|

*الثقة في غير محلها *

الكاتب : الحدث 2022-08-24 01:37:53

 

قد يتعامل الشخص مع جميع فئات المجتمع بطيب النية فيعتقد أن الكل  يشبهونه في نظرته للناس وحسن نيته وطيب سريرته ، فيعاملهم بما يرى نفسه ويحب أن يعاملونه الناس به من حسن الظن ....
وهنا أتحدث عن موقفين  تحدث بهما بعضًا من أصدقائي :

الأول: يذكر لي صديق صادق أن أحد الأشخاص إستنجد به وشكى له معاناته من مرض نفسي وخوفه من فئة معينة من الناس ، وطلب منه مساعدته ، فأستشار أطباء نفسيين وقال له أحدهما : لابأس بمساعدته وأكسب فيه أجرًا ،وحالته عادية لا تدعو للقلق ، وقال الآخر : من يعاني من مثل هذا المرض يعتقد أن من يتقرب منه ويحاول مساعدته في بعض الحالات  أنه يريد الإضرار به . وهنا من مبدأ أن الرجل يحب عمل الخير أخذ برأي صاحب المشورة الأولى ،  وقال سأساعده وأكسب به أجرًا بإذن الله . وفعلًا بدأ بمساعدته وبدأ يأخذ تصرفاته على أنه مريض نفسيًا وأراد إخراجه من تلك المعاناة النفسية ، وقال لعلي أخرجه من هذا المرض والشكوك ويفسر تصرفاته ورسائله على أنه مريض ويحتاج للمساعدة ويرد عليها بكل لطف وأدب مراعاة لنفسيته وتحقيقًا لما وعده به من مساعده . وبعد فترة ليست بالطويلة تفاجأ بذلك الشخص يتهمه بأشياء نسجها من خياله وبنى عليها قذف وسب وأدخله بدوامة لا يعلم كيف تنتهي والله المستعان .وقال ليتني أخذت بمشورة الطبيب الثاني !.
 
والموقف الآخر : يذكر لي صديق آخر ويقول أن له مبدأ بالحياة وهو مساعدة الآخرين استنادًا للحديث (والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه ) ويذكر أنه إتصل به أحد أصدقائه بوقت متأخر من الليل وهو بفراشه وعندما رأى ذاك الأتصال  ظن أن المتصل يحتاج لأي مساعدة فهو يراه رجلًا عاقلًا ومثقفًا وكان ذات يوم ذو منصب مرموق وإعتقد أنه لن يتصل به بهذا الوقت المتأخر إلا وله حاجة ، وبعد الإتصال تفاجأ أن المتصل كان  في مسامرة مع بعض من أصدقاءه ودار حديث حيال صديقي  المتصل عليه وأن أحد مسامريه ذكر له لبس في موضوع يتعلق به ، فأخذ هاتفه ورن عليه ووضع الهاتف  على المكبر ليسمع أصحابه النقاش بينه وبين المتصل عليه ، دون أن يُشّعِر المتصل عليه أن الهاتف على المكبر ولا يعلم ماهدفه من ذلك ؟؟؟ وحيث أن المتصل به كان يثق بالمتصل ولم يخطر بفكره أن ذلك المتصل المرمرق (على الأقل من وجهة نظره ) لا يمكن أن يكلمه والهاتف  على المكبر وبجانبه إناس لديهم توجهات سلبية وإحتقانات تجاهه رغم أنه لا يعرفهم من قبل !!! وتسبب ذلك الإتصال بتدخل من بجانب المتصل والسب والشتم له في الهاتف وأصبح في حيرة من أمره ! يقول عندما رأيت الإتصال المتأخر قلت لعله يحتاج مساعدة في هذا الوقت وإذا به يلقى سبًا وشتمًا فما ذنبه !!!! أهذا جزاء الإحسان ؟ أهذا جزاء الثقة؟  أيجب أن لا يثق بأحدٍ مستقبلًا؟ وإذا انعدمت الثقة بين الناس فماذا بقي من مكارم الأخلاق ؟؟

وهنا أستذكر قول الشاعر : ومن يفعل المعروف في غير أهله /يكن حمده ذمًا عليه ويندم .

وخلاصة القول :كما ورد في المثل(إتق شر من أحسنت إليه ). 

وأقول للجميع لا تضيعوا مكارم الأخلاق لا تجعلوا الثقة تنعدم بين الناس . والرسول صلى الله عليه وسلم قال:(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ويقصد مكارم الأخلاق التي كانت عند العرب قبل الإسلام .

محمد بن سعيد أبوهتله