|

"تحريض الصديقات" خطر يدق أجراسه مهددًا استقرار الحياة الزوجية

الكاتب : الحدث 2022-11-29 02:40:51

مكة المكرمة - نهاد فاروق قدسي 


في الآونة الأخيرة تفشت مشكلة ازدياد حالات الطلاق وانهيار عدد ليس بالقليل من الحياة الأسرية وحدوث خلل في منظومة الحياة الزوجية حيث تصدرت قائمة المشكلات أسباب عدة ومنها : إدمان التكنولوجيا ومراهقة السوشيال ميديا ، تغيب مفاهيم التقدير والسكن والرحمة والاحترام فيما بين الزوجين ، الضغوطات المادية الخانقة ، تأخر  الفطام العائلي لأحد الطرفين مما يتسبب في التدخل المفرط من قبلهم وانتهاك خصوصيتهما الثنائية فى علاقتهما الزوجية، استخدام مفهوم القوامة في غير موضعة المناسب من قبل الزوج ، الخلافات المستمرة والمشاحنات المتكررة والتي تتسبب في إصابة الحياة الزوجية بالجفاف والكره ، وأخيرًا الصداقات السيئة وأثرها السلبي في تدمير البيوت وتشتت الأسر . 
كل ذلك كان له دوره الرئيسي في امتلاء أروقة المحاكم بقضايا الطلاق والنزاع ومايترتب على ذلك من نتائج وخيمة تؤثر على الفرد والمجتمع من ضياع للأبناء ونشؤ سلوكيات غير سوية وفشل دراسي وخلل نفسي في مراحل نموهم و مرافقتهم لأصحاب السوء الذين قد يجرونهم نحو الجرائم والطرق المظلمة.
هذا وكان من أبرز الأسباب التي استطلعتها الحدث وكانت سببًا في خلق كم هائل من المشكلات الزوجية وعامل هدم للحياة الأسرية هي : الصداقات السيئة ذات الأثر السلبي والطريق الموصل إلى هدم الحياة وارتفاع معدلات حالات الطلاق ارتفاعًا ملحوظاً ، وقد أثبتت الإحصائيات أن لأصدقاء وصديقات السوء أثرا كبيرًا في انهيار الحياة الزوجية ورسم خارطة نهايتها بالطلاق.


هذا وأبانت الأستاذة مها مراد قائلةً : من أهم أسباب الطلاق الشائعة هي محدودية التفكير لدى بعض النساء والشعور الممزوج لديهن بالأنانية الذي يجعلها لاتفكر مطلقًا سوى بسعادتها اللحظوية وانخراطها في عالم الصديقات وإهمالها لمسؤولياتها الأسرية والزوجية بدون اعتدال ووسطية حيث تجد الزوجة تتأثر بـهن وبنصائحهن التي ظاهرها الخير وباطنها الشر ، علاقة تربطها بصديقة سوء تسعى جاهدة لتخريب حياتها وإنهائها ، وإن مثل تلك العلاقة ماهي إلا علاقة هدامة لا بناءة، حيث لاتلتفت الزوجة لما تخفيه الصديقة من وراء ذلك التحريض والتخبيب والتأثير السلبي إلا بعد فوات الأوان ، فمنهن من تنصح صديقتها باسم "تمكين المرأة" وتستغل ذلك المصطلح للخروج عن حدود مسئولياتها الحقيقية وتعزز لديها الفهم الخاطئ كالتقصير في الواجبات تجاه الزوج والعائلة بحجة أن الزوج لم يعد يقوم بـ القوامة وحده كماهي فهو لا ينفق وحده ، ولايعمل وحده ولايكون خارج المنزل وحده ولايلبي احتياجات الأسرة وحده .. الخ )، على الرغم من أن تمكين المرأة أتى انطلاقاً من مبدأ بناء الأسر وتحقيق عائلة سعيدة وليس لهدم الأسرة وضياع الابناء .
وعلى صعيد آخر يعد استسلام الزوجة لنصائح "صديقة السوء" سببًا كبير في تعجيل نهاية الحياة الزوجية كأن تحثها بإرهاق الزوج بالكثير من الطلبات حتى لاتدع له فرصة بأن يتزوج عليها امرأة أخرى هذا لاسيما إلى أثر ذلك في وغر الصدور وبث الشك والقلق في نفسها ، هذا ولاننسى عددليس بالقليل ممن يقمن ببناء حياتهن  على دمار حياة أخريات وذلك بسرقة أزواجهن والاستيلاء على حياتهن طمعًا في المال أو شخص " الزوج " ذاته الذي كانت الصديقة تسعى جاهدة لرسم صورته بأسوأ صورة .
وتجد صديقة أخرى تسلط الضوء لـ صديقتها المتزوجة على حياة المشاهير وكيفية قضاءهن ليومياتهن مع أزوجهن ومايخلف ذلك مشاكل ومشاجرات بين الزوجين لأنها تسعى لتقليدهن ، هذا وقد وصلت بعض الأخريات بالتاثر بهن وبما يعددنه من حفلات الطلاق تعزيزًا لخراب المنازل وتشتت الأسرة كفانا والله وعفانا. 

