|

كيف يمكن أن يسقط عمالقة التكنولوجيا في الولايات المتحدة؟

الكاتب : الحدث 2021-08-19 12:43:43

 

رسخ عمالقة التكنولوجيا في العالم أنفسهم بعمق في المخيلة الشعبية لدرجة أن قلة من الناس يمكنهم تصور عالم رقمي تقوده أي أسماء أخرى. لكن هذا الافتراض يتغافل عن مدى السرعة التي يمكن للرأسمالية أن تقلل بها من حجم العمالقة.
تتصدر شركات التكنولوجيا الأمريكية المراكز العشرة الأولى في العالم من حيث القيمة السوقية ولا يرى كثير من المعلقين والمستثمرين أي سبب للتشكيك في استمرار هيمنتها. عشرات المحللين يعملون على تقييم كل من شركات التكنولوجيا الكبرى، وكل واحد منهم لديه حاليا تصنيف شراء على "ألفابيت" و"أمازون" و"مايكروسوفت". يتم تفضيل "أبل" و"فيسبوك" أكثر إلى حد كبير من الأسهم العادية.
الرواية التقليدية هي أن هذه الشركات العملاقة تنمو أكبر وأسرع وأكثر ديمومة من أسلافها. وباعتبارها منصات إنترنت، فهي تستفيد من "تأثيرات الشبكة"، وزيادة الكفاءة والحماسة، مع اكتسابها للعملاء وترسيخ سيطرتها على الاقتصاد بسرعة، وقيل إنها لم يسبق لها مثيل "في تاريخ الرأسمالية".
لكننا رأينا الكثير من هذا في السابق. تظهر بيانات تعود إلى 1970 أن الشركات التي أنهت عقدا في المراكز العشرة الأولى شهدت مكاسب أرباح متوسطة بلغت نحو 330 في المائة على مدار ذلك العقد، وتغلبت أسهمها على السوق بأكثر من 230 في المائة. لم تكن المراكز العشرة الأولى في 2010 مختلفة عن المعتاد، فقد ارتفعت الأرباح بنسبة 350 في المائة وتفوقت أسهمها على السوق بنسبة 330 في المائة.
بحلول نهاية 2010، مثلت المراكز العشرة الأولى 16 في المائة من قيمة سوق الأسهم العالمية، وكانت مماثلة لأعلى عشرة أسهم في نهاية السبعينيات والتسعينيات.
نظرا لمدى شهرة علامات التكنولوجيا التجارية في الولايات المتحدة، ينسى الناس بشكل كبير أن أمازون وفيسبوك لم تكونا قبل عقد من الزمان بين أفضل 100 شركة في العالم من حيث القيمة السوقية. أيضا ارتفاعها السريع ليس بالأمر غير المعتاد. في المتوسط، الشركات التي تصل إلى المراكز العشرة الأولى تصعد نحو 75 مركزا على مدار عقد للوصول إلى هناك، ثم تتلاشى.
منذ 1970 كان لدى الشركات التي أنهت عقدا في المراكز العشرة الأولى على مستوى العالم فرصة أقل من واحد من خمسة لإنهاء العقد التالي هناك. احتلت شركات النفط القائمة في السبعينيات، تلتها البنوك اليابانية في الثمانينيات. وصلت الأسماء التكنولوجية إلى القمة في التسعينيات، لكن القائمة تتغير باستمرار.
فقط شركتا تكنولوجيا أوروبيتان، "دويتشه تليكوم" و"نوكيا"، وصلتا إلى المراكز العشرة الأولى. دخلتا هذا النادي خلال التسعينيات قبل أن تسقطا بسرعة. شركة واحدة فقط، هي "مايكروسوفت"، أعادت تقديم نفسها في كثير من الأحيان بما يكفي للبقاء في نادي العشرة الكبار لمدة ثلاثة عقود.
