|

ومضات إدارية (٣) مدارس الإدارة المتجددة

الكاتب : الحدث 2022-10-19 04:38:14

 

سلسلة مقتطفات من رؤيتي وفلسفتي الخاصة في علم وعالم الإدارة، ووقفات عند مجموعة من التجارب الشخصية والخبرات الخاصة في مسرح الميدان الإداري، كنت قد بدأت في طرحها عبر مقالين سابقين في صحيفتنا الغراء الحدث، كان الأول بعنوان المدير القائد والثاني مفهوم الإدارة العلمية، ومقالي اليوم أسلط الضوء فيه على عدد من مدارس الإدارة الحديثة ليس من منظور أكاديمي أو نظري بل من خلال ما يمارس اليوم على أرض الواقع.
وللإدارة المتجددة الحديثة عدة تصنيفات، وأرى التصنيف الأمثل للمدارس على النحو التالي: المدرسة التقليدية- مدرسة العلاقات الإنسانية- مدرسة الإدارة بالتجوال- مدرسة الإدارة المرئية- ومدرسة الإدارة بالقيم:

- مدرسة الإدارة التقليدية (البيروقراطية) وهي مدرسة تركز جُلّ إهتمامها على الدوام الرسمي والتواجد بمقر العمل بإنتاج أو بدونه، ويكون صنع واتخاذ القرار فيها مسؤولية المدير فقط، والنظر للموظف كآلة تعمل بلا احتياجات وعليها تنفيذ الأوامر دون تفكير.

- مدرسة إدارة العلاقات الإنسانية (الإدارة بالحب) وتنطلق من الاهتمام بالحافز المعنوي للموظفين وتحقيق الرضا الوظيفي، وتعتمد على التنظيم غير الرسمي والعلاقات الجيدة بين الموظفين بعضهم البعض ومع الإدارة، وتعمل على إشراك المرؤوسين مع الرؤساء في تحديد الأهداف وصنع القرار، وتنظر للموظف كإنسان له احتياجات ومتطلبات يجب إشباعها أولًا.

- مدرسة الإدارة بالتجوال (جمبا كايزن) مدرسة حديثة نسبيًا تقوم على مبدأ أن القائد لا يقبع في مكتبة بل ينتقل لمواقع وأفرع ومقار موظفيه يتلمس احتياجاتهم ويرفع معنوياتهم ويحل مشكلاتهم ويتأكد من إستيعابهم لفلسفة ورؤية ورسالة المنظمة، ويؤكد ذلك ماذهبت إليه النظرية اليابانية "جمبا كايزن"، وجمبا تعني باليابانية الموقع الفعلي وكايزن تعني التغيير للأفضل ويمكن ترجمة الكلمتين إلى الإدارة من موقع الأحداث، أي لا يكتفي المسؤول بالجلوس في المكتب ومتابعة ما يصله من تقارير.

- مدرسة الإدارة المرئية (الإدارة على المكشوف) وهي مدرسة تتبنى قواعد منظمة للعمل من مهام وواجبات وترقيات وحوافز ومعايير تقييم الأداء مكتوبة ومعلومة للجميع، لخلق بيئة عمل تسودها الثقة المتبادلة، ولا تخفي الإدارة شيء عن الموظفين سواء في الشؤون الإدارية أو المالية، ويدار العمل برؤية مشتركة واضحة وشفافة للجميع.

- مدرسة الإدارة بالقيم (المبادئ) وبرزت بعد أن أصبحت علاقة بعض الموظفين بعملهم ومدرائهم غير صحية ويشوبها التوتر وعدم الثقة وذلك بسبب غياب الأخلاق المهنية، وأهم ما تحدثه الإدارة بالقيم هو تسيير الموظفين نحو تحقيق الأهداف من خلال مجموعة من الثوابت والقيم التي تحظى بقبول الكثير من الموظفين، مكتسبة في الأساس من العقيدة الإسلامية والبيئة الاجتماعية ويؤمنون بها حق إيمان، ومن أعظم من رسول الله صلى الله عليه وسلم معلم الإدارة الأول وقائد البشرية حين قال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، ومكارم الأخلاق هي القيم الإنسانية السامية، وأي ممارسة للإدارة تتجاهل إستخدام القيم الفاضلة مع الموظفين حتمًا ستكون نتائجها قتل الدافعية للعمل وانتشار الإحباط والتذمر فالفشل.

وختامًا ليس من الضرورة بما كان أن تنهج المنظمة مبادئ وأفكار مدرسة واحدة دون غيرها بل يمكن للقائد الفذ الجمع بين منهج وأصول عدد وخليط من المدارس مع الأخذ بعين الاعتبار أن جميع المدارس تقوم على مبدأ احترام النظام والإدارة العليا وتعمل ضمن التنظيم الرسمي للمنظمة والهيكل التنظيمي المعتمد، ومن ثم تهيئة وتدريب قادة من نوع خاص لديهم قدرات فطرية وإمكانات فكرية وسمات قيادية يعملون وفق منهج الإدارة العلمية الحديثة ويسعون إلى التوظيف الأمثل لإمكانيات وكفايات الموظف لتفجير طاقاته وتوجيه سلوكه نحو تحقيق الرؤية المرسومة والأهداف المنشودة للمنظمة بكل يسر وسلاسة وإتقان.

المستشار والكاتب:
محمد بن سعيد آل درمة
@mohammedaldermh