|

الخبرة بين جيلين: كيف يواصل الماضي تشكيل مستقبل العمل؟

الكاتب : الحدث 2025-12-08 01:20:25

بقلم د. بجاد البديري 
مستشار الشراكات والاتصال المؤسسي 

مع اقتراب نهاية عام 2025 واقتراب بداية عام 2026، تتجدد الحاجة إلى قراءة العلاقة العميقة بين جيل ما قبل الألفية وجيل ما بعدها، خصوصًا في ظل تسارع وتيرة التحولات المهنية والتقنية، هذا الانتقال الزمني يمنح المؤسسات فرصة لتقدير أثر الخبرة الإنسانية التي صمدت عبر العقود، وأسهمت في تشكيل حاضرنا المهني. جيل ما قبل الألفية عاش زمنًا لم تتوفر فيه شبكة الإنترنت، واعتمد على مهارات يدوية، وعلاقات مباشرة، وتجارب ميدانية صقلت قدرته على فهم الواقع. هذا الجيل واجه تحديات جيوسياسية، وتقلّبات اقتصادية، وتحولات اجتماعية متتابعة، ثم انتقل بقوة إلى عالم الثورة الصناعية الرابعة، وصولًا إلى ملامح الثورة الصناعية الخامسة التي تدمج الإنسان والآلة في إطار متقدم، فقدرته على عبور هذه المراحل تؤكد صلابة معرفية نادرة، ورؤية شاملة تصنعها عقود من التجربة، وهنا تُرفع *تحية إجلال وإكبار واحترام* لكل فرد من هذا الجيل الذي حافظ على جذوة الخبرة، وواصل نقلها بعطاء صادق إلى الأجيال اللاحقة.

في المقابل، يظهر جيل ما بعد الألفية بمهارات رقمية واسعة، وبقدرة  على ابتكار حلول تعتمد على البيانات والذكاء الاصطناعي والمنصات المتقدمة، هذا الجيل يتعامل مع التقنية كامتداد طبيعي لعمله اليومي، ويعيد صياغة الممارسات التقليدية بأساليب حديثة ترفع مستوى الجودة وتسرِّع الإنجاز.

تفاعل الجيلين داخل المؤسسات يخلق قيمة مضافة تنعكس على استدامة النمو وتطور القدرات، فخبرة الماضي تمنح القرار اتزانًا وعمقًا، ومهارات الحاضر تفتح أبواب الابتكار، وتقنيات المستقبل توسِّع حدود الممكن. هذا التكامل يعزز بيئة تنمو فيها الإبداعية، ويزدهر فيها التعلم المستمر، ويزداد فيها الوعي بأهمية تنوع الخبرات.

أختم مقالي هذا، بالتأكيد على أن الجيل السابق لا يستحق سوى استمرارية الاهتمام، والعناية، وتصاعد الموثوقية، جنبًا إلى جنب الجيل الجديد الذي يحمل مسؤولية رفيعة في صون مسيرة الجيل الماضي، والاقتداء بها كضوء يوجِّه خطواتهم في الحاضر والمستقبل، ليصنعوا من أنفسهم النسخة الأفضل القادرة على قيادة المشهد المقبل بثبات، وطموح، ووعي يرتقي بالمؤسسات نحو آفاق جديدة.