"التخبيب" الرياضي
الدكتور صالح الحمادي
يعتبر انتشار ظاهرة "التخبيب" في وسطنا الرياضي نذير شؤم على كل من ارتضى هذه الممارسات المخالفة للشريعة، والمخالفة لكل نواميس الحياة ، يكفي أن هذا "التخبيب" ألغى قاعدة العقد شريعة المتعاقدين وأصبحت العقود غير ملزمة للطرفين، ولا قيمة لها، ولا يوجد فترة حرة بمعناها الحقيقي، ولا فترة لوضع اللاعب على قائمة الانتقال، وأسس هذا " التخبيب" لقاعدة من زاد شرى.
"التخبيب" يا سادة يا كرام هو ما يطلق عليه إفساد المرأة على زوجها، أو الرجل على زوجته، وهو أمر محرمٌ، وينطبق عليه ما ينطبق على تخبيب الموظف على جهة عمله، واللاعب على ناديه المرتبط معه بعقد والعقود شريعة المسلمين ، ويترتب على هذا " التخبيب" مفاسد عظيمة.
قَال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من خبب امرأة على زوجها ، أو عبداُ على سيده"، وقوله صلى الله عليه وسلم «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ خَبٌّ...»
التخبيب مفسدة ومنتشر بشكل بشع في الوسط الرياضي، وعلى عينك يا تاجر، ولا أبالغ إذا قلت إن أغلب الصفقات التي تمت بين الأندية السعودية تمت بطريقة" التخبيب" والقصص كثيرة ولا يتسع المجال لسردها ، وأغلب الوسط الرياضي وخاصة الوسط الإعلامي يعلم تماماً تفاصيل هذه الصفقات ولكن "ربا النجش" سيطر على عقولهم فإن كانت الصفقة لصالح النادي الذي يميل له الإعلامي فهي محببة وزين البضاعة " بربا النجش" ، وإن كانت عكس ذلك فالرأي منقلب على عقبيه، وفي كلا الحالات ميل كل الميل، وحشف وسوء كيله، بل أن النغمة الإعلامية التي أسست ومهدت لهذا "التخبيب" هي التي نشرت التعصب المقيت بين الأندية ، وساهمت في اتساع رقعة الخلاف بين بعض الأندية، وسكبت زيت نارها على هذه الهنات للتتحول إلى شحناء، وبغضاء، وكراهية بسبب "جلد منفوخ" ليس إلا.
من المستفيد من خلاف الاتحاد والنصر الذي وصل ذروته في أروقة اللجان واتسع حتى وصل "الفيفا؟ ومن المستفيد من إيقاف لاعب مثل حمد الله تسع مباريات يتضرر منها النادي الكيان ولن ينقص من راتبه دولار واحد؟
لماذا لا يقف الإعلام بقيمته ومهنيته ضد "التخبيب" بكل أشكله؟ وضد الهياط ومعاصيه، وضد إيقاف اللاعبين الخارجين عن النص بسلوكياتهم المشينة عن لعب المباريات نهائيًا ، والاكتفاء بعقوبات مالية مرتفعة تحد من خروج هؤلاء اللاعبين عن النص، ويكمل الإعلام دوره الراقي في عدم نشر الكراهية ، والتعصب بين الأندية بتعميق العلاقات التاريخية التي تربط الأندية على مر التاريخ كما حدث بين النصر والاتحاد.
لو طبقت لدينا الجرائم المعلوماتية ولوائحها القوية على وسطنا الإعلامي الرياضي لكممت الأفواه إلى الأبد، ولو طبقنا العقوبات الشرعية على متعاطي " التخبيب" في وسطنا الرياضي لتوقف الغش والخداع والتغرير، والهياط، لأن الشرع يجرم مثل هذه الممارسات، ويدخل "التخبيب "ضمن القضايا الجنائية، ولو يعلم المفاوض أنه سيحلف أمام قضاة محلفين لرفض بيع دينه بعرض من الدنيا.
أوقفوا "التخبيب" بفتح المفاوضات على مصراعيها، ورزق الهبل على المجانين، وألغوا عقوبات إيقاف اللاعبين السيئين عن المباريات لأن المتضرر الكيان، واستبدلوها بمراهم الدراهم ، أما مهرجي الصوت الإعلامي المؤثر سلبياً فلا مكان للعقلاء بينهم ، وسلامتكم.