|

الفضول في السؤال عن الأصول

الكاتب : الحدث 2025-12-26 05:13:37

جبران شراحيلي 

دائما ً ما تجد في المجالس بعض الأشخاص من باب الفضول يوجه أسئلة لضيف المجلس ، أو من جاء بمعيته عن اسمه واسم أبوه وجده وقبيلته وعمله و و و و و إلى آخره. 
عدة أسئلة التي لا تليق بمكانة المجلس ، أو بمحتوى المناسبة التي جمعتهم بذلك المجلس مما يسبب حرجا ً للضيف وصاحب الدعوة معاً٠٠

الفضول إذا كان من كبار السن فتجد أن ذلك عادة لما لكبير السِّن من فراسة وتجارب في الحياة ، وقد نظر إلى مَنْ يريد أن يوجه له الأسئلة نظرة بعيدة استذكر من خلالها ملامح الوجه ونبرة الصوت لصورة قديمة اختزلتها ذاكرته ، فيوجه السؤال مباشرة بقوله : هل فلان يقربك ، أو من أحد أقاربك ، ودائماً قلّ ما تجد أن كبير السِّن يكون مخطئاً في سؤاله لما قد لاحظ من الشبه بين مَنْ وجه له السؤال ، والشخص الذي سأله عنه ، فيرد الآخر باستغراب وتردد فيقول : أعرفه  من الجماعة ، وربما يكون أبوه أو خاله لقوة الشبه أو نبرة الصوت لكن لا يريد أن يبوح بذلك إلاّ بعد الخوض في النقاش طويلاً ٠٠

تقليد الفضول في السؤال عن الأصول عادة سيئة وذميمة والأسوأ من ذلك عندما يكون التقليد من شخص صغير في السِّن ويريد مجاراة كبار العمر ، فيبدأ يوجه الأسئلة يميناً وشمالا ً دون دراية بمعرفة القبائل أو مساكنهم ، وعندما يجيبون عليه ويوجهون له نفس الأسئلة يحتار ويرتبك في الكلام ، فيسبب له لنفسه حرجاً ، ويضع نفسه في موقع الضعيف ويحتقره الجميع لسوء تصرفه ٠٠
المجالس مدارس ، منها تتعلم الحكمة، منها تتعلم حُسن الإنصات للمتكلم، منها تتعلم أدب كبير السِّن، منها تتعلم أخبار الأسلاف والأعراف وعادات القبائل،  منها تتعلم الكرم والمروءة ، منها تتعلم الكثير والكثير،  المجالس مدارس ليس لتعليم العنصرية أو الجاهلية المقيتة أو لاستفزاز مَنْ هم ضيوف على بساط المجلس ، والتقليل من قيمة صاحب المجلس الذي عمل لك  قدر وقيمة وعلو منزلة عندما دعاك لتلبية دعوته ومشاركتك لمناسبته ٠٠
الفضول في السؤال عن الأصول ليس وليد الحال ، وإنما متأصل الجذور غير أن المجتمع الآن يعيش نقلة نوعية من العلم والثقافة وتقارب في النسيج العالمي ناهيك عمّا تمثله وسائل التواصل الاجتماعي من بعد حضاري ساهمت من خلاله إلى حدٍ ما في تغيير العادات والتقاليد الرجعية التي لا تمت للمجتمع المتحضر بصلة ٠٠