|

من المسؤول عن تدني التعليم ؟

الكاتب : الحدث 2024-12-08 03:13:52

بقلم  ـ علي بن أحمد الزبيدي 
----------------------


تضجّ المجالس والصحف والقنوات الإذاعية والتلفزيونية بأخبار التعليم حتى أصبح مادة دسمة لكل وسائل التواصل الاجتماعي بل إنّه أصبح مصدرًا للرزق من خلال تتبع أخباره ، ونشر الشائعات عنه ، ومن ضمن تلك الأخبار المؤلمة الصادقة تدني مستوى الطلاب التحصيلي للعلوم والمعارف !
هذا الحديث الذي يتكرر كل عام ، وتثار حوله الأسئلة وتتنازعه الأجوبة ، وتوضع له الحلول بعد أن تُعقد من أجله الاجتماعات ، وتنشأ اللجان للبحث عن حل جذري لهذا الخلل ، وتتفتق الأفكار من خارج الميدان ؛ لتستجلب تجربة من إحدى الدول المتقدمة ، فتغير من أجله المناهج وتزيد معه الأعباء ، ويُرمى الحمل على عاتق ( المعلم والمعلمة ) !
إنّ مشكلة التعليم الأساسية تكمن في ضياع بوصلته ، ولذلك تجده يمشي بدون هادٍ ، وكلّما أبصر نورا تبعه، وحين يظن أنه وصل يتفاجأ بأنه عاد لنفس النقطة التي بدأ منها ولم يتقدم خطوة واحدة !
فأين تقع المشكلة ؟
نعم أين تقع المشكلة ..؟!
إنّ التعليم ليس معلمًا أو معلمةً فقط، وليس طالبًا أو طالبةً فقط، وليس منهجًا فقط، وليس مبنى فقط، وليس إدارةً فقط وبرامجًا فقط، ومن هنا يجب أن تنطلق الفكرة الأولى !
إنّ التعليم مجموعة متكاملة إذا اختل فيها طرف اختل البناء كله ، ولذلك فإنّنا نقف أمام تحدٍ كبير ، وليس كما تراه الوزارة من زاويتها الموجهة إلى طرف دون آخر !
فالتعليم بناء يقوم على الأسرة في المقام الأول ، ثم المجتمع ، ثم المعلم ، ثم الطالب ، ثم المدرسة ، ثم التجهيزات ، ثم المناهج ، ثم الإشراف ، ثم مكاتب وإدارات التعليم ، ثم الوزارة ، ثم الإعلام ، ولست هنا معنيًا بالتراتبية ، فالكل له دور يبدأ ولا ينتهي !
إن الأسرة التي تتابع ابنها أو ابنتها وتحثه على التعلم واحترام المعلم هي أسرة تساهم في رفع مستوى الطالب بينما الأسرة التي لا تعرف في أي فصل يجلس ابنها أو ابنتها هي سبب من أسباب تدهور التعليم ! إنّ الوزارة التي تضع الحمل كله على المعلم والمعلمة ، وتقصر في توفير كل ما من شأنه إعانة المعلم والمعلمة على أداء رسالتهم من أجهزة وأدوات ووسائل ومميزات، وتجعل من المدرسة والمعلم والمعلمة والطالب والطالبة حقل تجارب ،،وتقوم بتغيير سياستها مع كل وزير دون أن تضع لها خطة عشرية أو عشرينية تسير وفقها ، وتغير في حواشيها دون أن تمس لبها هي وزارة تسهم في تأخر التعليم ، بينما الوزارة التي تضع الأهداف طويلة الأمد وفق ما هو موجود في الميدان دون تصنع أو تعجل في النتائج أو بحث عن سبق في برنامج أو مشروع هي وزارة تسهم في نجاح التعليم ! إن المعلم والمعلمة اللذان يجعلان من التعليم كتابًا ينتهيان من شرحه وحل تدريباته ، وتصحيح واجباته وتسليم دفتر إعداده ،،وإنهاء متطلبات منصة مدرستي أو عين أو نور أو أي برنامج تستحدثه الوزارة ، وإشغال حصته من بدايتها حتى نهايتها ، وتجهيز نفسه لاختبارات الرخصة وتوابعها وبطاقات الأداء فإنهما سيكونان سببًا في تدهور التعليم ، بينما المعلم والمعلمة اللذان يجعلان من التعليم رسالة فيعدان الدروس إعدادًا ذهنيًا ، وينوعان في عرضهما ويغذيان طلابهم بالمعارف والعلوم والثقافات ، ويشرحان دروسهم بكل الإمكانيات الموجودة ، ويعاملان طلابهم كأبنائهم سيكونان سببًا في نجاح التعليم إذا ساندتهم العناصر الأخرى ! إنّ الطالب والطالبة اللذان يحرصان على التعلم والبحث عن المعلومة ويعلمان بأن التعليم هو أساس الحياة سيكونان سببًا في نجاح التعليم ، بينما الطالب والطالبة اللذان يريان من المدرسة مكانًا للهروب من البيت ، أو نوادي اجتماع مع الأصحاب ،،أو غرف نوم ، أو أماكن شغب وعبث ، فهؤلاء هم سبب من أسباب تدهور التعليم ! إن البيئة المدرسية الطاردة والتي تخلو من الملاعب المتنوعة والقاعات المجهزة بأحدث الأجهزة والمكتظة بالطلاب حد التخمة ، والفصول المهترئة والقديمة ، والمباني المستأجرة أو الحكومية المتهالكة هي سبب من أسباب تعثر التعليم ، بينما المباني المهيأة والمجهزة الجاذبة للطلاب والطالبات والفصول التي لا يتعدى طلابها وطالباتها خمسة وعشرون طالبًا أو طالبة ستساهم في نجاح التعليم ! إن المجتمع والإعلام حين يقدران المدرسة والتعليم والمعلم والمعلمة ، ويشجعان الطالب والطالبة على التعليم سيساهمان في نجاح التعليم ، لكنهما حين يمجدان مشاهير الفلس الفكري والعقول الضحلة ، ويجعلان من التعليم بابًا من أبواب التندر ، فهما سيكونان سببًا من أسباب تدهور التعليم ! إنّ القائمة تطول ،ولذلك يجب أن نعلم أنّ السبب ليس في المعلمين والمعلمات كما يدندن البعض تلميحًا أو تصريحًا ، وإنّ سلمنا أنّهما طرف من أطراف متعددة ؛ولذلك يجب عند البحث عن المشكلة أنّ نلم بجميع زواياها ونحلها كاملة حتى نضمن شمولية الحل واستدامته لا وقتيته وتركيزه على جزء وإهمال الباقي !
(همسة الختام) :
لا بأس أنّ نأخذ بتجارب الآخرين الناجحة ونطبقها ، ولكن يجب عند نقل أي تجربة أنّ تكون كل العناصر متطابقة حتى لا تصبح النتيجة مختلفة !