|

صندوق النقد والبنك الدولي يدقان ناقوس الخطر: انعدام المساواة في توزيع اللقاحات يطيل أمد الجائحة

الكاتب : الحدث 2021-06-03 12:41:03

 
نظم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي العام الماضي حملات تعبئة غير مسبوقة لمساعدة أضعف البلدان في مواجهة الوباء، لكن يتعين عليهما الآن مضاعفة الجهود، إذ لا تصل إلا نسبة قليلة من اللقاحات إلى أكثر الدول فقرا، ما يعرض الانتعاش العالمي للخطر.
ووفقا لـ"الفرنسية"، ستحضر كريستالينا جورجييفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي الجمعة في لندن خلال قمة مجموعة السبع مع خطة ملموسة ومنخفضة الكلفة لإنهاء الوباء من خلال توسيع حملات التلقيح.
وتتطلب هذه الخطة، التي وضعت بالتشاور مع البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة التجارة العالمية، وأعلنت في 21 أيار (مايو)، جهدا ماليا محدودا، 50 مليار يورو، وهو مبلغ لا يقارن بخطط التحفيز الهائلة في دول غنية ومنها خطة أمريكية بقيمة 1.9 تريليون دولار التي أعلنت أخيرا.
وقد صح تقدير صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذين كانا يخشيان في آذار (مارس) 2020 تفاقم انعدام المساواة والفقر في العالم. وتدق المنظمتان الآن ناقوس الخطر بشأن انعدام المساواة في توزيع اللقاحات، الذي يطيل أمد جائحة أودت حتى الآن بحياة أكثر من 3.5 مليون شخص في كل أنحاء العالم.
وتلقى سكان البلدان المنخفضة الدخل حتى الآن أقل من 1 في المائة من الجرعات، ما أدى إلى "اختلاف كبير" في عملية التعافي وفق جورجييفا.
وحذر صندوق النقد الدولي من أن بعض البلدان، خصوصا أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، لن تستعيد مستوى الدخل الفردي السابق قبل 2024.
وقد أدرك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي عمق الأزمة وعواقبها "في وقت مبكر جدا"، على ما أوضح هومي خاراس، الخبير الاقتصادي في مؤسسة "بروكينجز".
ومن خلال مجموعة العشرين، دفعا بمبادرة لتعليق ديون عشرات البلدان منخفضة الدخل.
وقال خاراس "كانت هذه الخطوة الأولى المهمة لضمان ألا يتسبب الوباء في أزمة ديون كانت لتكون عواقبها طويلة الأمد".
وقال جيري رايس الناطق باسم صندوق النقد الدولي "كثف صندوق النقد الدولي إجراءاته بشكل غير مسبوق بحيث أقرض 84 بلدا نحو 110 مليارات دولار منذ بداية الوباء، وكذلك، ضاعف الحد الأقصى لتمويله في حالات الطوارئ وزاد موارده المسهلة ثلاث مرات، ووسع نطاق تعليق الديون إلى 29 بلدا من أعضائه الأكثر ضعفا.
وأوضح أكسل فان تروتسنبرج، مدير العمليات في البنك الدولي "نحن نستخدم كل القوة المتوافرة لنا" مع تعهده في وقت سابق بأكثر من 108 مليارات دولار، أنها "أسرع وأهم استجابة لأزمة في تاريخ البنك الدولي".
ومع ذلك، ما زالت المساعدات منقوصة، وفقا لخاراس الذي أوضح أن البلدان ذات الدخل المتوسط "بما فيها عديد من دول أمريكا اللاتينية، تكاد تكون متروكة لتتدبر شؤونها بنفسها". فهذه الاقتصادات غير مؤهلة للحصول على بعض القروض دون فوائد مثل الصندوق الائتماني للنمو وللحد من الفقر التابع لصندوق النقد الدولي.
ولأن هذه الدول كانت مثقلة أيضا بالديون قبل الوباء، "فهي غير مؤهلة أيضا لمبادرة تعليق خدمة الدين" على ما أوضح خاراس.
