|

قوة العواطف: كيف تؤثر مشاعرنا على قراراتنا

الكاتب : الحدث 2025-02-04 01:35:17

 غادة شوعي : أخصائية نفسية أطفال ومراهقين وراشدين وأخصائة القياس النفسي.

تعتبر العواطف جزءًا أساسيًا من تجربتنا الإنسانية، فهي ليست مجرد ردود فعل على الأحداث من حولنا، بل تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل قراراتنا وسلوكياتنا. و سنستكشف معا في هذه المقالة كيف تؤثر مشاعرنا على قراراتنا، وسنستعرض استراتيجيات اتخاذ قرارات سليمة.

فإن تأثير العواطف على القرارات  تلعب دورًا رئيسيًا في توجيه سلوكنا واتجاهاتنا. على سبيل المثال، قد يؤدي الشعور بالسعادة إلى اتخاذ قرارات إيجابية، بينما يمكن أن يؤدي الشعور بالخوف أو القلق إلى اتخاذ قرارات مندفعة أو محفوفة بالمخاطر.

كما أن العواطف يمكن أن تعيق التفكير العقلاني. عندما نكون تحت ضغط عاطفي، يصبح من الصعب علينا تقييم الخيارات بشكل موضوعي. هذا يمكن أن يؤدي إلى قرارات غير مدروسة، فمشاعرنا قد  تؤثر أيضًا على كيفية تفاعلنا مع الآخرين وعلاقاتنا بهم ، مثل اختيار الأصدقاء أو الشركاء تتأثر بالمشاعر التي نشعر بها تجاههم.

ومن الاستراتيجيات التي تساعد على اتخاذ القرارات السليمة:

1- التأمل والوعي الذاتي:
   قبل اتخاذ أي قرار، من المهم أن نكون واعين لمشاعرنا. يمكن أن يساعد التأمل في فهم المشاعر بشكل أعمق، مما يسمح لنا باتخاذ قرارات أكثر وعياً.

2- جمع المعلومات:
   قبل اتخاذ قرار، يجب جمع المعلومات اللازمة. هذا يساعد على تقليل تأثير العواطف على القرار، ويعزز التفكير العقلاني.

3- النظر في العواقب:
   من المهم التفكير في العواقب المحتملة للقرار. هل سيؤدي إلى نتائج إيجابية أم سلبية؟ يساعد هذا التحليل في اتخاذ قرار متوازن.

4- استشارة الآخرين ممن لديهم الخبرة والعلم:
   يمكن أن تكون آراء الآخرين مهمة في اتخاذ القرار. قد يساعدنا الاستماع إلى وجهات نظر مختلفة في رؤية الأمور من منظور مختلف وتقليل تأثير العواطف.

ويمكننا أن نرى من خلال القرآن والسنة كيف تؤثر العواطف على القرارات، فهناك العديد من الأمثلة التي توضح ذلك منها:

1. قصة يوسف عليه السلام ..
 

العواطف وتأثيرها: عندما أُلقي يوسف في البئر من قبل إخوته، كانت مشاعرهم من الغيرة والحسد هي التي دفعتهم لاتخاذ قرارهم المؤلم. ولكن يوسف، رغم ما تعرض له، ظل متمسكًا بالأمل والإيمان، مما قاده إلى اتخاذ قرارات سليمة في مواجهة الظروف الصعبة، مثل اتخاذ القرار بالثقة في الله والسعي إلى النجاح في مصر.

2. قصة موسى عليه السلام ..
العواطف وتأثيرها: عندما رأى موسى عليه السلام ظلم فرعون لبني إسرائيل، تأثرت مشاعره بالرحمة والغضب، مما دفعه لاتخاذ قرار بالمواجهة. هذا يعكس كيف يمكن للعواطف مثل الغضب من الظلم والرحمة أن تحفز الأفراد على اتخاذ قرارات مهمة تؤدي إلى التغيير.

3. قصة أصحاب الكهف ..
العواطف وتأثيرها: في سورة الكهف، نجد أن أصحاب الكهف اتخذوا قرارًا بالاختباء من ظلم قومهم، مدفوعين بمشاعر الإيمان والخوف من الله. كانت مشاعرهم تعبر عن رغبتهم في الحفاظ على إيمانهم، مما أدى بهم إلى اتخاذ قرار حكيم يحميهم.

4. حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم ..
النية والعواطف: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى". هذا الحديث يبرز أهمية النية والعواطف في اتخاذ القرارات. العواطف التي تحركنا نحو نوايا حسنة تؤثر بشكل كبير على نتائج قراراتنا.

5. قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ..
التأثير السلبي للعواطف: عندما تخلف الثلاثة عن غزوة تبوك، كان ذلك نتيجة لمشاعر الندم والخوف. هذه المشاعر قادتهم إلى اتخاذ قرار غير سليم، مما أدى إلى عواقب وخيمة عليهم. ولكن بعد أن تابوا، أدركوا أهمية اتخاذ القرارات من منطلق الإيمان والثقة في الله.

ختامًا : إن فهم قوة العواطف وكيفية تأثيرها على قراراتنا يمكن أن يساعدنا في اتخاذ خيارات أفضل في حياتنا اليومية. من خلال استراتيجيات مثل التأمل، جمع المعلومات، والنظر في العواقب، يمكننا تعزيز قدرتنا على اتخاذ قرارات سليمة. ومع الاسترشاد بأمثلة من القرآن والسنة، نجد أن العواطف يمكن أن تكون قوة دافعة نحو الخير إذا تم توجيهها بشكل صحيح.