|

سور الوهم العظيم

الكاتب : الحدث 2022-06-14 08:46:38

بقلم :محمد بن مرضي
  


أو بمعنى أخر هندسة الأوهام الحديثة وإلصاقها بالعلم عنوة، وكنتائج علمية مثبتة من خلال إجراء المقابلات والاختبارات والمقاييس النفسية على عينة كبيرة من الأشخاص من مختلف الثقافات والمؤمنين بهذه الأوهام، وجدوا بأن هناك احتياج ما يعتبر أساسياً في شخصياتهم إما معلوم أو غير معلوم لديهم، وأن الهدف الرئيس من تصديق مثل هذه الأوهام هي الحاجات النفسية الأساسية التي يبحث عنها هؤلاء الناس مثل : الاهتمام والحُب ولفت الانتباه والحصول على المكانة المطلوبة أو العلاقات الاجتماعية المرغوبة أو تحسين صورة ذواتهم أمام أنفسهم والمجتمع من بعض القصور الذي هم يعرفونه تماماً عن أنفسهم، كما أكدت نتيجة إحدى الدراسة النفسية الحديثة التي استهدفت دراسة وتحليل وربط الأسترولوجي (علم النجوم) أو(الأبراج) بالسمات الشخصية للبشر، فأظهرت النتائج التي كانت على عينة كبيرة مختلطة من الذكور والإناث (غربية وعربية) بعد حصر أيام ميلادهم وربطها بالأبراج والنجوم التي ولدوا فيها، فتبيّن للباحثين أنه لا يوجد أي ربط أو دليل علمي أو منطقي له صلة بالسمات الشخصية وبين البرج الذي ولدوا فيه الأشخاص، كما أوصت الدراسة بأن ربط الأبراج أو النجوم بالسمات الشخصية هي خرافة من خرافات علم النفس وتحليل الشخصية، ولا يُعقل بأن كم هائل من البشر ولدوا في نفس اليوم ونفس البرج تتساوى سماتهم الشخصية جميعاً، والعجيب أن كل من يؤمن بهذه الأوهام ويسوقون لها، يعلمون يقيناً بأن أي علم على وجه الأرض لابد بأن يكون له جذور علمية تاريخية وعلماء وقوانين ونظريات ومبادئ تم اختبارها والتأكد من صحتها مراراً وتكراراً عبر العصور وفي مختلف الثقافات، وفوق كل هذا نجد كمّاً لابأس به من البشر يؤمنون بفكرة الأوهام والطاقة والأبراج وكل أساليب تجهيل العقول من قراءة الفنجان وتحليل الخط و التواقيع ويدافعون عنها بشراسة.
إقناع البشر بوهمية هذه الأمور مهمة صعبة جداً بل مستحيلة، ولكن دعوني أخطو خطوة إلى الأمام لتحديد مفهوم الوهم بشكل أدق وأربطة بعنوان المقال ونتائج الدراسات لمعرفة أن كل ما يقوله (بائعوا الوهم) هو لايعدوا كونه خرافات وأوهام لا دليل علمي أو منطقي عليها، فهل يعقل بأن كل الأشخاص الذين ولدوا في ذات البرج حول العالم تتطابق صفاتهم باختلاف ثقافاتهم ؟ لو قلنا نعم فهذا يناقض القرآن الكريم في قوله تعالى (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحد ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) إذاً أنت مختلف في كل شي بنص الآية سواء كنت مسلم أو غير ذلك، والسؤال الآخر ماهو الفرق بين تذكر صورة إنسان وبين تركيب صورة أو إنطباع في الذهن عن هذا الإنسان نفسه ؟ في الأولى أتذكر شيء موجود وملامح وجهه وبعض الأقوال وأنسى جملة من التفاصيل عنه، أما في الثانية الخاصة بالانطباع فقد أصفه بالبليد أو الذكي أو الخبيث أو الطيب أو غيرها من الصفات وهي غير مرتبطة لا من قريب ولا من بعيد بالنجم الذي ولد فيه إذاً أين تأثير النجم أو البرج على هذه السمة الشخصية سواءً كانت سلبية أو إيجابية.
في إعتقادي الشخصي .. إذا رضي الإنسان بابتلاع كمية التجهيل الممنهجة عليه من (الكُهان الجُدد)، فإنه سيتخم عقله من سمنة الأوهام والخرافات .. وسيكون (مسوقاً شبكياً) بأيدي هؤلاء الكهنة .. وهل يُعقل بأن الطاقة التي ليس لها شكل ولا تفنى وغير معلومة المنشأ والتي لا يستطيع أن يتحكم فيها البشر، بأن تكون مصدراً للشفاء والتداوي .. وهل يمكن للبشر التحكم في برزخ الطاقة العميق والمعقّد في هذا الكون.
الله جل في علاه لم يخلق عقولنا عبثاً، فالأدلة القرآنية ونتائج العلم أوثق من كل الأوهام والخرافات، وأن أعظم ثروة يمتلكها الإنسان هي (عقله) وعليه أن يستثمره في التعلّم والتطوير، وأن يستخدم الأدوات العلمية الرصينة كالمقاييس النفسية واختبارات الشخصية إذا أراد إكتشاف ذاته وميوله وقدراته وسماته واتجاهاته الشخصية .

عبور :
عندما تموت الحياة في عين صاحبها .. تصبح كل الأشياء بلا قيمة