وعلى الرغم من أن كريستالينا جورجييفا اعترفت بنفسها، خلال اجتماعات الربيع ، بضرورة مراجعة معايير "الضعف" لتشمل هذه البلدان، يبدو أن الأولوية تعطى الآن للدفع، الذي توفره لتحصين 40 في المائة على الأقل من سكان العالم بنهاية العام، وعلى الأقل 60 في المائة بنهاية 2022.
وبالنسبة إلى حملات التلقيح "قدم البنك الدولي 12 مليار دولار ويأمل بأن تكون لديه مشاريع بقيمة نحو أربعة مليارات دولار في 50 بلدا بحلول منتصف العام" بحسب أكسل فان تروتسنبرج.
لكن "مشكلة البنك الدولي تكمن في بطئه في التنفيذ" على ما قال عدنان مزارعي الخبير في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، فيما أعلن تخصيص 12 مليارا في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) 2020.
وأضاف "بدأ صندوق النقد الدولي بشكل جيد جدا" في مكافحة هذه الأزمة "لكن عليه الآن تطوير استراتيجية واضحة للمضي قدما، التي يجب أن تشمل الاقتصادات ذات الدخل المتوسط".
ورأى الخبير أن خطة الـ50 مليار يورو هي إشارة جيدة موضحا "صندوق النقد الدولي والمنظمات الأخرى يجب أن تكون قادرة على دفع (هذه الخطة) إلى الأمام بحلول قمة مجموعة السبع" المقررة بين 11و13 حزيران (يونيو) في المملكة المتحدة. فالزخم موجود، وتحظى المؤسستان بدعم الرئيس جو بايدن، وفقا لعدنان مزارعي وهومي خاراس.
وأيدت واشنطن تخصيص حقوق سحب خاصة جديدة لصندوق النقد الدولي بقيمة 650 مليار دولار، التي من المقرر الموافقة عليها قريبا، وهو أمر لم يمكن في الإمكان تصوره في ظل إدارة ترمب.
وفي سياق متصل، طالب جيرد مولر وزير التنمية ببذل جهود أكبر لتمويل جرعات التطعيم للبلدان الفقيرة، وذلك قبل انعقاد اجتماع رفيع المستوى لتحالف التطعيم الدولي "كوفاكس".
وقال مولر في تصريحات لـ"الألمانية": "لا يمكننا هزيمة كورونا إلا بحملة تطعيم عالمية يجب أن ينطبق هذا أيضا على (الدول) الأشد فقرا، إذ إن الهدف يتعين أن يكون تطعيم ما لا يقل عن 30 في المائة، من السكان في البلدان النامية بحلول بداية العام المقبل".
وذكر مولر أنه يتعين لذلك تمويل منصة اللقاحات العالمية "كوفاكس" "بالكامل بحلول نهاية 2021، ويجب توزيع فوائض جرعات اللقاح في البلدان الغنية بشكل عادل على الصعيد العالمي، كما يجب تأسيس خطوط إنتاج اللقاح في البلدان النامية"، وقال: "آمل خلال قمة كوفاكس اليوم أن تتاح الأموال، التي لا تزال غير متوافرة، لشراء جرعات اللقاح للدول الفقيرة".
وأشار مولر إلى أنه علاوة على ذلك لا يزال هناك عجز تراوح قيمته بين 16 و18 مليار دولار، على سبيل المثال لتوزيع اللقاحات ولسلاسل التبريد والاختبارات والأدوية لعلاج عواقب الإصابة بكورونا، مطالبا المجتمع الدولي بسد هذه الفجوة المالية.
وبحسب بياناته، قدمت ألمانيا 2.2 مليار يورو لبرنامج تطعيم عالمي، مشيرا إلى أهمية إعلان المستشارة أنجيلا ميركل أيضا أن ألمانيا ستقدم 30 مليون جرعة لقاح إلى البلدان الفقيرة بحلول نهاية العام. كما ستوفر فرنسا الكمية نفسها من اللقاحات، وقال: "على الدول الأخرى الآن أن تحذو حذوهما".
ومن أجل الاستعداد بشكل أفضل للعام المقبل، أكد مولر ضرورة المعرفة بسرعة أين وبأي وسيلة يمكن توسيع إنتاج اللقاح في البلدان النامية، موضحا أن هناك حاجة إلى صناعة مزيد من اللقاحات في إفريقيا، ولا سيما أن التعزيز التكنولوجي سيكون من شأنه أيضا المساعدة في التطعيمات الروتينية، على سبيل المثال ضد الحصبة وشلل الأطفال وداء الكلب.