|

"صندوق النقد": الاقتصاد السعودي يتعافى .. الاستجابة الحكومية حاسمة والتحول الرقمي يتسارع

الكاتب : الحدث 2021-07-09 05:09:51

أكد صندوق النقد الدولي، أن الإصلاحات الطموحة في إطار "رؤية 2030" أسهمت في دعم الاقتصاد السعودي على اجتياز تداعيات الأزمة المزدوجة من جائحة فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط بنجاح، لافتا إلى أن الاقتصاد دخل معترك الجائحة مسلحا بنمو غير نفطي قوي وهوامش أمان قوية وزخم إيجابي في مختلف مجالات الإصلاح.
وأشار الصندوق في تقرير مشاورات المادة الرابعة الافتراضية لعام 2021، إلى استمرار تعافي الاقتصاد السعودي، وتباطؤ تضخم مؤشر أسعار المستهلكين، متوقعا أن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي 4.3 في المائة خلال العام الجاري، و٣.٦ في المائة خلال عام 2022.
ورجح قيادة القطاع الخاص للنمو في العام الجاري ليبلغ ٥.٨ في المائة، على أن يستمر على المديين المتوسط والطويل بمتوسط نمو ٤.٨ في المائة، مضيفا أن الأزمة أثبتت نجاح سياسات دعم الاقتصاد غير النفطي وأهمية مواصلة الإصلاحات لتحقيق أهداف "رؤية 2030".
وفيما يتعلق بنمو الاقتصاد الكلي، توقع أن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي الكلي 2.4 في المائة هذا العام، ويرتفع لاحقا إلى 4.8 في المائة عام 2022.
وبحسب الصندوق، أسهم التطور المتزايد للبنية الرقمية والنهج التكاملي لمنظومة العمل الحكومي من خلال تأسيس اللجنة العليا لإدارة الجائحة ونجاح السياسات في كبح الآثار السلبية على الاقتصاد السعودي.
كما أن تسارع التحول الرقمي للحكومة والخدمات المالية، وإصلاحات سوق العمل، والإمكانات المتوافرة لتنفيذ السياسات الاقتصادية، مكنت الحكومة من إدارة الأزمة بشكل جيد.
وأكد الصندوق، سلامة الجهود التي تقوم بها المنظومة المالية في تطوير القطاع المالي في المملكة، وصولا إلى تحقيق الاستدامة المالية التي تعزز من متانة وقوة الاقتصاد السعودي رغم كل الظروف والتحديات.
وأشاد باستمرار تعزيز الإصلاحات التنظيمية والبنية التحتية لتسهيل الأعمال والتجارة منها نظام الإفلاس، والتقدم المهم لزيادة المساءلة والشفافية في إطار المشتريات العامة، فضلا عن الشمول المالي والتكنولوجيا المالية.
كما أشاد الصندوق بتدابير دعم القطاع المالي أثناء الجائحة وأهمها "برنامج دعم تمويل القطاع الخاص" الذي أطلقه البنك المركزي ومساهمته في مساندة المنشآت الصغيرة والمتوسطة خلال الجائحة.
وتطرق إلى المبادرات التي قام بها البنك خلال الجائحة، ومنها تأجيل دفع مستحقات القطاع المالي على المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتحمل رسوم عمليات خدمتي نقاط البيع والتجارة الإلكترونية، ورفع الحد الأدنى للقوة الشرائية لبطاقات "مدى أثير" إلى 300 ريال، ودعوة البنوك إلى إعادة هيكلة القروض الحالية دون أي تكاليف أو رسوم إضافية.
وأكد الصندوق تمتع البنوك برأس مال جيد وسيولة جيدة، مبينا أنه لا يزال القطاع المالي خاضعا للتنظيم والإشراف الجيد من قبل البنك المركزي السعودي، فضلا عن التطور السريع لقطاع التكنولوجيا المالية في المملكة.
وأشار إلى أن سيولة النظام المصرفي السعودي في مستويات مريحة، مضيفا أنه لا يزال ربط سعر الصرف يخدم المملكة بشكل جيد، وتمتع المملكة باحتياطيات مرتفعة أكثر من كافية للحفاظ على الربط.
وأكد الصندوق أن الجاهزية الجيدة للاقتصاد لإدارة الجائحة، وتمثل ذلك في الاحتواء المبكر الصارم وتدابير التخفيف الصحية ودورها في تقليل عدد الحالات والوفيات، والنهج التكاملي لمنظومة العمل الحكومي من خلال تأسيس اللجنة العليا لإدارة الجائحة، وتوفير اللقاح للمواطنين والمقيمين.
