الهكسوس بيننا
على مدى سنوات كنا نعتقد أن مصر القديمة شيدت في زمن الفراعنة وتعاقبت الأجيال لملوك مصر من أقوامها وعلمها وهندستها حتى بدت الأسئلة تطرح من جديد وهي من شيد ذلك الصرح العملاق والإعجاز الهندسي في كيفية بناء الأهرامات وكيف كانت قدراتهم العقلية والجسمانية؟ وهل حضارتهم هي الأقدم في أرض مصر ؟حتى أُكتُشِف عكس ذلك مع مرور الزمن بمعنى أن العقل يرفض أن يكون شخص بحجم الانسان الحالي بدون أي دليل تاريخي أو بردية واحدة تثبت أنهم من شيدوا هذا البناء العظيم مع وجود توثيق لشتى محافل حياتهم بالتفصيل وهذا في حد ذاته يكفي أن تلتف الشكوك حول أصالتهم وقدرتهم في بنائهم الأهرامات وكيف ذلك وهم لا يعلمون لماذا بنيت وما هو استخدامها الحقيقي فحولوها إلى مدافن ومقابر لجهلهم الغرض من بنائها.
وأوضحت التقارير والدراسات التاريخية حول موطن الهكسوس الأصلي من خلال مقارنة أُسلوب الحياة والعبادة بينهم وبين الحضارات الأخرى فكانت تتشابه كثيرًا مع حضارة بابل الكنعانيون القدماء مما يثير الشكوك على انهم ( غزاة ) وليسوا من شعب مصر بل ترجح الدراسات إلى أنهم تجار واستعمروها كون التاجر يستقر في مكان تجارته فتكاثروا واجتمعوا وأصبحوا الأغلبية فقرروا الحكم فيها واستعمارها وفرض نظامهم على نظام حياة المصريين ، وحينما أرادوا تدوين حياتهم استخدموها كإشارة منهم لعمارة الأرض بالرسومات والخطوط الهيروغليفية مع اللغة المصرية القديمة على جدران المباني ولم يذكروا كيف بنيت أو حتى الغرض من بنائها ، في حين حدد العلماء تاريخ احتلال الهكسوس للحضارة القديمة البائدة سنة 1640 ق.م وكانت آثار بدون حرب أي كانت حياة المصرين القدماء هي حضارة لم يبقى منها إلا آثار وكانت الشعوب التي تعيش فيها من أهل مصر في استقرار معيشي ثابت إلى أن غزوهم الهكسوس.
قال المؤرخ والعالم بالبرديات (مانيتون) أن الهكسوس أتوا من عنصر غير معلوم واثقين من غلبتهم أي أنهم ظلمة قساة ، أحرقوا أثناء غزوهم مصر البيوت والمعابد واستعبدوا أهلها وحكموهم بالحديد والنار وبدأوا يأسسون تاريخهم ومدنهم ومنها المدينة الأشهر وهي (أواريس) شرق الدلتا في شمال مصر حيث التشابه الكبير في طريقة البناء وهو الطوب المحروق على عكس بناء الأهرامات وهو استخدام الحجر للديمومة والبقاء في حين أن مباني الهكسوس تعرضت للدمار والخراب بسبب الفيضانات وعوامل التعرية ، وفي عباداتهم كانوا يستخدمون الحمير كقرابين أمام معابدهم في تشابه كبير في طقوس العبادة لدى الكنعانيين ، وتشابه العتاد العسكري مع تشابه الأسلحة المستخدمة في ذلك الوقت لم تكن موجودة في مصر ولا يعلموا عنها أي شيء بل من العجيب أنهم لا يعلموا عن استخدام الخيول بل كانت ترعبهم.
الهكسوس كان في عددهم وقوتهم التجارية أكثر من عدد المصريين في ذلك الوقت مما سمح لهم السيطرة على الشمال تزامنًا مع وجود من هو موالي للهكسوس بدوافع المصالح الشخصية ولم تكترث لمصلحة البلاد مما ساعد ذلك في توغل الهكسوس في الأجزاء المصرية كونهم من التجار في الأساس إلى أن ظهر الملك (أحمس) الأول وهو محرر مصر من الهكسوس ومن ظلمهم وجبروتهم وصنع المجد العسكري بعد فترة من تمزيق الهكسوس للدولة وسرقوا الحضارة كما ذكر الباحث محمد سمير عطا أنهم غزاة ولم يكونوا إطلاقًا من شيد الأهرامات بل على عكس ذلك هم مستعمرين لحضارة سابقة ترجح كثيرًا إلى قوم عاد (وهو يرجح فقط كون أن الأثر الوحيد المذكور لهم في القرآن الكريم) .
نستخلص من ذلك في مجالنا الفني أن هناك هكسوس تجار ليس لهم علاقة بالمجال ولا يعلموا ما الغرض منه أتوا فقط لتسليط تجارتهم لتدمير الفن والإبداع وتوريث ملكهم إلى نسلهم في صورة تزاوج أفكارهم وتوارثها من حيث السطحية والركاكة وفقدان المضمون ومحاولة الإشهار والتضمين معًا لكونهم صناع فن وبيت فني كما فعل الهكسوس أنهم العرق الملكي النقي فتتوارث الأجيال فشلهم وسرقتهم لأفكار غيرهم وفرض أكابرهم على المجتمع.
أنتم خنجر في خاصرة الفن وليس لكم علاقة به لا من قريب ولا من بعيد وأسرتكم النبيلة تصنع التفاهة والسطحية كما عهدناكم على عهد الهوائي على الأسطح في المنازل .
عارف البحراني
16/10/2022 م