طفرات النمو الهائلة أمر طبيعي عندما تعمل الرأسمالية. كذلك التدمير الخلاق. الشركات الكبيرة تنمو بصعوبة. تتحدث بجنون عن البقاء لكنها في الحقيقة تنفصل عن أذواق الشباب وتتنازل عن أراضيها للمنافسين الأكثر فطنة.
هناك تهديدات أخرى أيضا. في الآونة الأخيرة أظهرت الصين مدى السرعة التي يمكن أن يؤدي بها هجوم تنظيمي إلى إسقاط الشركات العملاقة، عندما سددت لـ"علي بابا" ضربة أخرتها من المراكز العشرة الأولى على مستوى العالم. وسواء كان ذلك نذيرا لما يمكن أن يصيب عمالقة التكنولوجيا الأمريكيين أم لا، فإن الخطر الذي يمثله المنظمون المتحمسون أقل تأثيرا من المنافسة الرأسمالية.
الإنترنت بحد ذاتها تتطور باستمرار. يتسابق العمالقة مع المبتدئين لبناء منصة الإنترنت التالية، التي من المحتمل أن تتضمن عناصر من الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز أو الافتراضي. تحاول "فيسبوك" إعادة تقديم نفسها مضيفا لـ"ميتافيرس"، وهي رؤية للإنترنت باعتبارها مساحة افتراضية ثلاثية الأبعاد متصلة بسلاسة بالعالم المادي. اعتبارا من الآن، توجد النماذج الأولية الأكثر تقدما من "ميتافيرس" على منصات الألعاب التي تديرها شركات جديدة.
التحولات الكبيرة في الأسواق العالمية كانت ناجمة عن قيام البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة لإبطاء الاقتصادات المحمومة. وبالمصادفة كانت تلك التحولات تتراجع قرب نهاية كل عقد. يمكن القول إن التحول الذي بدا وشيكا في أوائل 2020 قد تأخر بسبب الوباء الذي جلب موجة جديدة من الأموال السهلة من البنوك المركزية إلى أسواق الأسهم، وتدفق عملاء جدد على خدمات الإنترنت الكبيرة.
على أي حال، من المرجح أن يمر هذا التأجيل. بحلول أواخر العام الماضي، بدأ نمو أرباح عمالقة التكنولوجيا في العالم في التباطؤ، مقارنة ببقية العالم. في الماضي كان تباطؤ نمو الأرباح مرتبطا بضعف العائدات النسبية للمراكز العشرة الأولى، وفي معظم الأحيان، كان هناك تراجع في نهاية المطاف من القمة.
في العقد الذي يلي وصول الشركات إلى المراكز العشرة الأولى عادة ما تشهد انخفاضا في نمو الأرباح من 16 في المائة سنويا إلى 4 في المائة. مع انخفاض نمو الأرباح تنخفض أيضا الربحية وجاذبية السوق. بعد الخروج من المراكز العشرة الأولى عادة ما ترى الشركات العملاقة أن العوائد تتحول إلى سلبية، ويتقلص أداؤها النسبي 70 في المائة خلال العقد التالي. في الواقع، تفقد جميع المكاسب التي حققتها في مسيرتها نحو القمة.
في المتوسط ، تتراجع الشركات العشر الكبرى خلال العقد التالي نحو 60 مركزا في التصنيف العالمي - وهي نتيجة لا ينبغي أن تكون مصدرا للحزن. المنافسة والاضطراب يكمنا في قلب النظام الرأسمالي الفعال. هذا هو السبب في أن عمالقة العقد الواحد غالبا ما يقدمون مثل هذه العوائد المخيبة في العقد التالي، ويتقلصون في المخيلة الشعبية. توقع أن يتكرر هذا النمط ما لم تنهار الرأسمالية حقا.

كبير الاستراتيجيين العالميين في مورجان ستانلي لإدارة الاستثمار ومؤلف كتاب "القواعد العشر للأمم الناجحة"