|

سحر البيان ولفظ اللسان

الكاتب : الحدث 2022-06-07 12:39:10

بقلم / علي الصافي


قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن من البيان لسحرا)) .
وللغة العربية السلطة العليا على بقية اللغات في معاني الكلمات والوصف والتشبيه والجناس والطباق والتورية ...إلخ وأطرح بين أيديكم بعض منها :
على سبيل المثال كلمة " حُمر الدلائل "
فأتذكر بيتاً من الشعر الجميل للشاعر / كريم العراقي يقول فيه  :
‏" فالهم كالسيل والأمراض زاخرة .
‏حُمر الدلائل مهما أهلها كتموا" .
‏فمن يتمعن في كلمة "حمر الدلائل" يجد عمق المعنى في قوة وجزالة اللفظ ، أي أن المشاعر تجاه أي شي كان بشعورها ، فرح ، حزن ، ألم ، إنشراح ، تكون واضحة على صاحبها مثل العلامة الحمراء التي لا تخفى العين وتتميز عن غيرها في الوضوح ، وتدل على ذلك الشعور في ملامح صاحبها .

ويعبّر أحدهم على لسان الأنهار بقوله :
" إذا جف النهر تقول الأنهار الباقية غَرق في اليابسة "
ويعطي ذلك صورة عكسية وجمالية لمفهوم الغرق في ذهن كل منّا وفكرة جديدة على استشعار الطبيعة بشكل حقيقي .
يتغنى بذلك الشاعر عـَبدالله البردوني بقوله :
" حبيب تسأل عن حالي وكيف أنا ؟.
شبابة في شفاة الريح تنتحبُ ."
والشبابة هي : مزمار خشبي يكون مع الراعي يُؤْنِس به وحدته.
وعلى سياق ذلك يعبر الأستاذ ضيف فهد بقوله :
"في انعكاس الرؤية والأدوار ، أرى ظلال الشجر مصابيح النهار "
وجمال المتضادات في اللغة يمزج : الجمال ، بالحسن فتتكون أجمل صورة نراها في الخيال اللغوي ، وذكر ذلك دوقلة المنجبي في قصيدة " اليتيمة " بقوله :
" ضِدان لمّا استجمعا حُسنا 
والضد يظهر حسنه الضدُ "

وللجمال وجه آخر في الثقافة الشعبية الجنوبية وشعرها ومثالها الشاهد العرضة وما يعطي الجناس أو "الشقر" جرساً طربياً ونغمة شجية في أذن من يسمعها ويتذوق فنها 
يقول الشاعر أحمد الدرمحي متغنياً بدياره :
"لو أجبرتني الظروف أغادر الباحة أيام.
 أرجع لها كنها تجذبني الجاذبية ."
ويرد الشاعر عبدالواحد الزهراني ببيت غزلي جميل يقول :
" عليك قلبي غدا عاشق ومغرم وهيّام .
   سوالفك ما تمل ونظرتك جاذبية ."

لعلي لم أوفي ، ولكن أحببت الترغيب والمشاركة بشي بسيط في حق ذلك ، وتركت الجوهر المكنون مدفون بجمالها ليبقى لكم ما يشّفكم إليه ، وإذا عصفت الكلمات تلوذ المعاني بالمرونة والحروف بالثبات .