وبدورها أوضحت الدكتورة نور بصفر أستاذ فيزياء الجوامد المساعد بجامعة أم القرى بقولها : إن فسدت حياة المرأة وحادت عن جادة الصواب وانتهى بها المطاف إلى أن خربت بيتها ودمرت حياتها الزوجية فإننا سرعان مانفتش عن المرأة ليس في حياة الرجل بل في حياة امرأة أخرى ونبحث عمن حولها من "صديقات سوء" لعبن بها وبمصيرها وحياتها من خلال ماينصحنها به ومايدسنه من سم في الدسم ، وجميعنا يعلم أثر المرأة على المرأة ومدى فهمهن لبعضهن البعض ، هذا لاسيما وأن كانت علاقتهما ببعض ذات روابط قوية وعلاقة وطيدة ، فتخدعها وتقلب حياتها رأسًا على عقب ؛ لذا أتوجه بادئ ذي بدء بالنصح إلى الوالدين بضرورة توخي الحذر مما يسمى بمجتمع "الصديقات" وأهمية مراقبة صديقات وأصدقاء ابنائهم ، ومراقبة بيئاتهم وتوجهاتهم والتدخل بأسلوب جيد غير مباشر مع ابنائهم في اختيار الصحبة الجيدة مبكرًا قبل انخراطهم في حياة زوجية وإعطاءهم قاعدة ثابتة يسيرون عليها في التعامل مع الأصدقاء ورسم الحدود لتلك العلاقة وعدم السماح بتعديها لينتقل أثرها للحياة الخصوصية .
هذا وقد طالعنا مؤخراً وابل من القصص والحكايات والحوادث جرّاء "صديق السوء" ، إذ كان هناك كثير من السيدات الناضجات ذوات الخبرة في الحياة ولكن وقعن فريسة "صديقات السوء" ، فما بالنا نحن بالصغيرات ممن تفتقدن إلى الخبرة والوعي. 
لذا الحذر الحذر من صديقات السوء ، وإن من يسلك طرائقهن فقد حكم على حياته بالبؤس والهلاك لتلك الحياة لامحالة ، فقد أصبح القفص الذهبي يعج بالمشاجرات والمشكلات التي عكرت صفوه وانزلقت به في مهاوي الردى ، كل ذلك بسبب "صديقة سوء" تجاوزت تدخلاتها في حياة صديقتها واصبحت تشاركها في كل شاردة وواردة في حياتها دون احترام للخصوصية بين الزوجين ، و امتدت يدها إلى أبعد من ذلك وطالت قدسية المنزل التي لايجوز لأحد التعدي عليها ، إضافةً الى تصعيد النزاع والمحاولة إلى الوصول به الى الذروة.

