|

(أنت الفعل وليس ردة الفعل)

الكاتب : الحدث 2021-08-14 11:56:05

لطالما تكرر علينا مشهد الإساءة من تجاوزات الآخرين والتعدي على حقوقنا بشكل أو بآخر, سواء كانت من أحبة ومقربين أو من أشخاص نرتبط بهم للضرورة كزملاء العمل, الدراسة وإلخ...
من منا لم يُؤنِب نفسه على كلمة قالها في لحظة غضب!
من منا لم يُعاقب نفسه على ردة فعله العنيفة!
من منا لم يوبِّخ ذاته على ضعفه ومهانته!
و كم منا شكروا أنفسهم على صمتهم و تصرفهم بحكمة تجاه السفهاء من حولهم!

قال عليه الصلاة والسلام: "ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".. أن يملك الإنسان نفسه عند الغضب يعني أنه ملك نفسه وتمكن منها وتوقف عن كونه ردة فعل..
عندما يصبح الإنسان مجرد ردات فعل لا حول له ولا قوة, يغضب إذا أغضبوه ويفرح إذا اسعدوه..فهو أسير لدى الآخرين فلا يملك ذاته ويزداد ضعفاً ومهانة..
الجميع يغضب وهذا طبع فينا, لكن الإختلاف بين القوي والضعيف يكمن في ردة الفعل..!
أن تتلفظ بأقبح الألفاظ بحجة أنك غاضب..
أن تتبلى وتجحد وترفع صوتك والله تعالى يقول:(واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير)
فهذا كله إن دل على شيء فهو يدل على ضعف الشخصية وقلة التحكم في الذات..

ولا أريد من القارئ أن يفهم بأني أدعو إلى الصمت والتنازل والضعف والمهانة, لا و ألف لا .. إنما العكس تمامًا..
بل أن لا يفقد قدرته على التحكم في كيانه نتيجة سوء أفعال الآخرين فينزل إلى مستواهم حتى يرد عليهم..
أن تنتقم باعتزالهم واعتزال شرهم فالفاروق يقول :"اعتزل ما يؤذيك".. ولا تشعرهم ببهجة أنهم تمكنوا منك فأغضبوك وأفقدوك ابتسامتك..
أن تختار عدم الرد ليس لخوفٍ منهم بل لأن البعض لا يستحق أن يكون بينك وبينهم حتى خصومة فكل شيء كثير عليهم.. 
أن تتصرف بقيمك وأخلاقك ولا تسمح لنفسك بالخوض مع قبيحي الأخلاق ومحبي القيل والقال..
أن تكون حليماً فيتقوا شر غضبك إذا غضبت ولطيفاً فيحزنهم عتبك عليهم..
وإن كان لا بد من الرد فلنا هذا البيت: يُخاطبني السفيه بكل قبح فأكرهُ أن أكون له مجيباً يزيد سفاهةً وأزيد حِلماً كعودٍ زاده الإحراقُ طيباً

دمنا ودمتم مالكين لأنفسنا عند الغضب...

مسعودة ولي
masudah77