|

الهيدروجين منافس قوي للغاز .. يلبي ربع احتياجات العالم من الطاقة بحلول 2050

الكاتب : الحدث 2022-01-22 12:01:11

على مدى العقود الأخيرة ضخت الدول المنتجة للغاز الطبيعي استثمارات ضخمة لإقامة البنية التحتية اللازمة لاستخراج ومعالجة وتخزين ونقل الغاز الطبيعي إلى المستهلكين.
ونظرا لأن احتياطيات الغاز الطبيعي غير مستدامة، أصبح على تلك الدول الاستعداد لعصر ما بعد الغاز الطبيعي، ووضع السيناريوهات المنتظرة لاستغلال البنية التحتية الهائلة عند انتهاء احتياطيات الغاز الطبيعي.
وقد بدأت هولندا، التي كانت على مدى العقود الماضية المركز الرئيس لتداول الغاز الطبيعي في أوروبا، وتمتلك أكبر حقل للغاز في القارة، الاستعداد لعصر ما بعد الغاز الطبيعي، باستخدام البنية التحتية للغاز في نقل وتخزين الهيدروجين، الذي يعده الكثيرون وقود المستقبل.
فمع قرار الحكومة الهولندية وقف الإنتاج في أغلب حقول الغاز الطبيعي لديها خلال العام الحالي، اضطرت شركة نيدرلاندز جازيوني الهولندية إلى البحث عن بدائل لاستخدام شبكة خطوط أنابيب نقل الغاز الطبيعي، التي تمتلكها ويبلغ طولها نحو 15 ألف كيلومتر. وتقوم الشركة حاليا بتحديد أجزاء الشبكة التي يمكن تعديلها لاستخدامها في إنتاج وتخزين ونقل الهيدروجين خلال العقد المقبل، في ظل تحول الاتحاد الأوروبي نحو الاقتصاد الأخضر.
وبعد عقود من عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي واستخراجه في هولندا التي تضم حقل غاز جروينينجن، أكبر حقول الغاز الطبيعي في أوروبا، قررت حكومة أمستردام وقف الإنتاج في الحقل. في الوقت نفسه من المنتظر تراجع الطلب على الغاز الطبيعي في هولندا، إلى جانب تعهد الحكومة بخفض الانبعاثات الغازية بنحو النصف خلال العقد الحالي. وهذا يعني أن شركة جازيوني ستجد نفسها مضطرة إما إلى إيجاد غاز بديل لنقله عبر هذه الشبكة وإما وقف تشغيلها أو تفكيكها تماما، بحسب المحللة الاقتصادية فانيسا ديزيم.
من ناحيته، قال هان فينيما، الرئيس التنفيذي لشركة جازيوني إن "هولندا ستحتاج إلى الهيدروجين.. ستضطر إلى التخلي عن الغاز الطبيعي وليس أمامها سبيل آخر" غير الهيدوجين كمصدر للطاقة.
وتؤكد فانيسا ديزيم في تحليل نشرته وكالة "بلومبيرج" للأنباء أن صناعة الغاز الطبيعي في هولندا لم تعد مجدية اقتصاديا. وقد تراجعت إيرادات الحكومة الهولندية من هذه الصناعة إلى 140 مليون يورو (160 مليون دولار) خلال 2020 مقابل 10.7 مليار يورو سنويا قبل عشرة أعوام.
كل هذه العوامل جعلت من الضروري البحث عن بدائل للغاز الطبيعي، حيث أصبح غاز الهيدروجين البديل الأكثر جاذبية، وسيصبح أكثر تنافسية فيما بعد.
وبحسب تقديرات خدمة "بلومبيرج" لأنباء تمويل الطاقة الجديدة، فإن الهيدروجين الأخضر الذي يتم إنتاجه باستخدام الطاقة المتجددة، سيكون أرخص من الغاز الطبيعي في 16 دولة منها ثلاث دول في أوروبا بحلول 2050.
