"الاستقرار والأمان الوظيفي" ركيزة الإنتاج والولاء المؤسسي
بقلم ـ باسمة الضويمر
في ظل التحولات المستمرة والتغيرات السريعة التي تشهدها بيئة العمل اليوم، يشعر العديد من الموظفين بعدم الاستقرار والقلق تجاه مستقبلهم المهني. هذا الشعور لا يؤثر فقط على رضاهم النفسي، بل يمتد ليؤثر على إنتاجيتهم ومبادراتهم وولائهم للمؤسسة. فغياب الأمان الوظيفي يجعلهم يعيشون حالة من التوتر المستمر، ما قد يضعف قدرتهم على الإبداع والتفاعل الإيجابي مع مهامهم اليومية، ويجعلهم أكثر عرضة للشعور بالإحباط وعدم الثقة في أي تغييرات مستقبلية.
يُعد الاستقرار والأمان الوظيفي أحد أهم الأسس التي تقوم عليها بيئة العمل الإيجابية في المؤسسات الناجحة، فهو المحرك الخفي الذي يغذي روح الانتماء والولاء لدى الموظف، ويعزز من قدرته على العطاء والإبداع في أداء مهامه اليومية. ويقصد بالأمان الوظيفي شعور الموظف بالثقة في استمراريته داخل المؤسسة، وتوفّر بيئة عمل عادلة ومحفزة تُمكّنه من النمو المهني دون قلق من التغيير المفاجئ أو فقدان فرص التطور. إنه الشعور بأن المؤسسة تقدّر جهوده، وتستثمر في مستقبله، وتحمي استقراره المهني والمعيشي.
ومع التغيرات والتحولات المستمرة والمتكررة قد تترك أثرًا ملموسًا على الثقة بالمؤسسة، والقدرة على التركيز، واستمرارية الأداء المتميز، وقد تدفع البعض إلى الشعور بالإحباط أو التردد في اتخاذ المبادرات التي تعود بالنفع على المؤسسة.
ويُعد هذا الوضع مؤثرًا بشكل خاص في بيئة التعليم، حيث يحتاج المعلم والموظف الإداري إلى وضوح الأنظمة واستقرار السياسات ليتمكن من أداء مهامه بطمأنينة. فغياب هذا الاستقرار ينعكس على جودة العمل وفاعلية العملية التعليمية، ويُضعف من روح الانتماء والولاء المؤسسي، بينما يؤدي الاستقرار إلى تعزيز الإبداع، والمبادرة، والالتزام المهني.
ولتحقيق الأمان الوظيفي رغم التحولات، يجب تبني سياسات واضحة وشفافة، وتوفير قنوات اتصال مفتوحة مع الموظفين، تمكّنهم من التعبير عن مخاوفهم وملاحظاتهم، مع الحرص على توفير خطط انتقالية مرنة تقلل من آثار أي تغيير على حياتهم المهنية والشخصية. إن الاستقرار الوظيفي ليس مجرد بقاء في المنصب، بل شعور بالطمأنينة والثقة يُترجم إلى إنتاجية عالية وولاء مستدام للمؤسسة.
وفي الختام، يمكن القول إن الاستقرار والأمان الوظيفي هما حجر الأساس لنجاح أي مؤسسة، إذ ينعكسان مباشرة على الأداء الفردي والجماعي، ويسهمان في خلق بيئة عمل صحية ومستدامة، قادرة على مواجهة التحديات والتطورات دون أن يُلحق التغيير أضرارًا بالموظفين أو العملية التعليمية.