وبخصوص قطاع الطاقة والمناخ، أكد الصندوق الإمكانات الضخمة للطاقة المتجددة في المملكة، فضلا عن الإعلان رفيع المستوى عن استراتيجية المملكة في مكافحة التغير المناخي، ورحب بالتزام حكومة المملكة بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة.
وتطرق الصندوق إلى أهمية اقتصاد الكربون الدائري الذي أقرته مجموعة العشرين، وعدته نهجا كليا وشاملا لإدارة الانبعاثات الضارة وتعزيز استقرار الأسواق.
وانتقالا إلى قطاع الإسكان، أكد الصندوق، برنامج الإسكان يعد أحد أهم برامج تحقيق الرؤية الرئيسة، ويهدف إلى "تقديم حلول لتمكين الأسر السعودية من الامتلاك أو الاستفادة من السكن وفقا لاحتياجاتهم وأموالهم".
ويسعى البرنامج إلى زيادة المعروض من المساكن، ولا سيما الإسكان الميسور التكلفة للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وتطوير خيارات التمويل من خلال البنوك وشركات التمويل وتحسين تنظيم سوق الإسكان بما في ذلك عن طريق تقليل الوقت اللازم للحصول على تصاريح البناء.
وكان الهدف بموجب "رؤية 2030" هو رفع معدل ملكية المنازل من 47 في المائة في عام 2016 إلى 60 في المائة بحلول عام 2020 ثم إلى 70 في المائة بحلول عام 2030، إذ بلغ معدل ملكية المنازل في عام 2020 نحو 62 في المائة.
وأشاد الصندوق بالوتيرة المميزة في إصلاحات السوق المالية لزيادة السيولة والعمق في أسواق الأسهم والسندات المحلية، وإتاحة وصول أكبر للمستثمرين الأجانب وإدخال منتجات المشتقات المالية والتطور السريع لقطاع التكنولوجيا المالية في المملكة والإصلاحات التنظيمية لتشجيع الاستثمار.
وذلك فضلا عن برنامج "شريك" ودوره في تقديم حوافز من خلال النظام الضريبي، والحصول على الائتمان، لجذب مستثمري القطاع الخاص المحليين والأجانب.
وبشأن سوق العمل، أكد أن إصلاحات سوق العمل ستعزز تنافسية وجاذبية السوق للعاملين فيه واستقطاب ذوي الكفاءات والمهارات العالية.
وفيما يتعلق بالإصلاحات المستمرة لتعزيز دور المرأة في الاقتصاد السعودي؛ توقع استمرار الارتفاع في معدلات مشاركة المرأة في القوى العاملة حيث ارتفعت نسبة المشاركة بمقدار 13 نقطة مئوية إلى ما يزيد على 33 في المائة على مدار العامين الماضيين.
وأشار إلى أن إصلاحات حرية التنقل في سوق العمل (إصلاحات نظام كفالة)، والإصلاحات المستمرة لتعزيز توظيف المرأة، تراجع في معدل البطالة.
وأشاد ببرامج دعم التوظيف (برنامج ساند)، والاستمرار في إصلاحات كفاءة الإنفاق ستسهم في تحقيق أهداف المملكة المالية، نظام الضمان الاجتماعي الجديد ودوره في تعزيز إطار تقديم دعم الدخل للفئات الأكثر حاجة.
ولفت الصندوق إلى دور المملكة القيادي على المستوى الدولي خلال فترة رئاستها لمجموعة العشرين وجهودها المستمرة في مكافحة الفيروس، توزيع للقاحات، تخفيف الأعباء المالية على الدول الفقيرة، إضافة إلى الحفاظ على استدامة أسعار النفط.
من جانبه، قال محمد الجدعان وزير المالية، إن البيان أبرز المؤشرات الحالية والآفاق المستقبلية الإيجابية للاقتصاد السعودي، الذي نجح في اجتياز كثير من العقبات والتحديات التي واجهها العالم خلال هذا العام والذي قبله؛ ما أسهم في الحفاظ على الاستدامة المالية التي عززت من متانة وقوة الاقتصاد السعودي.
وأكد الدور البارز للإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي أجرتها حكومة المملكة في ظل "رؤية 2030" وإسهامها في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل. ورحب بإشادة خبراء صندوق النقد الدولي بجهود المملكة في التخفيف من الآثار الاقتصادية والاجتماعية والصحية لجائحة كورونا.
يذكر أنه سبق صدور بيان عن بعثة خبراء صندوق النقد الدولي إثر اختتام مشاورات المادة الرابعة الافتراضية مع المملكة لعام 2021، التي جرت خلال نيسان (أبريل) 2021. ويأتي هذا البيان الختامي تأكيدا للنتائج المبدئية التي توصل إليها البيان السابق.