وتقول كاترينوس جيبما الأستاذ الفخري للطاقة والاستدامة في جامعة جورنينجن "إنها فرصة أمام هولندا لاستعادة المكانة التي احتلتها دائما في سوق الغاز الطبيعي.. نحن كنا أول من تحرك في سوق نقل الغاز في الماضي".
وبحسب تقديرات المفوضية الأوروبية، فإن الهيدروجين النظيف أو ما يسمى الهيدروجين الأخضر يمكن أن يلبي ربع احتياجات العالم من الطاقة بحلول 2050، مع وصول مبيعاته السنوية إلى 630 مليار يورو (714 مليار دولار).
وتستهدف أوروبا إقامة محطات لإنتاج الهيدروجين الأخضر بطاقة تبلغ 40 جيجاوات بحلول 2030 وهو ما يعادل ضعف إنتاج الكهرباء في سد الخوانق الثلاثة بالصين والذي يعد أكبر محطة لإنتاج الكهرباء النظيفة في العالم.
ويعد الهيدروجين، سواء الأخضر، الذي لا يصدر أي انبعاثات أثناء إنتاجه أو الأزرق الذي يصدر كميات قليلة من العوادم أثناء إنتاجه البديل الأساسي المناسب أمام الصناعات الثقيلة والنقل الأوروبية كثيفة استهلاك الطاقة التي لا تجد بدائل كثيرة للوقود حاليا، ولا تستطيع الاعتماد على الكهرباء فقط.
ومع ذلك، فالتحول إلى الهيدروجين يصطدم في الوقت الحالي بارتفاع تكلفته، مقارنة بالغاز الطبيعي في أغلب دول العالم، حيث إن تكلفة إنتاج الهيدروجين حاليا تعادل ست مرات تكلفة إنتاج مقدار الطاقة نفسه من الغاز الطبيعي بحسب تقديرات خدمة "بلومبيرج" لتمويل الطاقة النظيفة. كما أن تعديل شبكات خطوط نقل الغاز الطبيعي المتوقفة لتصبح قادرة على نقل الهيدروجين ينتظر تحقق الجدوى الاقتصادية أولا.
في المقابل، تقول هيلمه بوتر مديرة إدارة تنمية الأعمال في شركة جازيوني التي حققت في العام الماضي إيرادات بقيمة 1.4 مليار يورو "علينا تجاوز مشكلة أيهما أولا الدجاجة أم البيضة .. علينا دخول السوق (سوق الهيدروجين) بمشاريع كبيرة".
تستهدف الخطة الأساسية ربط منشآت إنتاج الهيدروجين البحرية في بحر الشمال مع منشآت الموانئ، التي تم تحديثها وخطوط الأنابيب لنقل الهيدروجين إلى المراكز الصناعية أو تصديره. ورصدت الشركة الهولندية 1.5 مليار يورو لتحويل 1200 كيلو متر من خطوط أنابيب نقل الغاز الطبيعي لتنقل الهيدروجين النقي بحلول 2027.
ووافقت الحكومة على تحمل نصف التكلفة للمساعدة على تغطية المخاطر المحتملة للمشروع، وأشارت إلى استعدادها لتقديم مزيد من الدعم له إذا لزم الأمر.
وتقول أديتيا باشيام، المحللة الاقتصادية في خدمة "بلومبيرج" لتمويل الطاقة الجديدة "هناك دول أوروبية عديدة لديها خطة لإقامة شبكات ضخمة للهيدروجين، لكن خطط هولندا تبدو الأكثر تقدما".
بينما يؤكد هان فينيما أنه "في عالم الهيدروجين سيتحرك كل شيء بأسرع مما كنا نعتقد .. لدينا الآن طلبات محددة من عملاء لتطوير محطة لاستقبال غاز الأمونيا وزيادة البنية التحتية لنقل وتداول الهيدروجين. هذا الأمر لم يكن متوقعا"