ومضات إداريـة (١) المدير القائد
سلسلة مقتطفات من رؤيتي الخاصة في علم وعالم الإدارة، ووقفات عند مجموعة من التجارب الشخصية والخبرات الخاصة في مسرح الميدان الإداري أطرحها عبر عدد من المقالات على صحيفتنا الغراء "الحدث"، باسماء مختلفة ومحتوى متغير يشمل: مصطلح المدير القائد ومفهوم الإدارة وأنواع مدارس الإدارة ومنوعات وتجارب شخصية من مسرح الإدارة وغير ذلك.
يخلط الكثير بين مصطلح قائد ومدير معتقدين أن المصطلحين يحملان المعنى نفسه، والواقع خلاف ذلك فلكل واحد منهما صفات وخصائص تختلف عن الآخر، وأنا هنا لن أكتب تعريف لكل منهما كما يفعل بعض منظرين الإدارة، بل سأطرح عدد من الومضات في السلوك الإداري للقادة والمدراء الممارسين نتعرف من خلالها على الفرق بينهما:
- المدير الذي يعمل على بقاء موظفيه يعملون مُنهكين طوال ساعات العمل في بيئة عمل سيئة طاردة غير جاذبة دون تلمس إحتياجاتهم النفسية ومراعاة الفوارق الشخصية وتعزيز شعورهم بالرضا، بالنتيجة لن يجني سوى الفشل ولو حقق بعض النجاحات المؤقتة، فالعبرة بالخواتيم وتحقيق غايات وأهداف المنظمة على المستوى الرسمي وترك الأثر الطيب عند الرحيل المحتوم على المستوى الشخصي.
- المدير الغوغائي هو الذي عندما يكلف بالإدارة يبدأ مهام عمله بالتغيير غير المبرر والعبث في خطط وسياسات وهيكل المنشأة، فقط من أجل إثبات وجوده ووضع بصمة سريعة له، والصواب أن المدير القائد الفذ ينتظر يراقب ويطالع ويتابع مجريات العمل لفترة لا تقل عن مائة يوم ثم يبدأ بعد ذلك بالتغيير اللازم لتطوير المنظمة، ما عدا بالطبع ما يحتاج للتدخل والتصحيح السريع.
- أحد الأدوات المهمة لقياس أداء ومدى نجاح المدير القائد خلاف النجاح في تحقيق أهداف المنظمة هي قدرته على بث الطاقة الإيجابية وغرس حب العمل والتعاون بين الموظفين، وأقوى مؤشر لقياس ذلك استمرار حب واحترام وتقدير الموظفين له بعد رحيله، فحب الموظفين لمديرهم فن لا يجيده إلا قلة قليلة من القادة.
- يواجه القادة في المنظمات صعوبات وأمراض إدارية عدة تحتاج منهم بذل المزيد من الدراسة والتحليل وإيجاد الحلول والعلاج السريع لها قبل تفاقم المرض وانتشاره وتأثيره السلبي على نتائج ومخرجات المنشأة ومن تلك التحديات: "الترهل الإداري، التوحد الإداري، رهاب اتخاذ القرار، صعوبة الاتصال، الخوف من الرؤساء، العمى الإداري، التسرب الوظيفي، الكسل الإداري، فقدان الثقة، الخوف من التقنية، مقاومة التغيير"، وفي قدرة المدير القائد على الحد والتقليل من أعراض تلك المعوقات وعلاجها دليل قاطع على نجاحه في السير بمنظمته إلى بر الأمان.
- تبني المدير القائد علاقة إنسانية تقوم على الثقة والاحترام المتبادل بينه وبين الموظفين، وسعيه لتهيئة بيئة عمل جاذبة يسودها جو من الحب والإنسجام بين الموظفين أنفسهم، لا شك أن ذلك سيولد المزيد من الأفكار الإبداعية والعمل الجاد المتقن الذي يصب نهاية المطاف في مصلحة المنظمة وتحقيق أهدافها المرسومة.
- من أبغض الأساليب الغير إدارية التي يسلكها بعض المدراء التسلق على أكتاف الموظفين بسرقة أفكارهم وتجيير جهودهم ومخرجاتهم لنفسه وإبقاء المبدعين في الظل، والصحيح أن المدير القائد هو من يبرز تميز موظفيه ويشجعهم على المبادرة بتقديم المزيد من الأفكار الإبداعية التي تصب في مصلحة المنظمة ككل لا لمصالحه الشخصية.
- يخطئ بعض الأشخاص عندما يظن بمجرد تبوئه كرسي الإدارة بأن لديه من الذكاء والخبرة والمهارات الكافية للقيام بمهام عمله دون الاستعانة بقدرات وإمكانيات الموظفين، والمدير القائد هو من يكتشف ويستثمر مهارات وكفايات الموظفين جيدًا ويسعى لتوظيفها بكفاءة وجودة عالية لتحقيق أهداف المنظمة.
المستشار والكاتب:
محمد بن سعيد آل درمة
@mohammedalderm