الرفاهية النفسية
بقلم : د.محمد بن مرضي
في دهاليز الحياة اليومية، حيث تتنافس الضوضاء من حولنا، وحيث تحمل المواعيد أسماء ومهام لا تُبقي للهدوء حيزًا، تنسلّ فجأة فكرةٌ ناعمة مفادها : أن يكون الإنسان مُحتفظًا بنفسه وغير ضائعة بين ظروفه.
وهنا تلوح لنا “الرفاهية النفسية” كمرفأٍ للحياة الداخلية، ليست رفاهية المظهر أو الرفاهية المادية فحسب، بل رفاهية أن تكون حيًّا في نفسك، متوازنًا فيها، وقادرًا على الازدهار في ظلّ الظروف.
الرفاهية النفسية هي ذلك الشعور بأنك ضمن إطار نفسك، وأن تكون في علاقةٍ مع ذاتك بها حُرّيتك، ذاكرتك، وحاضرُك ، إنها ليست مجرد غياب الأذى أو الاضطراب، بل وجودٌ للاحترام الذاتي، للنمو، للتوازن، وللضوء الذي لا يخاف الليل.
وفي الجانب العلمي يُعبّر مقياس WHO‑5 للرفاهية النفسية، بأنها تُقاس بمشاعر إيجابية، ورضًا عن الذات، واحساس بمعنى للحياة، وحين تُهمل الروح، فإن الجسد والعقل يلتحمان ليُطلقا صرخة في صورة توتر، أو قلق، أو اكتئاب، فالإحصائيات العالمية تقول إن أكثر من مليار إنسان يعانون من اضطراب نفسي خلال حياتهم.
وفي الولايات المتحدة على سبيل المثال، في عام 2024 عانى نحو 23.4٪ من البالغين من الاضطرابات النفسية، وهذا ليس مجرد رقم بل تذكير بأن الرفاهية النفسية ليست خيارًا، بل حاجة أساسية.
إذ أنّ الرفاهية النفسية ليست خطابًا يُقال، بل حياة تُعاش فإذا كنت تبحث عن رفاهية نفسية فتذكّر : أنها تبدأ من اللحظة التي تقدّر فيها نفسك، وتمنحها لغة احترام، وابتسامة صادقة، وأحلامًا تُروى لأجلها.
وما أجمل أن نعيش ليس فقط بلا ألم، بل بكامل حضورنا في أنفسنا، وفي حياتنا، وفي كلّ نفسٍ نستنشقه كأنه وعدٌ بأننا هنا، وبكوننا أحياء.
عبور :
عندما يبيع البحّار سفينته وينتهي الأمر ..
لم يعدْ يهمّه كيف تجري الرياح.