الراكور
عارف البحراني
مهمة الراكور في الأعمال التلفزيونية والسينمائية الدقة والمتابعة المستمرة والربط بين الحالة والهيئة والصوت في المشاهد التتابعية للمحافظة على الترابط بسبب الوقفات أثناء التصوير ونشير إليها بتعريف مختصر (هو التقيد بحالة معينة والثبات عليها من زمن لآخر) وهذا يعني المحافظة على الحالة بهيئتها وحالتها كما أشرنا إليها سابقًا مع مراعاة الإتصال البصري وتتبع الحالة الحالية في العرض ، وهذا التدقيق يعطي ترابط حقيقي ملازم للصورة والصوت يشعر المشاهد أن المشهد متصل ولا يشعر بالوقفات التصويرية أثناء العمل . ولكن لماذا هذا التدقيق؟! وماذا يعني ذلك؟!
يعني أن التدقيق مهمة متعددة الجوانب والأركان لتأطير الصورة بترابط منتظم فيما يخص بعضها ،منها وهي:
الأثاث والديكور والملابس والإكسسوارات وحتى الحركة للممثلين والهيئة وكلها ذات علاقة بعامل الزمان والمكان ونقطة الإتصال بينهما، ولتقسيم الراكور وتصنيفه باختصار هنا إلى:
*راكور المشهد: أي شيء ذو علاقة بالمشهد الحالي والمَشَاهِد التالية فهو راكور مبني إما على حدث أو إشارة إليه ومصاحب للعملية الدرامية بما يلزم منطقية وجودها ولزومها.
*وراكور الفقرة من المشهد: بقاء الشيء في المشهد مع تغير زاوية المشهد والمحافظة عليه كما هو من أفعال أو أدوات.
وتقاس العملية في بقية أفرع عمل الراكور كمساعد مخرج بنفس الآلية الفنية في كل قسم من أقسام العمل ككل:
*راكور الملابس. *راكور الديكور والاكسسوار. *راكور الأداء. *راكور الحركة. *راكور الصوت. * راكور الإضاءة.
كلها راكورات فنية للعمل بمطلق العموم المهني، ولكن هناك راكور مغيب عن البعض القلة من ممارسين مهنة التمثيل ويعتبر الأهم والأكثر خطورة في المجال ككل ويستند عليه أغلب جيل الرواد من العمالقة والمؤسسين ويدخل ضمن شواهد المهنة وركيزتها الا وهو (راكور الأخلاق والهوية) هذا الراكور الملاصق للممثل أينما رحل ويعد من الراكورات التي لا تحتمل التمييع والتليين وسَتُوَاجَه الأفعال المنافية للأخلاق للتدوين والتذكير من حين إلى آخر وفي فترات زمنية متفرقة تضع من يتجاوزها في دائرة الندم بعد النضوج الفني والأخلاقي وقد مضى من العمر ما مضى ، الجمهور لن ينسى أي عمل لا أخلاقي ممن ينتمي له جغرافيًا أو قبليًا أو حتى عربيًا وهذا هو ديدن السابقين ممن امتهنوا التمثيل وأخترق الخطوط الأخلاقية وبرروها وحاولوا إقناع المشاهد أنه لن يكون سوى تمثيل المشاهد الحميمية والقبل الماجنة الفاضحة وينتهي بهم المطاف إلى الندم والاعتراف بالتسرع وقبول هذا الدور الذي لا يمت للأخلاق بصلة ولا يعني ذلك أن هذا يعتبر من ضمن قاعدة أن السينما ليس لها سقف أو أن الحالة الإبداعية متوقفة على إظهار المشاهد الحميمية بدون الإيحاء بل بالمباشرة التي لا تخدم سياق الحدث ووجودها أو حذفها لا يؤثر على العمل إطلاقًا ، ناهيك عن إبداع المخرج في الإيحاء بدون المباشرة في المعنى وهذا فعلًا هو دور المخرج في إيصال المضمون دون التجريح .
إلى كل أصدقائي في المجال الفني ممن كانوا مبتعثين أو متأثرين بالهوية الغربية ممن يؤمنون بتشريع الأعمال الغير أخلاقية في بعض المشاهد في حالات حميمية أو مشاهد القبل بوجوب وجودها وأنها مرتبطة بالواقعية وما إلى ذلك من التبرير الغير مقنع للطرفين أساسًا ( هل هذا هو ما جلبته لنا من الغرب )؟! أخذت من افعالهم أنتنها ؟!
للتذكير فقط ستدون تلك اللقطات عند جمهور لا يغفل عن التدوين إطلاقًا وستندم لا شك في ذلك أبدًا .
حافظ على الراكور الأخلاقي وعلى الهوية قبل أن تندم.