نظرة انطباعية لفلم سطار
فلم سطار يصنف من الفئة الكوميدية التجارية البحتة من تأليف الكاتب: أيمن وقار والفنان: إبراهيم الخير الله؛ وإخراج: عبد الله العراك، وبطولة كل من: إبراهيم الحجاج، عبد العزيز المبدل، إبراهيم الخير الله، عبد العزيز الشهري، شهد القفاري.
يبدأ الفلم بسرد قصة البطل سعد (الفنان إبراهيم الحجاج) كشخصية ارتكازية تدور أحداث الفيلم حوله انطلاقًا من مرحلة الطفولة في فلاشات سردية مقتضبة تروي بعض التفاصيل لتهيئة المشاهد لفهم السببية خلف القصة وهذا غير ملزم في بداية الفيلم ويمكن استخدامها في موقع آخر أكثر أهمية ليضفي على الفلم التشويق أكثر ويبقى الإيقاع مثيرًا أكثر لدى الجمهور، كما أن الموسيقى في بداية الفلم إلى نهايته كانت في مستوى أعلى من مستوى الحوارات مما أدى إلى تداخل الصوت مع الموسيقى ولم نستمتع بالحوارات في بعض المواضع ،كما نلاحظ أن صراع سعد يبدأ من الاختيار والاجبار إلى التنمر والقسوة إلى الرفض ومحاولة الابتعاد عن الشغف إلى تحديد الهدف، يكبر سعد فيجد نفسه أسير وظيفة محكومة برئيس دكتاتوري وحلم الزواج من خطيبته وتذمر والدتها كنوع آخر من ضغوطات حياة سعد التي تجبره على اتخاذ قرار كان يجب أن يكون غير ملزم به بعد أن قرر أن يمارس حياته بشكل طبيعي بعيدًا عن طموح جده (عبدالعزيز المبدل )في أن يكون مصارعًا ويتبع أحلامه ، فتنطلق أول المحفزات لاتخاذ قرار الخوض في تجربة المصارعة من رئيسه في العمل ثم من خطيبته ووالدتها ثم من جده فيقرر سعد بعدها أن يتبع حلمه في أحداث استثنائية في قالب كوميدي خفيف .
بداية يتوجب علينا أن نذكر بعض النقاط الإيجابية في العمل ككل ثم نذكر بعض النقاط السلبية من منطلق مشاهدة الفلم لمرة واحدة قد تكون كافية وقد تكون لا، حقيقة أني استمتعت جدًا بالعمل وكان الحضور رائع وتعالت الضحكات في تفاعل واضح من الجمهور وهذا يدل أن تلفاز 11 يحمل قاعدة جماهيرية عملاقة مقرونة بحملة تسويقية ذكية ومستوفية تفتقدها بعض الشركات المنتجة للأعمال السينمائية، أما من ناحية ثبات الشخصيات في العمل واضح جدًا وجلي ولم تخرج عن الايطار المرسوم بالمبالغة بما أن الفيلم يدخل في قائمة الكوميديا التجارية إلا أن الفارق هنا واضح جدًا ومتماسك، عنصر المفاجأة في الأحداث مناسب لإيقاع العمل، التسلسل في مجريات الأحداث متناسق بحبكة طريفة متناغمة مع الإيقاع السريع، أما من الناحية الإنتاجية فيتضح لنا أن العمل ككل بذل فيه قدرة إنتاجية رائعة انطلاقًا من الديكورات التي تم اختيارها وواقعيتها في جعل الصورة أكثر جمالًا ، كذلك الرمزيات الغير مفتعلة والتي تخدم مجريات الأحداث من مرحلة الصغر لشخصية سعد وانطلاقًا من مشهد الطفل في مكان عمل سعد في رمزية رائعة لشغف شخصية سعد كمصارع يحاول أن يخفي رغبته أن يكون مصارعًا وبين انطلاق شرارة العودة للرغبة في مشهد يبين لنا مدى ثقافة سعد حول المصارعة في مشهد يحاكي لعبة بيد طفل تجذبه للانفعال وتجسيد الشخصية من الجانب الخفي لها وهو الصراع الداخلي، ثم أن شخصية هوقن ( عبد العزيز الشهري ) كانت الإضافة الأجمل في ثنائية رائعة بينه وبين سعد في كوميديا لا متناهية، ولا ننسى جمال الحركة في الحلبة ويلاحظ الجهد في ابراز بعض فنون المصارعة لتضفي جمال وواقعية مقبولة.
سنحاول أن نشير إلى بعض الملاحظات باعتبارها بعض السلبيات في العمل، أولاً في مشهد غرفة هوقن كانت الكلوزات فيها غير موفقة، كما أن التركيز في العدسة لبعض المشاهد مفقود بسبب الحركة السريعة ، كما أن مشهد إختيار اسم المصارع بين هوقن وسعد كان الإيقاع في المشهد هبط إلى دون المستوى المرصود وكان متوقع اختيار الاسم بنفس الطريقة المطروحة في المشهد وهذا يعتبر مباشرة فجه وغير موفقة ، في لقاء عبدالخالق ( إبراهيم الخير الله ) كان العامل في المشهد ينظر إلى الكامرة بشكل مباشر يمكن ملاحظته بكل وضوح، تسارع في الأحداث غير مبرر ولوحظ فيها أن فرصة سعد في مشاهد تراجيدية لم تكن كافية مما خلق انطباع يستنكر سرعة الأحداث التي لم تتيح لإبراهيم الحجاج مساحة أكبر للتعبير عن المشهد بشكل كافي، أيضا مشهد الجد يقع في نفس الدائرة لم يتم التركيز عليه بشكل كافي لجمالية الحدث، مشهد عبدالخالق وهو في مركز أمني لمطاردة (الدوبر) وهو الشخصية المطلوبة أمنيًا للإيقاع به لم يكن مقنع اطلاقا لعدم توافق الحدث السابق والحدث الذي يليه وأصبح في وضعية الحشو الغير مبرر.
العمل جميل وناجح وممتع أيضًا وأعتقد أن شخصية عبدالخالق في الفيلم ستكون الظهور الأخير له لكي لا يحصر الفنان إبراهيم الخير الله نفسه في هذا القالب ، كما يجدر بنا الإشارة الى أن المبدع عبدالعزيز الشهري (هوقن) كعادته فنانًا بالفطرة ولديه قبول رائع جدًا من جمهوره وهو متلون وممثل من الفئة الصعبة جدًا .
باعتقادي العمل القادم سيكون مفاجأة للجميع، شكرًا لكم .
عارف أحمد
٢٠٢٣/١/٧