إذا عُرف السبب بطُل العجب.
بقلم : عثمان الأهدل …
كثيرًا ما يتحدثون عن معجزة بناء الأهرامات، وكيف تم رفع حجارة كبيرة قد تتعدى حجم حافلة ركاب، وهذا فعلًا يبعث الحيرة في النفس، وقد ورد في قصة موسى عليه السلام مع فرعون في القرآن، أن فرعون طلب من هامان أن يوقد له من الطين، يعني يطبخ الطين في الماء الحار أو يضرم على طين نفسه بالنار فسيصبح قاسيًا جدًا وكأنه حجر، حيث قال رب الكون جل جلاله ؛{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38)} … سورة القصص.
حيث جاء في تفسير الطبري أن أوّل من طبخ الآجر وبنى به هو فرعون، قال: المطبوخ الذي يوقد عليه هو من طين يبنون به البنيان، وقوله: ( فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا )، يعطينا دلالة على أن الصخور كانت عبارة عن طين تم تشيدها مباشرةً فوق بعضها باستخدام النار حتى تجف من فورها، ولا سيما أن الدراسات تشير أن أسطح الأهرامات كانت ناعمة وبسبب عوامل التعرية تحولت وكأنها صخور، وهنا يعطينا دلالة واضحة أن بناء الاهرامات لم تكن بتلك الصعوبة التي يعتقدون. وهامان ليس باسم وزير، بل هو مسمى لرئيس البنايين "هامان"، أي وظيفة.
حتى مدائن صالح بالعلا في شمال المدينة المنورة أو البترا بالأردن، لاحظت أن الجبال التي نحتت عليها البيوت هي عبارة عن صخور رملية ليست قاسيةً كالصخر، أنا بنفسي نحت في أحد جدرانها ورأيتها تتفتت في يدي، ويبدو أن البناؤون كانوا ينحتون في الجبل من الأعلى إلى الأسفل، يعني ينحتون من أعلى الجبل بزاوية ثم يحفرون اخدودًا في داخل الجبل ونزولًا إلى الأسفل حتى يكتمل شكل الغرفة أو المنزل، وطبعًا كانت هذه البيوت مكسية بأبواب وشبابيك، وقد تم سرقتها من قبل المارة عندما هُجرت، فقد قال جل في علاه عنهم ؛{وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (82)}.. سورة الحجر.
هذه الآثار قد تكون معجزة في زمنهم لندرة الآلات الحديثة واستخدام معدات بدائية أعطت طابعًا استثنائيًا قد يكون في زمننا شيء عادي ومن البدهيات، ولا سيما لو رأينا في مدينة الرياض قد شقت مسارات قطار الرياض تحت الأرض من بداية طريق العليا إلى جنوبه بمسافة كيلوات لا تقل عن العشر، ولو قارنا هذا العمل ببناء الأهرامات أو بناء البيوت المنحوتة في مدائن صالح والبترا لرأيناه عمل جبار لا يقارن، ولكن الآلات الحديثة جعلت من الأمر سهلًا ميسرًا.
وطبعًا استنتاجي هذا ما هو إلّا خاطرة وردت في ذهني و أردت أن أشارككم إياها، وليست مبنية على بحث علمي أو أريد أن اتفلسف بها و أدعي المعرفة.