|

كيف سيواجه المتطرفون الانتقادات من المجتمع في عام 2026 ؟!

الكاتب : الحدث 2025-12-26 05:10:27

بقلم : الدكتور ــ تركي بن عبيد
-----------------------------------
يُعد التطرف الفكري والسلوكي ظاهرة معقدة تؤثر على الأفراد والمجتمعات، حيث يتبنى المتطرفون معتقدات متشددة تتعارض مع القيم الديمقراطية والحقوق الإنسانية الأساسية. غالباً ما يواجه المتطرفون انتقادات اجتماعية شديدة، مثل الوصم (stigmatization) والإقصاء الاجتماعي، مما يثير لديهم توتراً نفسياً يُعرف بـ"التنافر المعرفي" (cognitive dissonance).

الدراسة الحالة تهدف إلى استكشاف الآليات النفسية والاجتماعية التي يستخدمها المتطرفون لمواجهة هذه الانتقادات، مستندة إلى نماذج نفسية اجتماعية مثل نظرية التنافر المعرفي ونظرية البحث عن الأهمية (significance quest).

 أهمية الدراسة في فهم كيفية تعزيز الانتقادات الاجتماعية للتطرف بدلاً من الحد منه حيث يمكن أن تدفع الوصم المتطرفين نحو تعزيز معتقداتهم أو الانعزال في مجموعات متطرفة. الهدف الرئيسي هو تحليل آليات المواجهة من خلال دراسة حالة افتراضية مبنية على أنماط شائعة في الأبحاث، مع الاستناد إلى دراسات علمية سابقة.

[الإطار النظري] 

يعتمد التطرف على عوامل نفسية فردية واجتماعية، مثل الشعور بالظلم أو فقدان الأهمية. وفقاً لنظرية التنافر المعرفي (Festinger, 1957)، يحدث توتر نفسي عندما تتعارض المعتقدات مع الواقع أو الانتقادات الخارجية. لتقليل هذا التنافر، يلجأ الأفراد إلى تبرير المعتقدات: تفسير الانتقادات كدليل على "مؤامرة" أو ظلم ضد المجموعة، الانعزال الاجتماعي: البحث عن مجموعات داعمة توفر "احتكاراً معرفياً" (cognitive oligopoly)، لعب دور الضحية: تحويل الانتقاد إلى شعور بالاضطهاد، مما يعزز الالتزام بالأيديولوجيا، الانسحاب أو العدوان: في حالات متطرفة، قد يؤدي إلى سلوكيات عنيفة لاستعادة الشعور بالأهمية.

دراسات مثل تلك المنشورة في Frontiers in Psychology (Trip et al., 2019) تشير إلى أن المطالبة المطلقة بالعدالة واليقين تجعل الأفراد عرضة للتطرف عند مواجهة الانتقادات.

[دراسة الحالة]

نفترض حالة شاب يُدعى "فلان " (اسم مستعار)، في العشرينيات من عمره، من خلفية اجتماعية متوسطة في مجتمع عربي. بدأ أحمد في تبني أفكار متطرفة دينية أو سياسية بعد شعوره بالإقصاء الاجتماعي والتمييز (مثل الوصم ضد مجموعته الإثنية أو الدينية). عندما واجه انتقادات من المجتمع (أصدقاء، عائلة، وسائل إعلام) تصف أفكاره بـ"التطرف" أو "الخطر"، حدث تنافر معرفي: يؤمن أحمد بأن أفكاره "حقيقة مطلقة"، لكن الانتقادات تجعله يشعر بالعزلة أو الذنب الخفيف.

كيف واجه فلان  الانتقادات؟
1. التبرير والإسقاط: اعتبر الانتقادات دليلاً على "فساد المجتمع" أو "مؤامرة خارجية"، مما قلل التنافر دون تغيير معتقداته.
2. البحث عن دعم جماعي: انضم إلى مجموعات عبر الإنترنت أو واقعية توفر تأكيداً متبادلاً، حيث يُعاد تفسير الانتقادات كـ"اضطهاد" يبرر الالتزام الأكبر.
3. لعب دور الضحية: تحول الشعور بالوصم إلى دافع لتعزيز الأيديولوجيا، كما في دراسات RAND (2018) التي أظهرت أن الوصم يدفع المتطرفين نحو التعمق.
4. الانسحاب أو التصعيد: في مراحل متقدمة، قد يؤدي إلى انعزال كامل أو سلوكيات عدوانية لاستعادة "الأهمية".

هذه الحالة مستوحاة من أنماط شائعة في دراسات مثل تلك المنشورة في Journal of Strategic Security، حيث يعزز الإقصاء الاجتماعي الالتزام بالتطرف.

(الخاتمة):
تكشف الدراسة أن الانتقادات الاجتماعية غالباً ما تفشل في تغيير المتطرفين، بل قد تعزز تطرفههم عبر آليات نفسية مثل التنافر المعرفي والوصم لمواجهة ذلك يُوصى ببرامج وقائية تركز على بناء الدعم الاجتماعي والحوار البناء بدلاً من الوصم المباشر، هذا يساهم في فهم أعمق لظاهرة التطرف ويفتح آفاقاً لتدخلات نفسية فعالة.