|

مكبور أم مقبور !

الكاتب : الحدث 2024-07-17 01:02:05


علي بن أحمد الزبيدي

كثيرًا ما تجمعنا المجالس فنسمع كلمة "مكبور " ونرددها جيلاً بعد جيل ، وكأنها قرآن منزل لا يقبل التغيير أو التبديل ، وكلمة " مكبور " لِمَنْ لا يعرفها هي كلمة تعني أن هناك مَنْ هو أكبر مني ، وتستخدم هذه الكلمة كثيرًا بين أهل البادية وأهل القرى والهجر ، وإن كانت تتلاشى بين أهل الحاضرة لكنها ربما تكون موجودة هناك بطرق أخرى كصاحب الجاه ، وصاحب المال ، وصاحب الحظوة ، وصاحب الرأي المبجل !
وهذه الكلمة رغم أنها سهلة النطق وقليلة الحروف إلا أنها تعد أكبر وسيلة للقتل ، والهدم ، والإغراق ، وكل أنواع الدمار ، فهي وإن كانت كلمة إلا أنها تقتل روح المبادرة عند الآخرين ، وتهدم الأفكار الهادفة ، وتغرق الشباب في زمن الغابرين !
إن كلمة "مكبور " التي يتغنَّى بها البعض ظنًّا منهم أنها باب من أبواب الرجولة والعادات القبلية الحميدة لهي ممّا يمقته الإسلام ، فديننا يأمرنا بالاستقلالية في التفكير والرأي ، وعدم تسليم العقل للآخر دون وعي بل إن الآيات القرآنية في مجملها تدعونا للتفكُّر ، والتدبُّر ، والتأمُّل ، وعدم الركون لما كان عليه آباؤنا وأجدادنا ، فلربما كانوا على خطأ ، ولربما أن تغير الأزمنة والأمكنة يجعل من بعض الآراء غير صالحة لكل زمان ومكان ، وإن المتأمّل لسيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ليجده يفسح المجال لصغار السن ويحادثهم ، ويقبل رأيهم ، ولا يتعصب لرأي كبير لكبره ، ولا لصاحب جاه لجاهه ، ولا لقريب لقربه ، ولا لصاحب مال لماله بل كان يقبل الرأي حين يجده صائبًا من أي شخص كان وقيل : ( الحكمة ضالة المؤمن فحيثما وجدها فهو أحقُّ بها ) ، وإن ما نراه اليوم من الاستبداد بالرأي ، أو الركون لرأي دون رأي ، أو استخدام الفيتو "مكبور" لهو تعطيل لعقول الشباب ووأد لأفكارهم ؛ ولذا يجب على الشباب قبل كبار السن أن يلغوا من قواميسهم كلمة " مكبور " ؛ لأنها تعني بأن الشخص الذي يؤمن بها هو " مقبور " وإن كان حيّا ؛ ولذا يجب أن نعلم أن لكل شخص كلمة يجب أن تسمع ، ولكل شخص رأي يجب أن يحترم ، كما يجب على كبار السن وأصحاب الوجاهات أن يتركوا الوصاية على عقول الآخرين ، وليعلموا أن الزمن قد تغيّر ، وأن كلمة " مكبور " أصبحت من الماضي !

همسة الختام..
قف دون رأيك في الحياة مجاهدًا * إن الحياة عقيدة وجهاد