وعنكم كل سوء ومكروه إنه ولي ذلك والقادر عليه .