أربعة وتسعون عامًا نحو القمة !
علي بن أحمد الزبيدي
أربعة وتسعون عامًا مرت منذ بدأت أولى خطوات الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود - غفر الله له - نحو استعادة حكم آبائه وأجداده الذي سلب منهم بغدر وتآمر وتحالف بين قوى الشر في ذلك الوقت وصولاً إلى بناء دولة تنافس الأمم على القمة ومن المفارقات العجيبة أن قوى الشر تلك مازالت تغذي طفيلياتها حتى يومنا هذا وتزداد خذلانًا !
أربعة وتسعون عامًا مرت على دولتنا الحبيبة وهي في كل يوم تثبت للعالم أجمع أنها مازالت فتية لم يصبها هرم أو عجز أو ضعف رغم المحن التي أصابتها والفتن التي تحيط بها من كل جهة ونكران الجميل الذي مافتئ البعض يجتره مرة بعد أخرى .
أربعة وتسعون عامًا مرت على وطننا الغالي الذي كان شتاتًا وأصبح لحمةً واحدةً وجسدًا مترابطًا وأسرةً متماسكةً وذلك بفضل الله ثم جهود المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - ومن بعده أكمل المسيرة أبناؤه الملوك المغفور لهم -بإذن الله- سعود ثم فيصل ثم خالد ثم فهد ثم عبدالله وصولًا إلى الملك سلمان -حفظه الله وأدام عزه- .
في مثل هذا اليوم الأول من الميزان الثالث والعشرين من سبتمبر لعام 1932م، صدر المرسوم الملكي بتسمية المملكة العربية السعودية بعد أن وحّد المغفور له -بإذن الله- ورجاله المخلصون وبتوفيق من الله أجزاء هذه البلاد المترامية الأطراف، وأعادوا شتات القبائل، وجعلوا الأخوة والألفة عنوان ساكني تلك البقعة المباركة!
يعود اليوم الوطني في كل عام؛ ليذكرنا بميلاد دولتنا الحبيبة، وليعيد لأذهاننا كفاح آبائنا وأجدادنا الذي مر عليه أربعة وتسعون عامًا .
يأتي يومنا الوطني الرابع والتسعون ونحن نعيش نشوة الانتصارات المتوالية والإنجازات العظيمة التي نحصدها في كل الميادين وعلى جميع الأصعدة، وأصبحنا قبلة الباحثين عن التميز والإبداع بفضل الله ، ثم بفضل قيادتنا الرشيدة ، ورؤية المملكة 2030 تلك الرؤية الحكيمة والتي يقودها عرّاب نجاحها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان …
يأتي يومنا الوطني الرابع والتسعون ونحن نعيش في رخاء وسعة عيش وأمن وأمان ونعم تترى ، ورغم تكالب الأعداء وخيانة المتآمرين في الداخل والخارج إلا أننا وبفضل الله ثم تلاحمنا سنبقى أقوياء ولن نضعف أمام نعيق الغربان ونباح الكلاب ومحاولات البغاث الذي لن يستنسر في أرضنا .
في يومنا الوطني الرابع والتسعين يجب أن نعيد شريط الذكريات في بيوتنا ومدارسنا وجامعاتنا وجوامعنا ونوادينا الثقافية والأدبية وأنديتنا الرياضية وإعلامنا المسموع والمرئي والمقروء ، ونقرأ التاريخ ونربط الأحداث ، ونبحث عن مواطن القوة ، فنعززها ومواطن الخلل ، فنسدها ونعيش الواقع بكل تفاصيله بعيدًا عن التنظير والتطبيل ونستشرف المستقبل ونخطط للقادم لنصبح نحن قادة العالم ، ونسير بهمة نمو القمة .
في يومنا الوطني الرابع والتسعين يجب أن نردم الفجوة بين الماضي والحاضر والمتمثلة في الأجداد والآباء والأبناء فهناك بون شاسع في الأفكار والآمال والتطلعات صنعته التقنية المتلاحقة وضعف الجيل القديم عن مواكبتها والسير في دولابها المتسارع وهذا أمر يجب أن نتداركه قبل أن تتسع الهوة بين الأجيال .
في يومنا الوطني الرابع والتسعين يجب أن نعقد العزم على مواصلة المسير نحو المعالي وأن نشد الهمة نحو القمة وهذا عهد يجب أن نقطعه على أنفسنا وأن نزرعه في أبنائنا ، وأن نجعلهم يستشعرون النعم التي يعيشونها ،وأن نربطهم بماضيهم دون أن نجعلهم يكرهونه أو يتأففون منه؛ لنبين لهم أن حياة البداوة ليست عيبًا وأن رثاثة الثياب ليست نقصا ، وأن قلة الزاد والشراب ليست قصورًا ولكنها كانت مرحلة انطلاق ونقطة بداية للوصول إلى القمة مع الحفاظ على ديننا ومعتقداتنا وعاداتنا وتقاليدنا دون الانسلاخ منها بدعوى التطور والحضارة .
همسة الختام ..
في يومنا الوطني الرابع والتسعين نرفع أكف الضراعة لله لنكرر دعوة أبينا إبراهيم عليه السلام ( رب اجعل هذا البلد آمنًا وارزق أهله من الثمرات ) فاللهم احفظ وطننا من كل شر ، وأدم علينا الأمن والأمان ، ونسأل الله أن يحفظ قادتنا وولاة أمرنا .