عندما يُبتلى الإنسان
بقلم ـ افراح سلطان
يمرّ الإنسان أحيانًا بمرحلة يشعر فيها بأن شيئًا ما تغيّر داخله، وكأن شغفه بالحياة انطفأ دون سببٍ واضح.
كان بالأمس ينهض متوكلاً على الله، يستقبل صباحه بابتسامة، يحمده على رزقه، ويختم يومه بالشكر والصلاة.
كانت التفاصيل الصغيرة تمنحه سعادةً كبيرة — فنجان قهوة يعدّه بحب، أو لحظة تأملٍ في شروق الشمس.
لكن فجأة، يبدأ الاضطراب، ويغمره القلق والتوتر.
تتردّد في ذهنه أسئلة لا تنتهي:
ماذا حلّ بي؟
هل أصابتني عين؟
أم أنني فقدت إيماني وسكينتي؟
ومع مرور الأيام، تتزايد الأفكار السلبية، ويخبو بريق الحياة شيئًا فشيئًا، حتى يكتشف أن السبب لم يكن نفسيًا فحسب، بل جسديًّا أيضًا.
فقر الدم أو انخفاض الحديد ليسا مجرّد مشكلتين بسيطتين كما قد يُظن.
فالحديد ليس عنصرًا غذائيًا فحسب، بل هو وقود الحياة الذي ينقل الأكسجين إلى خلايا الدماغ والأعصاب والعضلات.
وحين ينخفض مستواه، يشعر الإنسان بالإرهاق، والدوخة، وفقدان التركيز، وتقلّ الرغبة في أي نشاط، بل حتى في أبسط تفاصيل الحياة.
ولأن الجسد والروح متصلان اتصالًا وثيقًا، فإن أي خللٍ في التوازن الجسدي ينعكس مباشرةً على الحالة النفسية.
قد يفقد المصاب بفقر الدم شغفه، ويتقلّب مزاجه، ويغرق في مشاعر القلق بلا سببٍ واضح، فيظن أن مشكلته نفسية، بينما الجسد يصرخ بصمتٍ يطلب العناية.
حين علمتُ بنقص الحديد في جسدي، كانت تلك نقطة التحوّل.
قررت أن أعتني بصحتي، أن أُصغي لجسدي قبل أن أعاتب نفسي، أن أرضى عن ذاتي وأؤمن أن رزقي وحياتي بيد الله، مكتوبة ومقسومة بعدله.
ومنذ ذلك اليوم، صرت أستقبل صباحي من جديد بشكرٍ ورضا،
وأقول لنفسي:
"ابدئي يومكِ بالامتنان، فكلّ يومٍ يمنحك الله إيّاه هو نعمة وفرصة جديدة للحياة".