الحياة .. لمن أراد الحياة
بقلم : د/ سلمان الغريبي
----------------------------
تمضي الحياة بنا سريعاً نحو أقدارنا التي قدرها الله علينا ورغماً عن كل شيء إعترض طريقنا .. تمضي الحياة بنا بكل ما فيها من احزانٍ وأفراح وقصص وحكايات .. وبداياتٍ ونهايات .. ولن تتوقف بنا مهما حصل فيها وكان .. كل القصة وما فيها أحبتي لاتظن أن الحياة سوف تتوقف عند ألمك أو تتباطئ عند حُزنك وخيبة أملك .. الحياة هي الحياة والجمال بمعناها الواسع الرحب فخذ وقتك فيها بكل تفاؤل و سعادة وحب وهناء وانطلق فيها بكل أريحية وتفاؤل وصفاء ونقاء وقلب عامر بذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله .. ولا تتوقف فيها إلا للتَفكُر والتمعُن في ملكوت الله لبرهةٍ فقط والرضا بما كتبه الله لك ورضيت به .. الحياة أحبتي -جميلة- بما تحمله هذه الكلمة من معاني رائعة في هذه الحياة وبشارات خير تطمئن وتسعد بها النفوس في الدنيا والآخرة .. فاغتنم فيها كل لحظة جميلة ولاتفرط فيها .. وابتعد عن مواطن الحزن والكآبة والحقد والحسد والطمع وتمعن في قول الشاعر/ احمد شوقي :
◇دَقّاتُ قَلبِ المَرءِ قائِلَةٌ لَهُ ..
إِنَّ الحَياةَ دَقائِقٌ وَثَواني
◇فَاِرفَع لِنَفسِكَ بَعدَ مَوتِكَ ذِكرَها ..
فَالذِكرُ لِلإِنسانِ عُمرٌ ثاني ..
والسؤال الذي يطرح نفسه هذه الأيام لماذا كثيرٌ من الناس سيطر عليهم اليأس من هذه الحياة رغم روعتها وجمالها ومهما كانت فيها الضغوطات تسير في عكس الاتجاه..؟! وأخذ الناس يتخبطون في جميع الإتجاهات بحثاً عن الإستقرار بأي صورة كانت وبأي وسيلة ملتوية ..!! ونسوا أو تناسوا أن هذه هي سنة الحياة والقناعة فيها كنز لايفنى مهما تكالبت عليهم الظروف وتعددت .. فما احوجنا أحبتي هذه الأيام أن نعود انفسنا ونربي ابنائنا وبناتنا على هذه القناعة والرضى التام بما كتبه الله لنا في هذه الحياة ، في زمن تطاول كثير من البشر على هذه الحياة ويأسوا منها وتمادوا في شهواتها وتذمروا وتشكوا منها وهي -براء- براءة الذئب من دم يوسف من كل هذا ..! وقد حث نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام على القناعة في هذه الحياة وبين لنا أنها طريق الفوز والسعادة والنجاح والنجاة ، فعن عبدالله بن عمر بن العاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :[قَدْ أَفْلَحَ مَن أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بما آتَاهُ ] أخرجه مسلم ..
وعلينا أن نكتسب هذا الخلق بالإيمان واليقين الجازم: أن الله هو الرزاق، وأنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فعن جابر رضي الله عنه قَال : قَال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيُّها النَّاسُ اتَّقوا اللَّهَ وأجملوا في الطَّلبِ فإنَّ نفسًا لن تموتَ حتَّى تستوفيَ رزقَها وإن أبطأَ عنْها فاتَّقوا اللَّهَ وأجملوا في الطَّلبِ خذوا ما حلَّ ودعوا ما حَرُمَ أخرجه ابن ماجه ..
واذا أردنا أن نستمر في هذه الحياة و يرزقنا الله القناعة، أن ننظر إلى من هو أقل منا مالًا وجاهًا وحسبًا، فقد علمنا ذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلاَ تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لاَ تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ] أخرجه مسلم .. فمن إقتنع بما آتاه الله في هذه الحياة لكفته و إطمئن قلبه وصفا ذهنه وارتاح باله وشعر بالسعادة تملئ عليه حياته في كل مكانٍ وزمان ، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النحل : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) صدق الله العظيم .. اللهم ارزقنا حياةً سعيدة طيبة مُباركة لانشقى فيها أبداً ما أحييتنا حتى نلقاك .. و ارعنا برعايتك وعافنا واعفو عنا بعفوك وكرمك واحفظنا بحفظك فأنت خير الحافظين وأرحم الراحمين .