القضية الفلسطينية قضية وجدان لدى السعوديين
بقلم: أحمد مازن
@AhmadMazen93
منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن القدس عاصمة لدولة إسرائيل، وتفاوتت ردود الفعل العالمية حيث أن أغلب قادة العالم رفضوا هكذا اعتراف وخصوصاً الإتحاد الأوروبي الذي أكد التزام كل دولة بقضية القدس وقيام دولة فلسطينية، ولكن دول مثل أستراليا، رومانيا، التشيك، باراجواي وغواتيمالا وهندوراس أيدت القرار حينها، أما الموقف السعودي فكان ثابت كما عرفناه منذ عقود لم يتغير، وأكدت المملكة العربية السعودية رفضها لهذا القرار الأحادي الجانب والذي من شأنه أن يقتل أي فكرة لمبادرة سلام جديدة ممكن أن تطرح على طاولة المفاوضات مستقبلاً، فكانت وجهة نظر المملكة بشكل عام ومبسط أكثر، أنه كيف لوعد بلفور أن يخلق من جديد بعد مرور كل هذه العقود من الزمن، ويعطي من لا يملك لمن لا يستحق؟
ولكن رغم اعتراض الإتحاد الأوروبي على قرار ترامب إلا أن عدد من أعضاء الإتحاد مثل النمسا وجمهورية التشيك ورومانيا حضروا افتتاح السفارة الأمريكية في القدس بتاريخ 14 أيار 2018م حيث تم اختيار هذا التاريخ تحديداً لأنه كاند يدل على مرور 70 عام من الاستقلال بالنسبة لإسرائيل، بينما يدل على مرور 70 عام على نكبتنا كعرب وتواطؤ الغرب على الشعب الفلسطيني واعتباره أقل من باقي الشعوب، أما رأي السعودية بخصوص افتتاح السفارة الأمريكية في القدس فتمثل بما قاله الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله حينها بأنه "سيشكل استفزازاً صارخاً للمسلمين في جميع أنحاء العالم" وببيان صادر عن الديوان الملكي الذي وصف القرار بأنه "غير مبرر وغير مسؤول".
واليوم وبعد مرور حوالي 5 سنوات على قرار إدارة ترامب، تراجعت الحكومة الأسترالية الجديدة عن قرار الحكومة السابقة التي اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهذا ما دفع إسرائيل لإدانة وشجبت تراجع أستراليا عن اعترافها، بينما السعودية أيدت ورحبت هذا التراجع وأعربت عن تطلعها لتظافر جهود المجتمع الدولي لإيجاد تسوية عادلة تضمن حقوق الشعب الفلسطيني وحقه بإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وجددت المملكة العربية السعودية التأكيد على موقفها الثابت تجاه الشعب الفلسطيني ووقوفها الدائم إلى جانبه ودعم خياراته.
كل ما سبق هو أقل القليل من مواقف السعودية مع الفلسطينيين وقضيتهم منذ أيام الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه أي منذ ما قبل نكبة 1948م، إلى يومنا هذا مع الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين حفظهما الله، مروراً بملوك كبار كان لهم بصمتهم الخاصة بالقضية الفلسطينية ومبادراتهم البناءة كمبادرة عام 1981م التي طرحها الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله، وبعدها مبادرة السلام العربية في بيروت عام 2002م والتي طرحها الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله والتي اعتبرها الفلسطينيين أنها أكثر مبادرة أنصفتهم منذ بداية نكبتهم، هذا غير المواقف العروبية التي لا تنسى من الملك عبدالعزيز وسعود وفيصل وفهد رحمهم الله جميعاً والتي يعدها الكثير من الفلسطينيين أنها أقوى من مواقف قادتهم أنفسهم، ومن مواقف الملك سلمان الكثيرة تجاه القضية الفلسطينية كان تسمية القمة العربية عام 2018م في الظهران بقمة القدس، وتدخله شخصياً في حل أزمة المسجد الأقصى الذي أغلقته قوات الإحتلال الإسرائيلي وأعاد فتحه رغماً عنهم.
في النهاية نحن هنا لسنا بصدد سرد هذه المواقف لمجرد السرد فقط، بل لمحاولة توثيق بعض ما قامت وتقوم به المملكة العربية السعودية تجاه قضية العرب والمسلمين الأولى، في حين نرى ونسمع مزايدات كثيرة على السعوديين بخصوص هذه القضية، والغريب أننا لا نرى هذه المزايدات إلا من تجار القضية والمنتفعين منها أنفسهم، سواء كانوا داخل فلسطين أو خارجها كمحور إيران وما شابه، بينما يغضون أبصارهم عن هذه المواقف السعودية المشرفة وما أكثرها، والتي لم تفعل ولم تقدم أي دولة نصفها تجاه القضية التي سماها الملك سلمان "قضيتنا الأولى".