|

كيف تصنع الدول صورتها الذهنية في العالم؟

الكاتب : الحدث 2025-11-09 11:42:18

بقلم د. بجاد البديري 

تُعد الصورة الذهنية للدول أحد أهم مصادر قوتها الناعمة في القرن الحادي والعشرين، فهي ليست مجرد مظهر اتصالي، وإنما رصيد وطني يحدد موقع الدولة في الاقتصاد والسياسة والثقافة والإعلام، ويؤثر على ثقة المستثمرين والشعوب وصنّاع القرار بها، فالصورة الذهنية Nation Brand تعكس ما يتكوَّن في الأذهان من تصورات ومشاعر حول الدولة وشعبها ومنتجاتها، وهي بذلك أصل استراتيجي يوازي أهمية الموارد الطبيعية والاقتصادية.

تنطلق عملية بناء الصورة الذهنية من الرواية الوطنية الكبرى National Narrative أي القصة التي تختار الدولة أن تقدم نفسها من خلالها للعالم، فحين تُبنى الرواية على الابتكار أو الاستدامة أو الثقافة، فإنها تحدد مسار الحضور العالمي وتوجه السياسات الاتصالية والاقتصادية، ونجاح هذه الرواية يرتكز على الصدق والاتساق بين القول والفعل، لأن المصداقية هي رأس المال الأول في سمعة الدول.

ترتكز صناعة الصورة الذهنية على ثلاث ركائز رئيسية:

١. الأداء والسياسات الواقعية:
الإنجاز الحقيقي هو اللغة التي يفهمها العالم، فحين تُترجم القيم إلى أفعال ملموسة في الحوكمة، والاقتصاد، وجودة الحياة، تتشكل الصورة تلقائياً في أذهان الشعوب.

٢. الاتصال الاستراتيجي:
وهو إدارة واعية للرواية الوطنية عبر الإعلام الرقمي والدبلوماسية العامة والفعاليات الدولية، وتوظيف الرياضة والثقافة والترفيه كجسور تواصل تُعزز حضور الدولة عالمياً.

٣. القوة الثقافية والبشرية:
المواطن هو السفير الأصدق لوطنه، وعندما يُنظر إلى الشعب كمبدع ومتسامح ومضياف، تنشأ صورة إيجابية مستدامة. كما تعزز العلامات التجارية الوطنية هذه الصورة بربط منتجات الدولة بالجودة والثقة.

وفي السياق السعودي، جسدت رؤية المملكة 2030 نموذجاً رائداً لصناعة صورة وطنية متجددة ترتكز على الإصلاح، والانفتاح، وتمكين الإنسان، وتحسين جودة الحياة، وبفضلها عززت المملكة مكانتها كقوة مؤثرة اقتصادياً وثقافياً وسياحياً، تقدم للعالم صورة حقيقية عن طموحها الحضاري وعمق تحولها التنموي.