|

المالتوسية (المسرحية)

الكاتب : الحدث 2022-09-21 07:27:09

 

شبح مالتوس الهاجس المضطرب حول النمو السكاني مقارنة بالموارد والإمدادات الغذائية وتدني مستويات المعيشة، أي أنه كلما زاد النمو السكاني تقل الموارد الغذائية في تعريف متواضع بعيدًا عن التفصيل والاسهاب ليتسنى لي ذكر ما يوافق تلك النظرية من ممارسات على المسرح والمسرحيين السعوديين على صعيد الكتابة أو الإخراج والتمثيل وما ينقضها من إنجازات وجوائز دولية ومهرجانات خارج البقعة الجغرافية في المملكة بل تحيد تلك الممارسات إلى أبعد من ذلك في محاولة غير موفقة لإثبات نظرية مالتوس (المسرحية) وهي : تهميش وتقليل الجهد المبذول لبقاء المسرح بجهد من (حراس الهيكل) لمقاومة النظرية وكسر أغلالها .

في الآونة الأخيرة بدأت عملية الإهمال للمسرحيين السعوديين في المملكة بحجة غريبة جدًا تنسف أعمال الرواد والمؤسسين والجيل الحالي بالإجماع تزامنًا مع استقطاب الفرق المسرحية والاستعراضية الخارجية في المحافل وتعد تلك من الفرص الممنوحة لغير مسارها الحقيقي المفترض لتعزيز العمل المسرحي المحلي على غرار أشقائنا في دول الخليج من حيث مبدأ الضخ الداخلي والاستثمار في الطاقات الموجودة داخل مناجم الفن المسرحي من جمعيات أو فرق مسرحية منتظمة النشاط.

عندما اقترح مالتوس النظرية كان يتملكه هوس ازدياد العدد السكاني مقارنة بقلة الموارد وكأن الكرة الأرضية عبارة عن شقة من غرفتين وصالة، لم يفكر في تعزيز الموارد وتطوير المقومات بدلًا من قتل البشر لقلة الموارد، هذا ما يحدث حرفيًا مع المسرح ومحترفيه والموهوبين أيضًا والسعي لهدم ما بني من جهدهم في المحافظة على بقاء المتنفس الوحيد لشغفهم وطاقاتهم الممولة ذاتيًا في معظمها وتقديم اكتشافاتهم المستمرة للمواهب الفاعلة على المسرح وحصد الجوائز الدولية على مستوى الكتابة والإخراج والتمثيل. 

من العجيب جدًا أن كل تلك الجوائز عبارة عن نقض النظرية المالتوسية بجدارة وفخر يقدمها صناع المسرح لإثبات أن الاستثمار في الطاقات المحلية تعزيز للعملية التطويرية للمسرح، سأذكر بعض الجوائز التي حصل عليها كل من ينتمي للمسرح السعودي بافتخار خارج حسابات مالتوس نفسه، عباس الحايك بترسانته الكبيرة من الجوائز ومنها:

جائزة الشارقة للإبداع العربي الأولى
جائزة التأليف بمهرجان مسرح الشباب الرابع بدولة الكويت
والجائزة الثانية في مسابقة التأليف المسرحي في مهرجان تكريم الفنان "خالد النفيسي"
بالكويت

وجائزة أفضل نص مسرحي في مهرجان تكريم الفنان "عبد الحسين عبد الرضا"
بالكويت

جائزة النص في مهرجان الجامعات لدول مجلس التعاون في البحرين
جائزة في مهرجان شرم الشيخ الدولي
جائزة في مهرجان أوال المسرحي بالبحرين

ولا ننسى أيضًا" ياسر مدخلي" يحتاج إلى سطور طويلة من الإنجازات العالمية والمحلية للأبداع لا يسعني ذكرها في المقال لكثرتها.

حصد الكاتب "إبراهيم الحارثي" جائزة المركز الثالث للكتابة والتأليف المسرحي للكبار عن نصه
«المشهد الأخير لوداع المهاجرة»، ليكون أول سعودي يحصل على الجائزة، وذلك أثناء ختام
فعاليات مهرجان المسرح العربي في دورته الحادية عشرة، في العاصمة المصرية القاهرة،
والذي شارك فيه أكثر من 650 فناناً عربياً بسبعة وعشرين عرضاً مسرحياً. 

جائزة الفنان "عبد الله السعداوي" لأفضل عمل مسرحي بمهرجان الصواري بالبحرين عن مسرحيَّة
«سيد الجماجم».

الدكتور "سامي الجمعان "حاز على جائزة وزارة الثقافة للمسرح والفنون الأدائيّة في دورتها الأولى عام 2021 ويعتبر أول مسرحي سعودي يحوز مثل هذه الجائزة الوطنية الكبرى. 

ولا أخبرك عن نشاط فرقة الطائف وتحقيق أكثر من ٩٠ جائزة محلية و٣٠ جائزة دولية في أغلب المحافل المسرحية وتنوع في مسمى الجائزة من حيث الترتيب والفئة على مختلف الأصعدة.

 بعض صناع المسرح ... البعض فقط ولو ذكرت البقية فسأحتاج إلى مدونة خاصة وعدد هائل من الإنجازات على مستوى المملكة يكفي لأنقض مضجعك وأكسر قواعدك واثبت لك أن نظرية مالتوس نظرية أنانية وظالمة ولا نقبلها أبدًا. 

تجاوزت عدد الجوائز والمراكز ١٤٥ جائزة بين المحلية والعالمية، بل وتعدت ذلك في تكرار الحصول على التفرد في المركز التنافسي ليكون أول سعودي يحصل عليها، وبعد كل هذا الإنجاز والتشريف خارج المملكة يخرج تصريحات مستفزة تنفي وجود مسرح سعودي وكتاب سعوديين بل ويتعدى ذلك إلى التقليل من قيمتهم الفنية بحجة أنهم يحتاجون إلى تطوير!! إذا كان ولا بد من قبول التصريح الجارح فيجب أن تعلم أنهم يصنعون النجاح في ظل عدم توفر مسارح حقيقية ومجهزة، ومع هذا كله ناطحوا الكبار ليعودوا مثقلين بالجوائز لأرض الوطن ضاربين نظرية مالتوس عرض الحائط ووضعوا نظرية الإصرار لكيلا يقتل المسرح أبدًا .

ليس بالضرورة يا مالتوس الخضوع والخنوع لقواعدك ونظرياتك (إما أن تكون معنا أو أنت ضدنا) فنحن نعمل من أجل الوطن لا من أجلك أنت، إذا كانت العملية تخدم مستقبل الوطن ثقافيًا وفنيًا فتلك من غرائزنا الحقيقة التي لا تقبل المساومة أو المقايضة، يكفينا فخر أننا أنجزنا وحصدنا الجوائز ونحن لا نملك المكان المناسب للإبداع فخلقنا من العدم قيمة ومن الحرب انتصار ومن المنافسة إنجاز وحصاد. 

شكرا لكل المسرحيين السابقين والحاليين من كتاب ومخرجين وممثلين فلولاكم لتمكن مالتوس من وأد المسرح السعودي فنحن نفتخر بإنجازاتكم ونعول عليكم تطوير الموارد بدلًا من قتل المواهب.

عارف البحراني 
20/9/2022م