تركي الغامدي : إن النضج يعتبر المرحلة الأولى لجني ثمار التفكير الصحيح
الاسم ـ نوره محمد بابعير
الكتابة تنقي الكلمات مَن شوائبها ، لتصبح ثابتة المعنى ، بين الكتابةَ و النقد هناك للغة عربية دائمًا تصنع للنصوص قيمة وصفها و تحليلها و إطلاعها ، تركي سعيد الغامدي معلماً في مجال اللغة العربية ، أصبح هاويًا في جماليات اللغة و مفاهيمها لديه تناقلات متعددة أضافت لها تجربة في التعليم ، كان معلمًا ثم مشرفًا للغة العربية في المنطقة الشرقية ثم أصبح رئيسًا لقسم اللغة العربية في الإدارة العامة للتعليم بالمنطقة الشرقية ثم مساعدًا لمدير مكتب تعليم القطيف ثم مديرًا لمكتب التعليم في محافظة الخبر ثم معلمًا في مدينة الطائف ، توسعت رغباته تطرق للتأليف كتاب " الفكر والتفكر تحت رصد مجهر ثقافي " ولديه عدة بحوث متعلقة بالتفكير الناقد .
-لكل شيء سر صنْعة ، تبرز في الإنسان ميزة ابتكارها ، تحدث بورخيس عن صنعة الشعر ، أثبت أن لكل أبداع أسرار تخص أشخاصها ، ماهو سر تركي الغامدي في مجال اللغة العربية ولماذا أخترت الميول فيها ؟
أراني ممتن للغة العربية لأنني ذهبت واتجهت إليها طوعا وليس كرها ، وهنا يكمن الفرق بين من يختار مجالا دراسيا أو علميا أو حياتيا لرغبته وحبه فيه ، وبين من يجبر على مجال لا رغبة له فيه سوى أنه هو المتوفر، إلا أن هذا الحب وذلك التعلق باللغة العربية من جانبي مر بمرحلتين بينهما اختلاف كبير في التعلق والحب والرغبة ، فالمرحلة الأولى في تعلقي باللغة يمكن أن أطلق عليها مرحلة التعصب ، وهي مرحلة أكتشفت أنها مع الأسف الشديد مرحلة الفهم الخاطئ للغة وكذلك جمود التفكير في كل ما يتعلق باللغة ذاتها وعلم اللغة، وأيضا هي مرحلة الاقتناع والتسليم ومن ثم الاستسلام لكل ما دونه أهل اللغة في الموروث اللغوي والوقوف عنده واعتقاد أن ما أتوا به لا يراجع فضلا عن أن ينقد أو يغير.
أما المرحلة الثانية في التعلق باللغة فهي مرحلة التحرر والانطلاق، التحرر من كل القيود التي وضعها السابقون وأقر بها اللاحقون بنمط فكر مهيمن ومسيطر ورافض لمجرد سؤال أو استفسار يتضمن معنى النقد لتلك القيود، وهذا كان التحرر، أما الانطلاق فيمثل اكتشافات اللغة الخطيرة التي طالما تكاسلنا عن السفر إليها والإبحار فيها إما بسبب الخوف، أو بسبب التبعية الأيديولوجية، أو نتيجة ضعف المخزون العلمي للغة ذاتها.
وأرى إن لم يكن اعتقادًا أن سر اللغة يكمن في أنها تملك سلاحا فتاكا ذا حدين، حد استشرافي يؤدي إلى التنوير والازدهار المستقبلي، وحد ظلامي يؤدي إلى البقاء في الظل دائما ولا ينفك يردد مقولات كانت يوما في وقتها مزدهرة.