ومن جانبها بينت د. رباب عصام قاروت دكتوراة في الإدارة  والتخطيط التربوي بجامعة أم القرى هناك العديد من التساؤلات تجول في الأذهان وحالة من القلق والخوف تسيطر على المقبلين على الزواج الدين يحلمون بتكوين أسرة وعائلة وحياة كريمة عن السبب في ازدياد نسبة الطلاق خصوصا في العشر سنوات الأخيرة حيث حسب ما ذكرت العديد من الصحف والمواقع الالكترونية الاخبارية أن نسبة الطلاق في المملكة العربية السعودية وصلت إلى ٦٠ ٪؜ وهذه النسبة لا يستهان بها بمعدل ٧ حالات طلاق تتم كل ساعة، مما يجعل أنه مقابل كل ١٠ حالات زواج هناك ٣ حالات طلاق . 
ومن الأسباب من وجهة نظري المتواضعة وكوني إمراة تعمل في محيط نسائي ومجالس للسيدات تناقش فيها مثل هذه الأمور من أهمها زيادة وعي المرأة وانفتاحها على العالم أيضا إتاحة العديد من الفرص المهنية والوظيفية لها مما ساعد ذلك على وصولها للاكتفاء الذاتي والاستقلالية على المستوى المادي ، أضف إلى ذلك قدراتها على اتخاذ قرار الانفصال بكل سهولة دون أن يكون هناك خوف من تبعات الانفصال التقليدية ، أيضا إدمان فئة كبيرة من الأزواج مواقع التواصل الاجتماعي وما ادراك ما السوشيال ميديا وأخطارها هذا لاسيما ومحتوى مشاهير السوشيال ميديا الذين انحرفوا بهم عن المسار الصحيح ودخولهم في دائرة المقارنات والشعور بعدم الرضا والتقليد الأعمى الذي لا يغني ولا يسمن من جوع تحت شعار الحرية الشخصية والانفتاح كل ذلك قادر على زعزعة استقرار كيان الاسرة والحياة الزوجية وشعورهم بثقل المسؤولية والتضحية .
كما لايفوتني أن أسلط الضوء على منحى آخر يهدد استقرار ذلك الكيان الأسري والمتمثل في ما يحيط بالمرأة من صديقات سواء كانوا رفيقات جيدات أو رفيقات سؤ .
فعلى سبيل المثال : عندما تفقد المرأة الاهتمام والعون والمساعدة من قبل الزوج تلجأ للصديقات والحديث عن مشاكلها وخلافاتها الزوجية من باب الفضفضة والتفريغ الانفعالي فنجد البعض يقدم النصيحة الجيدة والبعض الآخر يستغل الوضع ويبدأ في عملية بث سمه وإشعال نار الفتنة والتحريض على ترك الزوج واللجوء إلى الانفصال والعيش بحرية دون مسؤولية أو قيود ، وحين تلتفت إلى حقيقة حياتهم تجدها مليئة بالمشاكل والخلافات ، لكن من وجهة نظرهم أنهم يقدمون النصيحة الجيدة لها وهم بعيدين كل البعد عن جادة الصواب تحت مسمى الصداقة؛ لذلك من الضروري المحافظة على أسرار الحياة الزوجية و الانتباه إلى أمر هام جدًّا وهو أنّ للحياة الزوجية لها خصوصياتها ؛ لذا يجب على المرأة والرجل الحفاظ على خصوصية علاقتهما بشكل جيّد وعدم السماح لأيّ طرف آخر بالتدخل إذا أرادوا حقًا حياة زوجية سعيدة. 


هذا وأكدت مشرفة الإعلام والاتصال بتعليم عسير سابقًا الإعلامية نور آل قيس بقولها : يشتكى الكثيرون من غياب الصديق الحقيقي في حياتهم، فمنهم من نفى وجود الصداقة واعتبرها من المستحيلات ، ومنهم من اعتبر نفسه محظوظاً لوجود أصدقاء حقيقيين في حياته .
وكلنا شاهدنا و سمعنا عن صداقات كانت مضرباً للأمثال من حيث الأخوة والمودة والتعاون والخُلق والاحترام والرعاية والتقدير والصدق والإخلاص.
وعلى النقيض تجد هناك ممن يدعون أنهم أصدقاء ويظهرون حب الخير والمحبة وأعماقهم يملؤها الغيرة والحقد والحسد والكراهية ويتسببون في بث الفتن والفرقة بين الناس .
ومن أمثلة تلك الصداقات السيئة ماتفعله بعض رفيقات السوء بصديقتهن المتزوجة من تحريش وتحريض وتخبيب ونصائح ممزوجة بسم الأفاعي حين تقوم الأولى بالفضفصة لهن، وهن يزدن على النار الحطب ويصعدن المواقف في رأسها لتنقلب حياتها راسًا على عقب ويطلبن منها بتخريب بيتها وطلب الانفصال عنه أو حتى التمرد عليه لغاية ما في نفوسهن المليئة حقدًا وحسدًا، لأن الشخصية المحرّضة تشعر بنشوة عند تحقيق هدفها.
وإن من أخطر ما يكون على الإنسان في حياته ومن أضر ما يكون عليه في حياته مخالطة من لا تحمد مخالطتهم من الرّفقاء والأصحاب ، فماأشد ضررهم، وما أعظم خطرهم ، فيجب المسارعة بهجرهم والابتعاد عنهم .
وأخيراً: أنصح بنات جنسي من المتزوجات بالحرص على ستر أزواجهن دائما، وإدارك أهمية الخصوصية الثنائية بينهما وحفظ الأسرار الشخصية التي ائتمن عليها، ومراعاة الثقة التي منحت لها من قبل الزوج  ، لأن الثقة أمانة والأمانة يجب أن تُحفظ ليس أن تهدر في مجالس النساء واجتماعاتهن بالثرثرة والتشكي والتذمر وإفشاء الأسرار  .

