الواجبات المدرسية في الحياة العصرية.
ذات مساء بينما كان جالسا ً يحل واجباته المدرسية إذ ناداه والده يابُنّي مغنم روّح،
(الأغنام جاءت من المرعى)
هيا قم ساعدني ودع عنك المذاكرة
قال يا أبي لست ُ أذاكر بل احلُُّ واجبات المدرسة، غداً يجب أن
تكون الواجبات محلولة حتى أقدمها للمُدرس لكي يصححها ويعطيني درجات
قال يا ابني بعدين الآن هيا
( نطرح للغنم )
يطرح، يقدم للمواشي الأعلاف !!
نهض الولد متثاقلاً يُحرّك شفتاه بكلام غير مفهوم وترك كتبه،ودفاتره على تخت صغير في واجهة البيت
ذهب يساعد والده يطرح لمغنم وأخذت الأغنام تتحرك هنا وهناك وتوجهت واحدة منهن نحو التخت الذي عليه الكتب والدفاتر وقامت بأكل أوراق الدفتر الذي كان يحلُّ
به الواجب !!
هرع مسرعاً نحوها وسحب الدفتر من فمها لكن بعد فوات الأوان لقد أكلت نصف الأوراق وقطّعت النصف الآخر وضع يده على راسه وقال ماذا أفعل غدًا ، كيف أذهب بالدفتر وهو على هذه الحالة !!
لا توجد مكتبات قريبة، ولا يوجد لديه دفتر آخر، وخائف من المُدرس ولا توجد لديه مواصلات، وأقرب مكتبة تبعد عن القرية عشرات الكيلو مترات فكّر ملياً وعيناه مُشْرَغة بالدموع !!
خطرت على باله فكرة الذهاب
إلى زميله بالصف والذي يسكن
بالقرية المجاورة، ركب دراجته وذهب لزميله وقال له أريد منك دفتر الواجبات ودفتر آخر
لقد أكلت الضأن دفتر الواجب
عندما عندما كنت
أطرح لها مع والدي !!
ضحك زميله وقال يا أخي بختك ضعيف، أي حظك عاثر، تعال أعطيك دفتر الواجب واعطيك دفتر آخر
شكر زميله على إعطائه دفتر ليكون بديلا ً عن دفتره الذي أصبح طعاماً للضأن
ركب دراجته وعاد مسرعاً قبل غياب الشمس !!
ما أن وصل للبيت حتى حل ّ الظلام أشعل ذلك الفانوس واستمر طوال ليله منهمكاً في حل الواجب بالدفتر البديل إضافة ً لكتابة الواجبات القديمة خوفاً من عقوبة المُدرس، وخوفاً من حرمانه الدرجات، أضف إلى ذلك نظرات زملاءه بالصف، مرت الأيام سريعة وتخرج من الثانوية العامة وحصل على فرصة عمل لم
تكن حلم المستقبل
غير أنها تسدُ رمقاً وتكفي ذُلّ السؤال !!
جاءت الحياة الحصرية باع والده الغنم وترك القرية وسكن المدينة دخلت أخته المدرسة، البداية من الروضة في حين كان لا روضة في مدرسته، وبعد الروضة الدراسة عن بعد، الواجبات عبر الجوال
عند طرح أي سؤال تكون الإجابة
عن طريق ثلاثة اختيارات ووضع دائرة مقابل الاختيار المناسب !!
النجاح من الروضة يقابله هديّة وحفلة تليق بمقامها، النجاح من الصف الأول هدية وحفلة، مكافأة الخط باليد على
دفتر الإملاء المنظور عصير تايم
من محلات العصائر الطازجة، وهكذا على مدى مراحلها الدراسية، في حين كان ذلك الأخ المسكين لم يعرف الحفلة الا عند حضور مناسبة زواج وإذا حظي بشراب عصير
يكون عصير بريال
ذات الثلاث جواهر
أو علبة شاني من دكان جده !!
جيل عصري، وحياة عصرية، ومستقبل واهن، كبيت العنكبوت وهونة
بينما هناك تيارات تتسارع لتقذف بهم يوماً ما كما يقذف السيل زَبَدَه فيصبح جفاء ً لاتستفيد منه الأرض !!
٠٠ بقلم جبران شراحيلي ٠٠