-التغيير يحدث من ثقافة الإنسان في معناها ، هل هناك عوامل ساهمت في تغييرك ؟ وهل ثقافتك سبقت تغييرك أو تغييرك هو من أضاف للثقافة قيمة وعيك فيها ؟
التغيير لا يحدث إلا عند تغيير ثقافة ، وهذا يعني أن الثقافة لا بد أن تسبق التغيير ، هذا طبعا في حال اعتبار الثقافة هنا أنها الممارسات والمعارف والأنماط المكتسبة ، والتفكير بحد ذاته في التغيير يعطي مؤشرا إيجابيا لنمط ذلك التفكير ؛ لأن التغيير ليس أمر يسيرا أيا كان مجال ذلك التغيير ، كما أن التغيير يزداد صعوبة ومقاومة إن كان التغيير تغييرا ثقافيا نظرا لتتابع الثقافة وتواترها وهيمنتها وقوتها في محاولة منعها لأي تغيير يكسر أنماطها وسلوكياتها حتى وإن كانت تلك الأنماط والسلوكيات والمعارف خاطئة ، ولذلك هناك عوامل أو يمكن أن يطلق عليها معايير مساعدة للإنسان تجعله يتحرر من الأنماط والتقاليد الخاطئة والمهيمنة على ذلك الإنسان أو تلك القبيلة أو ذلك الشعب منها وضوح التفكير وصحته واتساعه ودقته وعمقه وقبل كل ذلك أن يكون ذلك العقل أو ذلك التفكير الذي يطمح إلى التغيير أن يكون مجردا حتى يتجلى له الحياد بكل شفافية ووضوح لتبقى الخطوة الأهم وهي بدء عملية التغيير فعلا وسلوكا وليس مجرد تنظيرا، وأرى أنه إن حصل كل ذلك فسيضيف للثقافة وعيا وقيمة وفهما وسيعمل ذلك التغيير على ضعضعة وتقويض ونقد فكر تلك الثقافة ومن ثم تعديل ذلك الفكر.
-يظن البعض أن التلميذ هو من يتعلم لكن في الحقيقة المعلم و التلميذ كلاهما يتعلموا من بعضهما البعض ، هل التعليم خلق لك دوافع أتجاه اللغة العربية و ما يلحقها من النقد ؟
بلا شك أن التعليم خلق لي دوافع وفتح أمامي طرقا نحو اللغة العربية شريطة أن يريد ويرغب المتعلم أو التلميذ في ذلك لأن التعليم بحد ذاته غير كاف ، وأذكر هنا معنى مقولة لأنشتاين تفيد أن الثقافة تلغي كل ما يتعلمه التلميذ في المدرسة بل وتجعل ذلك التلميذ ينسى ما تعلمه وبالتالي تتولى الثقافة أمر التوجيه وهنا يظهر أحد جوانب خطورة وقوة الثقافة، وبالتالي فقد كان للتعليم بالنسبة لي دورا في تحديد اتجاهي إلا أن الثقافة كان دورها أقوى حتى وإن كان دورها الأقوى سلبيا ولكنني حاولت ما استطعت أن أناهض وأقاوم ذلك ونتج عن تلك المقاومة دافعا إيجابيا بالنسبة لي كان أصله سلبيا في الثقافة ذاتها.
-أساس المعرفة طريقة بحثها ، على ماذا تعتمد في بحوثك واختيار مواضيعك للمعرفة ؟
الركيزة الأساسية التي يعتمد عليها الباحث في بحوثه هي القراءة بجميع أنواعها كالقراءة العلمية أو القراءة الحرة أو القراءة الناقدة أو القراءة التحليلية، ولا أتصور باحثا لا يقرأ، وعلى مقدار قراءة الباحث وفهمه وتحليله وتقييمه وكذلك قبوله للتنوع الثقافي على قدر ما سيكون بحثه أصيلا ونافعا للمجال الذي بحث فيه، وكلما كان الباحث قارئا نهما كلما توفرت لديه الاستدلالات والبراهين التي ستحضر وقتما يستدعيها عقله في أثناء كتابته لبحثه، كما أن الباحث يجب أن يقرأ كل وجهات النظر التي تطرقت لموضوع بحثه سابقا ولو كان ذلك التطرق بعيدا عما يرمي إليه البحث بمعنى أن يتوفر لديه معيار من معايير التفكير الناقد وهو معيار الاتساع، وهناك نقطة هامة وهي أن القراءة وحدها لا أراها كافية لإنتاج مبحث علمي أو معرفي مميز بل يجب أن يقترن ويتماشى مع تلك القراءة التجريد و الدقة والتحليل والتفكيك والتقويم للتأكد من مسار وخطة البحث ثم التقييم الذي سينتج اكتشافا جديدا إن كان التقييم تقييما صحيحا.
