رجل مرور الرياض .. قاهر التحديات في عاصمة التميز
بقلم : د/ طلال الحربي
-------------------------------------
في قلب المملكة العربية السعودية، حيث تعانق طموحات رؤية 2030 سماء العاصمة، تقف مدينة الرياض شامخة بشموخ تاريخها، متطلعة بمستقبلها الزاهر. مدينة يزيد عدد سكانها على الملايين، وتجوب طرقاتها ملايين المركبات، وتنتشر في جنباتها مشاريع تنموية عملاقة، وتستضيف على أرضها فعاليات محلية ودولية كبرى. وسط هذه الديناميكية الهائلة، يبرز رجل المرور كحارس للنظام، وعامل رئيس في معادلة النجاح اليومي لهذه المدينة الضخمة. إنه الرجل الذي يحمل على عاتقه مهمة الحفاظ على انسيابية الحركة وسلامة الإنسان والممتلكات، في مشهد معقد يجمع بين العمل الميداني الشاق والتخطيط المكتبي الدقيق.
تواجه إدارة مرور الرياض مجموعة فريدة من التحديات التي تتناسب مع مكانة العاصمة كمركز اقتصادي وسياسي وثقافي رئيسي:
· الحجم والكثافة: تعد الرياض واحدة من أسرع المدن نموًا في العالم، مما يعني كثافة مرورية عالية على شبكة طرقها الممتدة.
· المشاريع التنموية: تشهد المدينة تنفيذ العديد من المشاريع الكبرى التي تتطلب أحيانًا إغلاقًا جزئيًا أو كليًا لبعض الطرق أو المسارات، مما يستدعي تخطيطًا مروريًا بديلًا حساسًا للتوقيت.
· الفعاليات الدولية: كونها العاصمة، تستضيف الرياض باستمرار مؤتمرات وفعاليات وموسميات كبرى تجتذب حضورًا محليًا ودوليًا ضخمًا. هذه الأحداث، رغم إثرائها للحياة الثقافية والاقتصادية، تمثل ذروة في التحدي اللوجستي المروري، حيث تتطلب خططًا خاصة لتنظيم حركة الحضور والمشاركين.
في مواجهة هذه التحديات، يأتي تكليف اللواء درعان الدرعان مديرًا لمرور الرياض كخطة استراتيجية لتعزيز الجهود. يهدف هذا التكليف إلى ضخ دماء جديدة وطاقات متجددة في القيادة المرورية، مع البناء على الأسس المتينة والإنجازات الكبيرة التي حققها السلف. هذا النهج يضمن استمرارية التطوير ومواكبة التسارع الحضري في الرياض، وذلك تحت المتابعة المباشرة من سعادة مدير عام المرور، وتوجيهات معالي مدير الأمن العام، والدعم اللامحدود من صاحب السمو الملكي وزير الداخلية.
يشكل التحول نحو الأنظمة الذكية ركيزة أساسية في تطوير العمل المروري. وهو ما يتماشى مع التوجه العام للدولة لتعزيز التحول الرقمي في الخدمات الحكومية. هذا لا يسهل على المواطن فحسب، بل يزيد من دقة وكفاءة العمل المكتبي داخل إدارات المرور، ويحد من احتمالات الخطأ أو التلاعب.
تتبنى إدارة المرور نهج التخطيط الاستباقي للتعامل مع الذروات المرورية المتوقعة. يتم ذلك من خلال:
· وضع خطط تفصيلية مسبقة لإغلاق وفتح الطرق مرتبطة بجدول زمني محدد، كما يحدث خلال استضافة الفعاليات الكبرى مثل القمم الدولية.
· التنسيق المكثف مع الجهات الأخرى مثل الأمانات البلدية لتحسين المشهد الحضري وعلاج نقاط الازدحام وتنظيم المواقف، وهو تعاون مثمر تم تطبيقه في مناطق مثل حائل.
· الاستفادة من التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في مراقبة الحركة وتحليلها، وهو ما تؤكد عليه الاستراتيجية الوطنية لسلامة الطرق.
يبقى العنصر البشري، رجل المرور، هو حجر الزاوية وعصب النظام القادر على التكيف مع الظروف الطارئة. وتتجلى جهوده في:
· الانتشار المكثف في المحاور والطرق الرئيسية والفرعية خلال أوقات الذروة والفعاليات.
· الإدارة المباشرة والميدانية للحركة في مواقع الأعمال الطارئة أو الحوادث.
· توفير الخدمات السريعة للمواطنين .
لا تعمل إدارة مرور الرياض بمعزل، بل هي جزء من منظومة أمنية متكاملة تلقى دعمًا واهتمامًا من القيادة الرشيدة . وهذا الدعم ليس شكليًا بل يترجم إلى توجيهات ومبادرات عملية:
· دعم القيادة الرشيدة: حيث يجسد حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، على سلامة المواطنين والمقيمين.
· توجيهات وزير الداخلية: يولي صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف وزير الداخلية، قضية السلامة المرورية اهتمامًا بالغًا، مؤكدًا أن المملكة تتعامل معها كقضية صحة عامة وضرورة أمنية واقتصادية. وقد ترأس سموه بنفسه وفد المملكة في المؤتمر الوزاري العالمي لسلامة الطرق، معلنًا عن استخدام الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتحسين السلامة على الطرق.
· مبادرات تطوير الأداء: بتوجيه من سمو أمير منطقة الرياض و سمو نائبه، تم إطلاق مشاريع لتعزيز الكفاءة المؤسسية، وهو نهج يمكن أن يمتد فوائده إلى جميع القطاعات الخدمية بما فيها المرور.
إن إدارة حركة مرور مدينة بحجم وتعقيد الرياض هي مهمة جسيمة، تشبه إدارة دقات قلب عملاق نابض بالحياة. النجاح في هذه المهمة لا يعتمد فقط على الإمكانات المادية أو التقنيات المتطورة، بل يرتكز في الأساس على الإنسان:
· الإنسان القائد الذي يضع الاستراتيجيات ويدعم بالتكليف والتوجيه.
· الإنسان المخطط الذي يرسم السيناريوهات ويستشرف المستقبل من وراء مكتبه.
· الإنسان المنفذ، رجل المرور، الذي يذوب عرقًا تحت شمس الرياض أو في ليلها ليتحول التخطيط إلى واقع.
بقيادة سعادة مدير مرور الرياض وزملائه من ضباط وضباط صف وأفراد ، وبناء على إرث متميز، وبدعم متواصل من القيادة، تواصل إدارة مرور الرياض رحلتها نحو تحقيق أعلى معايير الانسيابية والسلامة والخدمة، مساهمة بفعالية في جعل الرياض عاصمة أكثر حيوية واستدامة، تمشي بثبات على طريق تحقيق طموحات رؤية 2030. في كل إشارة مرور، وفي كل شارع منظم، وفي كل حادثة يتم منعها، هناك قصة نجاح لرجل مرور الرياض، سر التميز والريادة في عاصمة التميز.