احضنوهم قبل أن يختطفوهم !
بقلم ــ علي بن أحمد الزبيدي
----------------------
يصرخ الأبّ وتصرخ الأمّ !
عندي مشكلة ولدي أزعجني وابنتي أزعجتني !
وتأتيك الإجابة بصوت الواثق المجرّب كحل ناجح لمشكلة مستعصية !
كي ترتاح من هذا العناء عليك بأن تهدي لهم إحدى وسائل الترفيه ( جوالاً أو لعبة ) وستشغل وقت فراغهم وستلهيهم عنك، اشترِ لهم حاسبا آليا أو وسيلة اتصال حديثة ( هاتفا ذكيا ، آيبادا ، تابلتاً ) أو لعبة الكترونية ( بلاي ستيشن ، إكس بوكس، ننتيندو، جيم بوي ) أو غيرها من وسائل التقنية الحديثة، ويعمل الأب بالنصيحة وتسانده الأم وربما أرغمته إن رأته مترددا ً، وربما دفعت من مرتبها إن كانت موظفة كنوع من الكرم التنكيدي لا الكرم التشريفي، هذا إن كانت من ضمن اللواتي يتمتعن برواتبهن إما إن كانت ممن لا تملك من الراتب إلا اسمه حتى بطاقة الصراف ليست بيدها فتلك ممن تجدها تسحّ الدموع وتهدي ورود الرجاء لعل ذلك المسيطر أن يمنح ابنه أو ابنته هدية الشؤم التي ربما تكون بوابة الشر عليهم جميعا دون أن يعلموا ! وتأتي الهدية مغلّفة لتبقى مغلقة عن عين الأم والأب وتبدأ مرحلة الولوج لعالم التقنية فيمتلئ الجوال أو الآيباد أو التاب أو اللاب توب بكل أنواع وسائل التواصل وكل الألعاب المسموحة لسنّهم أو غير المسموحة لعمرهم فدعاة الشر كثر - لا كثرهم الله - وأما أجهزة الألعاب الإليكترونية فحروب ودمار وسرقات ومغامرات وتعرّي ..! والأب والأم لاهيان مستمتعان بأن ابنهما أو ابنتهما قد سكنَ وهدأ فهو لا يكاد يرفع رأسه عن تلك الأداة التي أشغلت وقته وجعلتهم يتفرغون لحياتهم ومشاغلهم بعيداً عن إزعاج أطفالهم وصراخهم وحركتهم في البيت ، ومن خلال تلك الهدية تدخل خفافيش الظلام عبر محادثات وصداقات وهمية لتغيّر فكر ذلك الولد أو تلك البنت وتختطفه، وبعد ذلك نقف مدهوشين حين نسمع بأنّ فلاناً أو فلانة قد قتل أو سرق أو خرّب أو غيّر دينه أو معتقده أو مذهبه أو أصبح ذَا فكر غير سوي ونبدأ نتلفت باحثين عن أسباب تلك اللوثة ونسينا أننا نحن من كنّا السبب في البداية ! ، من المعلوم لكل لبيب أنّ كلّ جديد وأخصّ بذلك التقنية تحتاج إلى من يعرّف بها وبطريقة استخدامها ويراقب طريقة التعامل معها، فأطفالنا قد وضعت الأسلحة في أيديهم دون أن يتعلموا كيفية التعامل معها وكيفية استخدامها وأصبحنا كمن يرمي طفله في لجة البحر ويقول له لا تغرق !
يجب علينا أن نوعي أطفالنا بخطر التقنية وطريقة التعامل مع الغرباء وعدم قبول الصداقات من أي شخص كان ومناقشتهم بين وقت وآخر في مجريات الأحداث في الألعاب التي يلعبونها والمواقع التي يزورونها والمعلومات التي يكتسبونها فالأطفال أصبحوا واعين ومدركين لكل مايجري من حولهم كما يجب أن لا تترك أسئلتهم دون إجابة لأنّهم سيجدون من سيتبرع بالإجابة على كل تساؤلاتهم حتى لو كانت الإجابة خاطئة، ولذا يجب علينا احتضانهم ومتابعتهم بين الفينة والأخرى ومعرفة البرامج التي يستخدمونها واللعب معهم والتعليق على ما يرونه من صور ومقاطع وما يسمعونه من عبارات وكلام، كما يجب علينا أن نكون أصدقاء لهم في مواقع التواصل وندعمهم ونتواصل معهم عبر البرامج التي يحبونها واللعب معهم والنزول لمستواهم لأنّ ذلك سيساهم بعد - توفيق الله - في صدّ هجمات المتربصين وسيقطع الطريق على الباحثين عن صغار السن وقليلي الفهم كما يجب علينا أن تقترب أكثر من أبنائنا وبناتنا ونحاورهم ونناقشهم فالتطور المعلوماتي كبير والهوة تتسع يوماً بعد يوم بيننا وبين أبنائنا وبناتنا فاحتضنوهم قبل أن يختطفوهم بالكلام المعسول وبالمغامرات الوهمية !
◇(همسة الختام)
إنّ التقنية ليست شراً محضاً والتقدم ليس هلاكاً للأمم بل هو خير ونعمة، لكنّ الشر امتزج بهما، ولذا يجب علينا أن نوجّه أبناءنا وبناتنا للخير الموجود في التقنية وأن ننبههم للشر الذي يحيط بهم ونساعدهم حتى يقوى عودهم ويشتد ساعدهم، ولنعلم أنّ التأثير في العقول يتم عن طريق الاقتراب القلبي والعقلي فلا تبتعد عن أبنائك وبَنَاتِك بعاطفتك ولا تتحدث معهم حسب مرحلتك العمرية بل حسب عمرهم وميولهم ! .