أما اختيار مواضيع البحث فهو يعتمد بعد القراءة طبعا على ظهور أو اكتشاف مشكلة معينة ولها أهمية، ومن ثم تفكيك تلك المشكلة.
-الكتابةَ وثيقة الفكر ، لديك مؤلف " الفكر والتفكر تحت رصد مجهر ثقافي " تحدث عن مؤلفك ؟
كتاب الفكر والتفكر تحت رصد مجهر ثقافي تحدثت عنه في الكتاب نفسه وتحديدا في الفصل الأول، ويعود السبب في توضيحي للقارئ حكاية التأليف هو أن الكتاب نتج بعد تحول أو تغير في نظرة وتفكير المؤلف نتيجة القراءة والاطلاع على بحوث وكتب مبنية على استدلالات منطقية سواء كانت استدلالات استنباطية أو استقرائية أو استدلالات مبنية على القياس .
وبداية فكرة التأليف كانت دراسة أدبية أو نقد أدبي لكتاب أدبي في العصر الحديث، وكنت في أثناء التأليف أقرأ بتعمق بحوث وكتب أخرى في مجال السيمائيات والبنيوية والتفكيك والتشريح وصولا إلى النقد الثقافي وتفاجأت من بعد تفكير وتأمل أنني لم أكن أفكر وأنا أقرأ فكر موروثنا الأدبي، ومن ضمن ذلك الموروث على كل حال الكتاب الذي كنت أنوي تأليفه، فقد كنت طالبا مطيعا منسجما مع ذلك الفكر، رغم ما يختبئ خلف معظم ذلك الموروث الهائل من أنساق ثقافية خطيرة، وعندها اتخذت قرارا بالتوقف عن العمل في ذلك الكتاب وبالبدء في تأليف كتاب عنونته بالفكر والتفكر تحت رصد مجهر ثقافي مستندا في تأليف الكتاب على ما توصلت إليه قراءاتي مستشهدا بآراء وبحوث عدد من المفكرين والفلاسفة والأدباء منهم أستاذنا الدكتور عبدالله الغذامي وأستاذنا الدكتور عالي القرشي وأستاذنا الدكتور غازي القصيبي رحمه الله وغيرهم مما ذكروا في الكتاب ويضيق المقام هنا عن الإفصاح عنهم.
والكتاب بشكل عام يضم مقدمة وخمسة فصول وخاتمة تدور في عمومها حول فلسفة التفكير والفرق بين الفكر والتفكير أو التفكر مع اختلاف المضامين التي يطرقها الفكر من أنماط اجتماعية وتعليمية وصولا إلى أخطرها وهو الشعر.
-بين البحث والكتابة هناك مؤلفان ينتظران النشر ، تحدثت لك مؤلفان لم يكتملان ، تحدث عن فكرتهما وكيف تم أختيارك لهما ؟
بالفعل كلا المؤلفين جار العمل فيهما وأسأل الله العون في الانتهاء منها قريبا بحول الله ،
أحد المؤلفين في اللغة ، والمادة الأساسية للغة في هذا المبحث هو القرآن الكريم وذلك بالوقوف على تحليل الألفاظ وخصوصا الألفاظ المتطابقة في بنيتها وأثر المعنى الناتج، أو في الألفاظ متقاربة البنية، والعلاقة بين ذلك التقارب وتأثيره في المعنى، وقد سعيت جاهدا لجمع البيانات والمعلومات والمعطيات من مراجع عديدة في مجال علم اللغة وفي المعاجم وفي كتب المفسرين وما زلت في أثناء الكتابة مستمرا في عملية البحث عن مراجع أخرى.
المؤلف الآخر يبحث في مجال النقد الثقافي من حيث تطبيق النقد الثقافي كدراسة للخطاب الموجود في كتاب أدبي معاصر وذلك بعد أن رأيت توافر شروط النقد الثقافي في ذلك الكتاب، وأسال الله العون.
