|

الأرقامُ حينما تَنْطق..!!

2017-08-15 06:08:05

لا أعلمُ تحديدًا متى كانت البداية الحقيقيَّة للزِّواج الجماعي؛ ولكنَّني أجزم بفاعليَّة الفكرة وقيمتها الكبيرة.
قديماً كانت حالات الزَّواج قليلة وهو أمر مألوف لقلِّة عدد سكان المملكة آنذاك، حتَّى أنَّه قد تمرّ بعض السَّنوات ولا يوجد سوى حالة زواج واحدة، ثمَّ مرَّت السَّنوات وأصبح لدينا حالة تضخم في أعداد الشَّبيبة ما نتج عنه تكاثر المتقدمين للزَّواج، ومن عادتنا السَّيئة، أو الحسنة أنَّ أَعْرَسانا تتساوق معها بعض الظُّروف؛ فَرَهنَّا فصل الصَّيف وأيام العطل لذلك، وباتَ الواحد منّا بمشاغله المعلَّقة وفروضه الخاصَّة مرهوناً بالكامل لتلبية تلك الدَّعوات.
في هذه السَّنة فقط؛ احتضن جدولي بأكثر من سبعين دعوة زواج؛ ناهيك عن بعض الاتصالات والرسائل ما بين قريب، وصديق، وزميل، وكلّها تستحقّ الإجابة لقرب أصحابها إلى نفسي.
ومع تلك المقدِّمة أجدني مضطرًّا إلى الإشارة إلى أنَّ هناك قرية واحدة بها أكثر من ثلاثين حالة زواج في شهر الصَّيف هذا؛ أي بمعدل زيجة واحدة في اليوم الواحد؛ فضلاً عن حالاتٍ أخرى خارجة من الحِساب؛ كالملكة والخطبة التي أصبحت أشبه بحفلة زواج مصغَّرة سرقتْ من الجميع كلّ أيامهم الثَّلاثين.
حِسبة بسيطة تكشف مدى الوعي؛ ولكن بصورة معكوسة مقدار ما نهدره من أوقات؛ ناهيك عن غواية الشَّيطان المترتِّبة عن تلك الأيام: “ولا تسرفوا إنَّ اللهَ لا يُحب المسرفين”، فلو حسبنا، فقط؛ متوسط معدل الوقت المهدور لكلِّ حالة زواج لوجدنا أنَّ هناك خمس ساعات على أقلِّ تقدير لكلّ حالة، مع ما يتخلَّل ذلك من الاستعداد والتَّهيؤ، لأصبح لدينا أكثر من 150 ساعة ضائعة في الهواء، وذلك يعني ضياع أكثر من خمسة أيام بلياليها في هذا الشَّهر فقط، ولكم أن تضربوا النَّتيجة في اثنين.
أمَّا إذا نحينا الوقت جانباً، وأبعدناه من الحساب، لأنَّنا مجتمعٌ لا يعتدّ بالوقت، ولا يعرف قيمته، ولا يعيره أيّ اهتمام؛ بعد أنْ وصل حال بعضنا إلى المفاخر بضياع وقته فيما لا طائل من وراءه، فلا يغرب عنَّا حِساب التَّكاليف الماديَّة، التي فقط؛ تمثِّل تلك الزِّيجات المحسوبة بالثَّلاثين؛ لأصبح لدينا أكثر من ستة أصفار بجانبها رقم كبير كان بإمكاننا تقليصه إلى خمسة أصفار بجانب رقم أصغر على اليمين، وأنفقنا الباقي إنْ كان ولابدّ فيما ينفع العباد والبلاد.
ثمَّ تدور رحى الحكاية، وتنقضي فصولها المفرحة، ولمَّا تنتهي بعد تبعات كلّ ذلك، فهناك ركض لا يسكن في جميع الاتّجاهات بحثاً عن تسديد فواتير كلّ ذلك، إذا يكفي أنْ نعرف أنَّ أبواب المتزوجين لا تهدأ من كَثْرة الطَّارقين، من أصحاب الحقوق المالية التي أفرغها أصحاب الحكاية.
أمَّا إذا تجاوزنا ذلك كلّه، وقلنا مع القائلين وهم كثرة: إنَّ الزَّواج بمجموع تكاليفه الماديَّة وأوقاته المهدرة، حالات لا تتكرَّر كثيرًا في مسيرة حياة الفرد إلاَّ مرَّة واحدة إلاَّ عند محبيّ التَّكرار والتَّعدّد، وتتبّع المُتع، وحفظ الفروج، فلا بأس إذن من تبعات ذلك، فلا يكاد يغيب عنَّا نتائج مثل هذه الزِّيجات من طلاقٍ وخُلْع، حتَّى وصلت حالات الطَّلاق إلى أكثر من 35%، بزيادة عن المعدل العالمي الذين يتراوح بين 18% و22%، في محصلة تشي إلى أنَّ هناك حالة طلاق واحدة كلّ نصف ساعة، ففي عام (1431هـ) بلغت عدد حالات الطَّلاق (18765) حالة مقابل (90983) حالة زواج في العام ذاته.
أمَّا حالات الخُلْع فقد أكَّد تقرير إحصائى صادر من وزارة العدل (2011م)، أنَّ عدد الاحكام القضائيَّة الخاصَّة به وصلت الى (1071) حالة تقدَّمت بها فتيات سعوديَّات، بالإضافة الى إصدار أحكام قضائيَّة تطالب بالفسخ بلغت حوالى (2715) زيجة!!