بقلم د. بجاد البديري

تحولت مبادرة مستقبل الاستثمار FII في الرياض من مؤتمر اقتصادي إلى منصة اتصال عالمي ذكية تستخدم لغة الأرقام كأداة مؤثرة لإيصال الرسائل الاستراتيجية وصياغة الصورة الذهنية للمملكة، فقد أصبحت الأرقام جزءًا من الخطاب الاتصالي السعودي القائم على الدقة والمصداقية والتأثير في السرد الإعلامي الدولي.

لقد أدركت المملكة أن الاهتمام العالمي يُقاس بحجم الأثر المالي وقوة الحضور الاقتصادي، ولذلك، جاء إعلان التوقيع على اتفاقيات واستثمارات تتجاوز عشرات المليارات من الدولارات كأداة اتصال ذكية تحمل رسائل متعددة تتجاوز حدود الإعلان المالي، هذه الأرقام التي تصدّرت عناوين الوكالات العالمية مثل بلومبيرغ ورويترز كانت رسالة واضحة للعالم بأن الاقتصاد السعودي مستقر وآمن ومبني على ثقة راسخة، حتى في ظل التقلبات الدولية.

الذكاء الاتصالي في FII تجسّد أيضًا في نوعية الأرقام ومجالاتها، حيث جرى التركيز على قطاعات المستقبل التي تنسجم مع رؤية 2030، مثل الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات والطاقة المستدامة، فإعلانات التوسع في استثمارات الحوسبة السحابية ونشر مئات الآلاف من شرائح الذكاء الاصطناعي كانت رسائل اتصالية دقيقة ترسّخ صورة المملكة كقوة حوسبة عالمية ومركز للابتكار الرقمي. كما برزت مؤشرات الأداء الاقتصادي والاجتماعي ضمن منظومة الاتصال الوطني، من خلال تسليط الضوء على نمو الناتج المحلي غير النفطي وارتفاع نسب التوطين، وهي مؤشرات تتقاطع مع اهتمامات المستثمرين العالميين بقضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية ESG. بهذه الرؤية، أصبحت الأرقام لغة دبلوماسية جديدة تعبّر عن التزام المملكة بالتنمية المستدامة والاستثمار المسؤول.

وهكذا، جسدت لغة الأرقام في FII أداة اتصال مؤسسي متقدمة تؤكد بالأدلة العملية أن التحول الاقتصادي السعودي واقع ملموس يمكن قياسه، وأن المصداقية السعودية تُرى بوضوح في كل رقم، وكل مشروع، وكل شراكة تُعلن من الرياض.