-النقد يساهم في تحسين الأعمال الأدبية ، من اهتماماتك النقد الثقافي ، تحدث عن ثقافتك في النقد ؟
هناك فرق بين النقد الثقافي وبين نقد الثقافة وبين ثقافة النقد ولعل المقام هنا لا يتسع للحديث عن تلك الفروق ولعلي أختصر الإجابة في أن النقد الثقافي يبحث في الأنساق المضمرة والمختفية خلف النصوص ليكون النقد الثقافي كاشفا لنصوص نراها ذات بلاغة وجمال ولكنها في حقيقتها ليست كذلك بينما نقد الثقافة يبحث في عن ظواهر ثقافية ظاهرة على سطح النص أو الخطاب ذات نسق ظاهر غير مضمر واضح ومكشوف للقارئ أو المستمع، كما أن النقد الثقافي ينظر إلى النص كحالة متواصلة من الماضي للحاضر سمتها التجدد المستمر عبر التواتر، في حين أن نقد الثقافة يكتفي بأن يدرس النص أو الخطاب الثقافي كتوثيق لواقعة أو ظاهرة ثقافية في حينها فقط ،وهناك العديد من الفروقات بين النقد الثقافي ونقد الثقافة، أما ثقافة النقد فيمكن اعتبارها منهجية وطريقة باحث أو ناقد في معطيات بحثه ودراسته. ومما تقدم سيظهر أن مجالي الذي في دراستي وبحوثي هو مجال النقد الثقافي.
-الفلسفة إجتهاد العقل في استنتاج المعنى ، ما هي الفلسفة في وجهة نظرك وما دورها في التطور البشري و الحراك الثقافي ؟
رغم ما قيل عن الفلسفة من الفلاسفة أنفسهم أو ممن يبحث في الفلسفة فوجهة نظري نحو الفلسفة تتمثل في أن الفلسفة تستفز المألوف من خلال سؤال قوي والسؤال القوي هو الذي يدفع عجلة التفكير لينتج سؤالا آخرا قويا، الفلسفة تبحث دومًا عن ما يمكن أن يكون حقيقة بأسئلة قوية في الوقت الذي لا تهتم فيه الفلسفة نفسها بالإجابة.
-التّفكير يخلق النضج ، متى يصبح التفكير ناضجًا ومتى يصبح خديعة النضج؟
لا شك في أن التفكير يخلق النضج بل إن النضج يعتبر المرحلة الأولى لجني ثمار التفكير الصحيح قبل الاستقلالية الذاتية والانعتاق الذهني النمطي ومن ثم الحرية الشخصية ثم التنوير فالإبداع الذي أراه يعتلي نتائج هرم التفكير، إلا أن التفكير قد يتحول تحولا سلبيا خطيرا إن سمح للفكر أن يهيمن عليه فتولد هنا الأيديولوجيا كما وصفها أستاذنا الدكتور عبد الله الغذامي حيث يقوم الفكر بتعطيل إنتاج التفكر أو التفكير لتأتي مرحلة أخطر وهي مرحلة تقديس الفكر والدفاع عنه ورفض أي أسئلة قد تؤدي إلى نقد تلك الذهنية المسيطر عليها من قبل الفكر، وفي هذه المرحلة يتحول التفكير من مرحلة نضج إلى مرحلة خديعة ووهم.
-بين المكتبة و الكتابة ، تختلف الآراء و العقول و الأولويات و المعتقدات ، كيف تركي الغامدي يتعامل مع هذه الاختلافات ؟
كل مكان في الحياة وكل موقف في الحياة من الطبيعي أن يجد فيه الإنسان سعادة ومن الطبيعي أن يجد فيه ما يعكر مزاجه وهذه هي الحياة بطبيعتها، إلا أن المكتبة تبقى بالنسبة لي المكان الآمن الذي أنشد فيه السعادة والهدوء ومن ثم الاستقرار ، والكتابة هي نتاج ما أستقر في الذهن من قراءة وإطلاع وكيف تستطيع الذهنية أن تتذكر وتفهم ما قرأته لتصل إلى مرحلة تحليل وتقويم وتقييم ما قرأته حتى تصل إلى الإنتاج بناءً على بناء المراحل السابقة.
