٠٠ غُربة وغُرباء ٠٠
منذُ قبل أربعة عقود خلت ونحن نسمع بالإذاعة عن الغُربة والمغتربين وكيف تكون الإشادة بدور المغتربين في بناء المجتمع الذي يغتربون به والمردود الإيجابي لذوي المغتربين في اوطانهم !!
يترك المغترب وطنه من أجل البحث عن عمل في وطن آخر وكانت الغُربة غُربة عن الدار والوطن وكان المغترب يمكث خارج وطنه الشهور والسنين
لا يعرف عن حال أهله شيء سواءً الحالة الصحية أو الاجتماعية !!
كانت الرسائل بين المغتربين وذويهم عن طريق المسافرين ذهابًا ًواياباً مابين وطن المغترب والوطن الذي يعمل به المغترب وتكون الرسائل
إما مالية أو ورقية بحسب ظروف المغترب، كان المغترب يقاسي الأمرين غربة البعد عن الأهل وغربة عدم وسائل الاتصال وبعد المسافة عند العودة للوطن كل ذلك كان الأثر الكبير في حياة المغترب !!
تعلمت من دروس الغُربة أشياء كثيرة بالرغم أنني لم أكن مغترباً خارج وطني ولكن كنتُ اعمل خارج منطقتي التي اقطن بها، خمس سنوات قضيتها تمر بي الأيام والشهور لا أسمع عن أسرتي شيئاً ويزداد الشوق والحنين للأسرة خصوصا ً فترة الأعياد فهي أصعب لحظات العمر !!
اليوم لا تجد مغتربين مع وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة فالمغترب في أقصى بقاع الأرض يستطيع التواصل مع أسرته تواصل مباشر وكأنه ليس مغترباً بل مقيم معهم بنفس الدار !!
اليوم يوجد غُرباء وليس مغتربين غُرباء عن أبنائهم وهم أمامهم غرباء عن أسرهم وهم مقيمين معهم، غُرباء عن مجتمعهم وهم بداخله، غُرباء عن عالمهم وهم يعيشونه، غُرباء حتى عن أنفسهم !!
اليوم قد تكون الحاجة ملحة من أي وقت مضى لعودة الغُربة التي بالعقود الماضية من أجل أن يحس الغِرباء بقيمة أنفسهم وقيمة أهلهم ومجتمعاتهم !!
اليوم نتحدث مع الغُرباء ونترك الحديث مع الأهل والأصدقاء
نبتسم للآخرين وهم بعيدون عنا ونعبس في وجوه أقرب الناس إلينا، نتواصل مع الآخرين في أقطار شتى بالساعات ولا نتواصل مع أحبابنا للحظات !!
غُرباء بدون غُربة ومشغلين أرواحنا بدون كُربة فهل يعني ذلك تطوراً واقتداء أم جهل وغباء !
٠٠ بقلم جبران شراحيلي ٠٠