|

المسرح السعودي أم مسرح الطائف؟!

الكاتب : الحدث 2024-08-20 11:09:28

بقلم ـ عارف أحمد

منذ ولادة المسرح في المملكة العربية السعودية تصدرت الرياض والمنطقة الشرقية تأسيس الفن المسرحي على نطاق اجتماعي ونخبوي وأيضًا جماهيري في أضيق حدود ممكنة في ظل ظروف كانت أشبه باستحالة قبول المسرح بين المجتمع المتشدد، تأسس فيه بسواعد محبين الفن المسرحي بمباركة مثقفين المجتمع ورواد الفن لتفعيل التجربة المسرحية بطرق أكاديمية مبسطة والاستعانة بالخبرات العربية لتكوين مجتمع مسرحي بأخلاق فنية واجتماعية على طريقة السابقين من العصر الفني الذهبي للدول العربية (المدرسة الأصيلة)، كان العمل عليها مبني على لبنة أساسية وهي (المسرح السعودي) ولم يكن مبني على انتماء المسرح على مناطقيته، منذ أول عمل كتب للمسرح إلى المسرح الحالي المجتمعي والنخبوي  ، كل ذلك ولم يتم تصنيف المسرح حسب المنطقة كما هو الآن مع مسرح الطائف !! 

ردا على الأستاذ "سامي الزهراني "عضو مجلس إدارة جمعية المسرح والفنون الأدائية بالطائف على ما كتبه في منصة إكس متذمرًا من وضع مسابقة إثراء للمسرحيات القصيرة مشيرًا إلى تغريداتي حول عملية التنظيم وبعض الأخطاء الواردة في أي مسابقة أن تحدث ولكن منطقة خلافي معه في نعت المسابقة بالمناطقية المقيتة وأنها تقوم على المصالح الشخصية والتحيز والتنبؤ لها بالفشل "التنبؤ الغير منصف"، من هذه التغريدة خطرت ببالي بعض التساؤلات البسيطة والعفوية وهي:

*هل نتمنى لأي مسابقة تمثل مستوى المسرح السعودي وليس المناطقية كما نعتها الأستاذ سامي الزهراني بالفشل؟!
*هل تم منعك في مسابقة المونو دراما والديو دراما العام المنصرم من المشاركة؟!
*هل المباركة لنجاح أي عمل مسرحي سعودي يجب أن يكون تحت نطاق جغرافي معين أم هو نجاح للمملكة ككل؟!
*لماذا هذا الحرص لتقسيم النشاط المسرحي حسب المنطقة رغم ان المشاركات الدولية التي تمثل المملكة يتبادلون التبريكات بينهم باسم المملكة بخلاف فرقة الطائف تمثل نفسها باسم "فرقة الطائف" وليس فرقة السعودية؟!

ولا أعلم إذا كنت ملم بالسياسة التي بني عليها مشروع إثراء للمسرحيات القصيرة وهو رفع المستوى الفني للممارسين في المنطقة الشرقية التي يقع فيها إثراء ولم تعلن منذ انطلاقة المهرجان سنة ٢٠١٩ بان المهرجان مفتوح لكل فرق المملكة وهذا جائز في المهرجانات بأن تحدد المساحة الجغرافية للمشاركات بناء على عدة اعتبارات لوجستية، وبالتالي ليس من حق أحد كائن من كان الاملاء على جهة تنظيم اي مهرجان سواء اثراء او غيرها بفتح مجال المشاركات فهذا خسار شخصي.

وإضافة إلى كل هذا التذمر منك إلا أن المسرح طاقته الإيجابية أكثر من رائعة في حالة تجلي وحب واضح بين المسرحيين ومساندتهم لبعض والفرحة الجماعية لفوز الجميع في شعور الكيان المتماسك والانتماء الواضح لحالة المسرح السعودي في ازهى وأجمل حالاته، وكل ما كتبته في منصة إكس حول المهرجان كان الغرض منه الإشارة إلى الحالة التنظيمية لتفاديها في المسابقات القادمة وليس لإسقاط المسابقة أو محاولة إفشال العملية التنظيمية بل كل ما ذكرته يدل على نجاح المسابقة وبيع تذاكر العروض كاملة على الرغم من عدد المقاعد الذي لا يتجاوز 150 مقعد.

كما تعلم يا أستاذ سامي الزهراني أن مسرح المنطقة الشرقية بكل فرقها تنتمي انتماء كللي لبساط الدولة بدون تقسيم أو تصنيف ،ولا يخفيك إذا صح لي التعبير أن المنطقة الشرقية بتصنيفك المناطقي هي منافس شرس محليًا ودوليًا من قبل أن تخلق فرقة الطائف من داخل قلاعها الحصينة التي خلقتها لها ، إذا كان المسرح في المنطقة الشرقية له من التاريخ العظيم في حصد جوائز أعرق المهرجانات الدولية في منافسة لرفع علم المملكة العربية السعودية كوطن واحد وليس علم فرقة الطائف كتعبير مجازي لحجم الأنا العظيم لعزل نجاح فرقة الطائف عن نجاح الدولة ككل في عرس فني وفرحة وطنية لكل المسرحيين .

كتبت هذا المقال ليس للرد فقط إنما لدحر صفة الأنا المقيتة والانتماء المناطقي لكل من تسول له نفسه تقسيم الفنون حسب الموقع الجغرافي ناهيك عن إضافة النجاحات إلى القائمة الماسية بعيدًا عن الانتماء الوطني لكيان واحد وبلد واحد يجمعنا علم واحد "ليس لدينا اعلام أخرى تمثل هذا الوطن سوى راية التوحيد " التي يمثلها المسرح ويعمل تحت ظلاله وكسرنا الحواجز التي اجتهد كثيراً مما سبقوك في خلق سور التقسيم العظيم، أتمنى أن توأد هذه الأفكار الدخيلة على فضاء الفن ككل وأن لا نسمح بتغلغل هذه الأفكار في كيان المسرح وأن نعمل لخلق كيان واحد اسمه " المسرح السعودي" وليس المسرح المناطقي.

وفي الختام باسمي وباسم المسرح السعودي يجب التأكيد على الجميع أننا في ملعب واحد واضح الحدود يتخلق بأخلاق الفن الراقي ولا تسيطر عليك جملة " لعبوني والا بخرب".