|

قصر "المُشقّر" بالأحساء .. "حصن هجر" الأشهر في العصر الجاهلي

الكاتب : متابعات 2021-04-26 06:30:39

 

قصر المُشقّر" كما يعرف حديثاً، أو "حصن هجر" مسماه قديماً، مكان تاريخي استمد عراقته ورمزيته منذ العصر الجاهلي، وهو المكان الذي دارت عند أسواره معركة "الصفقة" الشهيرة بين العرب والفرس، وسمي اليوم الذي انتصر فيه العرب بيوم "المشقر" وهو من أشهر أيام العرب في الجاهلية.
وتعود تسمية القصر الذي بني عام 20 للميلاد بالمشقر لشقرته ولأنه طلي جميعه بالشقرة أي الحمرة، وعلى مقربة منه حصن آخر وهو حصن "الصفا" الذي قُتل فيه الشاعر المعروف طَرَفَة بن العبد، ويجري بين الحصنين نهر عرف باسم نهر المحلِّم الذي ذكره امرؤ القيس في قصائده، وتغنى بجمال البيئة الزراعية من حوله، وشبهه الرحالة الزهري بنهر بلخ جيحون الذي زار الأحساء في القرن الرابع الهجري.
ويؤكد الباحثون في تاريخية المشقر أنه في الأحساء بالمنطقة الشرقية، لكن اختلفوا في تحديد موقع الحصن بالضبط بين البطالية وجواثا والقارة.
وقد ورد اسم المشقر في كثير من المصادر التاريخية والأدبية والمعجمات اللغوية في القديم والحديث ومنها ما نقله ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان المُشَقَّرُ: بضم أوله، وفتح ثانيه، وقال غيره: المشقّر حصن بالبحرين عظيم لعبد القيس يلي حصنا لهم آخر يقال له الصّفا قبل مدينة هجر والمسجد الجامع بالمشقر، وبين الصفا والمشقر نهر يجري يقال له العين.
واشتهر المشقر بأنه أحد أسواق العرب في الجاهلية وقيل: " إنه سوق لأهل هجر يتبضع منه العرب من أنحاء الجزيرة العربية، وتقام فيه السوق من أول جمادى الآخرة، وكان لا يَقْدِم السوق قافلة إلا تخلف منها في هجر أناس وذلك لوفرة الماء وطيب الهواء ولذيذ الفاكهة، وكان البيع في السوق بالملامسة والإيماء والهمهمة.
وكان لكسرى سطوة على هذه السوق، شأنه في سوقي هجر وعمان وكان قاصدها لا يستغني عن حمايته. ورؤساء هذه السوق الذين يعاشرون الناس فيها من بني تميم، يسيرون سيرة الملوك وهم مثل ملوك دومة الجندل وهجر لا يسمحون ببيع تجارة أو عرضها حتى تنفق تجارتهم بتمامها ، وعرفت السوق نظام المعاملات التجارية، وقامت بنو عبد القيس على تنظيم السوق وإدارة مرافقها، وإجراء المعاملات فيها، ويتمُّ في السوق تبادُل السِّلَع الغذائية، والمنسوجات الهجرية ، والأسلحة الدفاعية والهجومية ؛ من رماح خطية، ودروع حطمية، وسيوف هندية، وأدوات الزينة والطِّيب، واللؤلؤ والذهَب، وكان سوقا شبيها بسوق عكاظ ففرصة التجمع والتواصل أتاحت للشعراء مساحة أدبية واسعة.
وكان المشقر يقع على طريق القوافل القديمة ويتم استبدال البضائع عبر ميناء العقير أو القوافل التي تسبر براري الأحساء جنوباً وشمالاً.
ويعتقد أن سوق الخميس في الهفوف أكبر سوق مفتوحة بالخليج هي امتداد لسوق المشقر الذي تناوله عدد من الشعراء في قصائدهم ومنهم : طَرَفَة بن العبد، الأعشى، مالك بن نويرة اليربوعي ، لبيد بن ربيعة ، الأخطل ، الفرزدق ، جرير ، ذو الرمة ، الخليل بن أحمد الفراهيدي ، الأصمعي ، ابن قتيبة، ياقوت الحموي ، وابن المقرب الأحسائي.
ويعد "المشقر" في الوقت الراهن الخيار الأول لسكان وزوار المنطقة، إذ يحوي بين جنباته أكبر مساحة من المسطحات الخضراء بالأحساء ويضم سوقاً شعبية وطريقاً مخصصاً لعربات "فود ترك" وأماكن ألعاب للأطفال، إضافة إلى أكبر ساحة للفعاليات بمساحة إجمالية بلغت 274 ألف متر مربع، كما يحوي مساحة شاسعة مخصصة لهواة المشي وعشاق ركوب الدراجات.