ومن جهتها صرحت لمى وليد : نقف اليوم مع أشد آفات المجتمعات ألا وهي تحريض الصديقات لصديقاتهن المتزوجات سعيًا لـ خراب عش الزوجية ، أضف إلى ذلك مايفعلنه من تخبيب وإفساد بين الزوجين، هذه الآفة باتت تهدد الأسر بل والمجتمع بأسره؛ لما لها من آثار سلبية، وعواقب وخيمة ، كما ساهمت تلك الأفة في ازدياد عدد حالات الطلاق حقًا ، ومما يعد واحدًا من أبرز الأسباب الذي جعلها تصل إلى هذه المرحلة من التعقيد ألا وهو "صديقات السوء "و "أصدقاء السوء" وذلك بسبب تدخلاتهم الزائدة غير اللائقة في حياة الزوجين، وعدم وضع خطوط حمراء لهم حتى لايتعدوها إطلاقًا، فكم من بيت فسد ودبت فيه المشاكل ، وكم من كيان أسري تهدم وطالته الفتن والفرقة وذلك بسبب نصائح قدمت ليست في مكانها الحقيقي بل ويظهر مقدمي النصيحة بصورة الناصح المشفق وهم في الحقيقة يؤدون دور الشيطان في خراب البيوت كفانا الله وعافانا من مثل هؤلاء وأنصحهم : ادخلوا بيوت الناس عميٌ واخرجوا منها بكم ٌ، ولا تفسدوا على الآخرين حياتهم ولاتكونوا من المفسدين .

فيما أشارت الخريجة بقسم علم النفس وصال سميح الجهني إلى أن هناك بعضًا من أنواع الصداقات والتي تتصف بـ"المسمومة" تشكل خطرًا يهدد استقرار الكيان الأسري وذلك لما لها من آثار جانبية سلبية تعصف بالحياة الزوجية، وأنه بمجرد أن تسمح الزوجة بوجود عنصر ثالث يقتحم حياتها فإنها سرعان ماتتضخم المشكلة وتتعقد وتصل إلى تدمير عش الزوجية الذي تعيش فيه مع شريك حياتها ؛ لذا وجب أن ننبه المقبلين على الزواج بأهمية وضع خطوط حمراء لمثل تلك الصداقات والتي يجب أخذها بعين الاعتبار ، وعلى الزوج أن يستشعر خطورة ذلك الأمر وسرعان مايطلب من زوجته بقطع علاقتها بصديقتها والابتعاد فورًا عن "رفيقة السوء" حفاظًا على عش الزوجية وضرورة الحفاظ على الخصوصية التامه بينه و بين شريكته ، وإذا حدثت مشكلة ما واضطر أحد الطرفين لإشراك عنصر ثالث فوجب أن يكون ذلك العنصر من أهل أحد الطرفين .

هذا وقالت همس النفيعي: من المهم توعية الأزواج بأن التدخلات بداعي "صديقك/صديقتك واعرفك زين وأبي مصلحتك" ضررها يغلِب نفعها و عندما يقع الفأس بالرأس يدّعون الجهالة . ولابأس بأخذ الاستشارة مِن الصديق/ة اللذي يخاف الله في نفسه ويكفينا أن نجعل الأطفال ضحية نصحكم .

وأضافت إيمان الهلالي طالبة في كلية الشريعة الإسلامية بأم القرى : كل ماذكر حقيقةً وواقعًا نشاهده للأسف ،وتعقيبًا على كلامك الأكثر من كافي أرى أيضًا أن الحركة النسوية المغلوطة لها تأثير قوي بشكل سلبي جدًا على الجيل الناشئ حاليًا ، وإن كثيرًا من المراهقات يعارضن فكرة الزواج الذي هو فطرة وشرع بسبب تلك النصائح المسمومة ، لذا أتمنى نشر الوعي لكلٍ من الرجال والنساء عن طبيعة الجنس الأخر في كل النواحي وتوضيح مهام وحقوق وواجبات كل طرف وتوضيح المفاهيم المغلوطة عبر برامج التواصل الأكثر تفاعلاً. وبرأيي معرفة الدين بشكل صحيح أولاً ثم تثقيف الذات واختيار الأصدقاء الصالحين أهم مافي العلاقات الناجحة .