وبلا شك أنه يصعب التأليف في ظل غياب القراءة السابقة للتأليف، وهذا إجابة لمن يسأل عن كيفية التأليف خصوصًا مع ظهور دورات أو محاضرات عنوانها : كيف تؤلف كتابا ؟ والإجابة عن هذا السؤال ستكون غير منطقية لأن السؤال في أصله سؤال خاطئ، وإن حدث وظهر كتابا في ظل الظروف السابقة فسيكون كتابًا لا قيمة له.
ومن ناحية أخرى قد يحدث تأليف لكتاب وصاحب هذا الكتاب كان ذو صلة بالمكتبة بمعنى أنه قارئ ومطلع ولكنه اكتفى بالقراءة والإطلاع ولم يعمل على مراحل أعلى من ذلك وهي مراحل التحليل والتفكيك والتقويم والتقييم كما أشرت سابقًا ، وبالتالي ففي الغالب سيكون ذلك الكتاب تكرارا ونقلا لمعارف وثقافات وعلوم سابقة ولعل الشيء المختلف هو الأسلوب فقط، ومن هنا تختلف كما ذكرتي في سؤالك الآراء والعقول والأولويات والمعتقدات بين المكتبة والكتابة، لأن القراءة وحدها حتى وإن كانت قراءة متوسعة لن تنتج لصاحبها وللآخرين شيئًا جديدًا طالما أنها افتقدت للتحليل والتفكيك والتقويم والتقييم.
-من خلال القراءات ، يستطيع الإنسان أن ينتج معرفة جديدة تكونت من اجتهاد وعيه ، هل هناك نصوص ساهمت في تكوين معرفة واعية كانت من اجتهادك ؟
لا أستطيع الإجابة على هذا السؤال لأنني لست شاعرا أردد أبيات لي كلما طلب مني ذلك، ولكن ما كتبته في كتابي الفكر والتفكر تحت رصد مجهر ثقافي سيكون فيه ما أتمنى وآمل أن يسهم في تكوين معرفة واعية.
-ماذا تقرأ ، وما دور القارىء في احياء النص آو موته ؟
القراءة بالنسبة لي تمثل أساسا من أساسات اليوم والليلة ومكتبتي قمت بغربلة الترتيب السابق لها المبني على تقسيم العلوم والمعارف في أقسام محددة حسب الترتيب المتعارف عليه في المكتبات، ووضعت جميع الكتب بشكل عشوائي مما جعل كتب اللغة مع كتب التاريخ مع كتب الدين مع كتب علم النفس مع كتب البلاغة مع الروايات مع الدواوين مع المعاجم وهكذا ..
والسبب في اللجوء إلى هذه الطريقة هو أنه في لحظة البحث عن كتاب في علم معين فمن الطبيعي التوجه إلى قسم ذلك العلم فقط، ولكن عند بعثرة العلوم مع بعضها البعض فسأضطر إلى البحث في المكتبة كلها عما أبحث عنه وهذا بدوره سيتيح لي فرصة الإطلاع على عناوين عديدة في مجالات مختلفة مما يجعلني أقرأ بعض تلك الكتب التي لم تكن ضمن بحثي عنها وهذا يجعلني مرتبطًا و متصلًا مع الكتب والعلوم والمعارف بشكل أقوى وأوثق، وقراءتي البحثية تكون في المكتبة ودائمًا تكون متعلقة بمجال التخصص سواء في اللغة والمعاجم أو الأدب أو التاريخ أوالنقد أو الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع، وهناك قراءة أخرى تكون في العمل بأن أصطحب معي كتابًا وغالبًا ما تكون من الكتب المهتمة بفلسفة التفكير، وهناك القراءة التي تكون قبل النوم أحد كتب طه حسين أو بعض الروايات.
أما بخصوص دور القارئ في إحياء النص أو موته فإذا اعتبرنا أن النص كائن حي كما أشار إلى ذلك بعض اللغويين فإن المتلقي هو من جعل النص كائنًا حيا وهذا بدوره يحول العلاقة بين النص والمتلقي من عملية استهلاكية إلى عملية إنتاجية لتتبلور صحة نظرية موت المؤلف.