|

داء الكتمان " لا أحد يدري"

الكاتب : الحدث 2022-08-27 05:21:11

بقلم ـ  حافظة الجوف 


من فضل الله على البشر أنه أكرمهم بالكثير من الأمور الجيدة في حياتهم  من التوفيق في العمل والبركة في الرزق، والصحة والحياة بشكل عام , وكثير من الأحيان يشعر البعض برغبة بالتحدث عن ما يحدث معهم من أمور جيدة ، وميسرة بفضل الله للأصدقاء والأهل ، وما يجب أن نعلمه ؛أن التحدث بنعمة الله هو من حقوق هذه النعمة علينا ، ومن الإقرار بالجميل للمنعم سبحانه .
قال الله تعالى : ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) 

لكن من يلاحظ  حال البعض ممن استشرى فيهم داء الكتمان ،سوف يستوعب حقيقة هؤلاء الأشخاص .
"لا أحد يدري "جملة تتردد على مسامعنا كثير يستخدمها البعض بأسلوب ساخر في بعض حالاتهم وأوضاعهم،
لكن الأمر تعدى عند البعض إلى درجة اصبحوا يعانون من  داء الكتمان هذا الداء الذي استشرى في مجتمعنا وأصبح الأهل غُرباء عن بعض بعيدين عن حياة بعض ، أمر ابتُلينا به في هذا الزمن .


فغالبية الأسر اعتادوا في معظم أمور حياتهم على إخفاء شؤونهم؛حتى على أخوانهم وأخواتهم،  نجاح ، قبول في دراسة ،وظيفة،خطبة ، شراء منزل ، سفر وما إلى ذلك من الأمور ، إلى أن أصبح الوضع عادة متوارثة ترّبوا عليها، وتأصلت لديهم، حتى أصبحت موروثاً يصعب عليهم التخلص منه، وقد لا يسعون إلى ذلك؛ مما جعل المفاهيم لا تتغير كثيراً عن السابق؛ لأنه لا يوجد استعداد لتغييرها.

السبب الرئيس في ثقافة "لا أحد يدري" هو خوف البعض  من العين، حيث ينسى البعض أن لهم أقرباء وأصدقاء مقربين يشاركونهم الفرحة والاهتمام؛ مما يجعلهم ينتهجون سياسة الكتمان دون أن يعلموا لماذا، والمشكلة تكمن في عدم التفريق بين ما يجب أن نُُفشيه، وماعلينا إخفاؤه، وبين الأشخاص أنفسهم كذلك، فـ الكثيرين يخفون أخبارهم السارة والمفرحة وحتى الأمور التي تتطلب استشارة ،حتى عن أقرب الناس إليهم؛ ويصل الأمر عند البعض أن يخفوا حتى أمورهم الصحية وإن أصابهم مرض على العلم أن المرض بلاء والسؤال عن حال المريض والدعاء له من باب صلة الأرحام ، لكن حقيقة الأمر هو الابتلاء بداء الكتمان ، مما ينفر الآخرين منهم، ويجعلهم يتعاملون معهم بالمثل.

وعلى الرغم من أننا نؤمن بالعين والحسد، إلاّ إننا مؤمنين كذلك أن الدعاء والأذكار  هي الحصن الحصين،
فلابد من ترك الوسوسة، والتعايش بشكل إيجابي مع المحيطين، لا سيما أن الأمور العامة ستنكشف لا محالة .


تفاصيل كثيرة في حياتنا لا نحس بها إلا حين تغيب من حياتنا فلا ننتبه لجمالها وأهمية وجودها في حياتنا إلا عندما يحين موعد غيابها لسبب أو لآخر فنشعر بأن هذا ، هي العادة إننا لا نشعر بقيمة الأشياء إلا عندما نفقدها. 

متى نصفي قلوبنا ونقدم حسن النية ، ونعود كما كنا؟