|

الصحويون يتلونون في كل زمانٍ ومكان ..

الكاتب : الحدث 2024-09-02 07:14:22

بقلم المستشار ــ  محمد بن سعيد آل درمة
 

يخرج علينا اليوم عدد من مشايخ التنظيم الإخواني والسروري في المملكة وهم قلة لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة بثوبٍ جديدٍ بعد أن تمزق العتيق وفشل، منهج ركبوه أربعة عقود قام على الغلو وإرهاب الجاهل ، وتجهيل المجتمع، والإعجاب بأنفسهم والاعتداد بآرائهم ، والتعصب لفكرهم ، والخصومة والجدال مع كل من يخالفهم الرأي، وإفراطهم في تقديس وتنزيه رموزهم الإعلامية التي صنعوها بأنفسهم، وتخويف الناس وسوقهم كالقطيع لتحقيق أجندة تنظيمهم وأوهام إقامة دولتهم وأحلام خلافتهم.
يظهرون بحلة جديدة ومنهج حديث يهدف إلى الإندماج في المجتمع ، والتقرب للناس بأسلوب لين هين يتوافق مع واقع مفروض عليهم من قبل الدولة والمجتمع حتى يحفظوا ما تبقى من ماء الوجه ، ويبقون على قليل من الاحترام لهم، وأهم ملامح ذلك المنهج السعى إلى تخفيف التشدد ، والتقليل من حدة الخطاب ، وتقنين الأحكام الشرعية، ونشر فوضى الفتوى بما يتوافق مع المزاج العام للمجتمع، وإظهار كافة الأراء الفقهية دون تعصب لرأي واحد ولو كان تحليل ما كان يحرمونه في السابق من باب سد الذرائع، فاحذروهم.
أما بقية أتباع ومناصرين جماعة الإخوان والسرورية فهم مجرد بسطاء مختطفين مؤدلجين منذُ زمن بعيد ، وقد لاذوا اليوم بالصمت بعد أن تأكدوا من جدية الدولة في القضاء على جماعات الإرهاب والتطرف وأهله، وأنا لا أحبذ القسوة على التابعين والمتعاطفين مع الجماعات الحزبية فأغلبهم سذج تم اختطافهم وتجنيدهم منذُ نعومة أفكارهم من خلال جماعات النشاط المدرسية والجامعية.
وقد اعتمدوا في تجنيدهم للأتباع على قاعدة ذهبية ينطلقون منها، مفادها إذا أردت أن تخطف فكر جاهل أو مراهق وتتحكم في عقله وتوجهه كيفما تشاء ما عليك إلا أن تغلف كل حديثك معه وتوجيهاتك له بغلاف ديني، فذلك كفيل بضمان تبعيته لك وانسياقه خلفك ، وتنفيذ كل ما تمليه عليه، ومارسوا ذلك على مدى عقود من الزمن ونجحوا في تمرير أجندتهم وتحقيق أهدافهم، فعندما تختطف التيارات الفكرية شخص ما لعقود من الزمن يصبح استعادة فكره ضرب من ضروب الخيال ولو ترسخ لديه فيما بعد قناعة بحزبيتها وعنصريتها وضررها على الدين والمجتمع!

والمتابع اليوم للإعلام السعودي والمشهد المحلي يعي تمامًا ما أعني ومن أعني وهذا للأذكياء أمثالكم يكفي، فهم الذين نصبوا أنفسهم وكلاء الله في أرضه ، ثم ضلوا الطريق يكفرون ويفسقون ، يطعنون ويحرضون ، يوشون ويقصون ، يسفهون ويشوهون ، يشيطنون مَْ يريدون لمجرد الاختلاف الفكري معهم ، ثم يدعون الناس لاتباع منهجهم وتصديق عبثهم بأنهم الفرقة الناجية الوحيدة ، وأن غايتهم خلافة إسلامية في دول مسلمة بالفطرة والدستور!
وقد حذرت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء من خطر الاتحادات التي تصنف نفسها على أنها علمية، وهي بالأساس قامت على أفكار حزبية وأغراض سياسية ، ولا تمت للعلم والعلماء بصلة، مثل ما يسمى”الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” الذي ينطلق من أفكار حزبية ضيقة مقدمًا مصلحة حركته على مصلحة الإسلام والمسلمين، فكان لهذا الاتحاد دور في إثارة الفتن في بعض الدول الإسلامية والعربية على وجه الخصوص، ونصحت الأمانة الجميع ولا سيما طلبة العلم بالابتعاد عن الانتساب إلى هذه الاتحادات وإلى أي اتحاد ، أو مجمع غير معتمد من الدولة.
ما ينبغي علينا اليوم بالضرورة هو البدء بصحوة⁩ جديدة معتبرين من أخطاء الأولى دون تعبئة ولا تبعية ولا إقصاء لأحد كلنا رعاة في بيوتنا دعاة في أعمالنا وأينما حللنا مع أقاربنا وجيراننا وزملائنا، ولا تقف الدعوة وتذكير الآخرين بالخير على ثلة من الأشخاص بل يبادر كل مَنْ يملك العلم والمعرفة (لا سيما أن مجتمعنا اليوم بيئة متعلمة لن يستطيع أحد خداعه)، حتى لا يخرج علينا دعاة جدد يقتاتون ويشتهرون ويتاجرون بقال الله وقال الرسول ، ثم يتحزبون ويفترقون ويتقاتلون فيما بينهم.
فلا عاقل يظن اليوم أن طوق النجاة للأمة والوطن ضمن أجندة الليبرالية أو العلمانية ، كما لا يحلم منصف بحلول لدى التيارات الحزبية الإسلاموية والسبب في أن الفكر الليبرالي والعلماني يغلب عليه التفكك والسطحية ويهدف في العموم لمصالح دنيوية، أما فكر الجماعات الحزبية إما تابع منفذ لأجندة تنظيمات تحلم بالسلطة بأي طريقة كانت ، أو آخر يدعم سلطة قائمة كيفما اتفق ولو نفق 
والحل من وجهة نظري يكمن في فكر جديد حر مستقل لا يشبه آخر ولا يتأثر بأحد، ينطلق من العودة لمبادئ الدين الإسلامي القويم كتاب الله وسنة نبيه فقط لا مجالًا فيه لجماعات وتيارات حزبية تتقوقع على نفسها وتعظم منهجها وأقصى طموحها إنهاء وإقصاء الآخر.
وختامًا أقول مَنْ خدعنا بالله انخدعنا له زمن ولى وانتهى، ولست بالخب ولا الخب يخدعني، ولا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين .