الشفافية في الاتصال المؤسسي: رؤية 2030 أنموذج
بقلم د. بجاد البديري
الشفافية في الاتصال المؤسسي تمثل مبدأً جوهريًا يعكس نضج المؤسسة وقدرتها على بناء الثقة داخل بيئة عملها ومع مجتمعها، وفي التجربة السعودية الحديثة، تبرز رؤية المملكة 2030 بوصفها نموذجًا عالميًا في تجسيد هذا المبدأ من خلال وضوح الأهداف، وتكامل الرسائل، وإتاحة المعلومات بشفافية ومسؤولية.
منذ انطلاق الرؤية، اعتمدت مؤسسات الدولة نهجًا اتصالياً جديدًا يرتكز على الوضوح والمساءلة والتفاعل المستمر، فأصبح الاتصال قناة للحوار وبناء الثقة، يجمع بين القيم الإنسانية والاحترافية المؤسسية، وتجلّى ذلك في إدارة المشروعات الوطنية الكبرى التي تُعرض مؤشرات أدائها بشفافية، وتُشارك بياناتها مع الجمهور، مما يعزز المشاركة والاطمئنان إلى سلامة المنجزات واتساقها مع أهداف الرؤية.
الشفافية لا تقتصر على نشر الأرقام، بل تتجاوزها إلى تفسيرها بشجاعة واتزان، وإيصالها بلغة يفهمها الجميع، فالمؤسسة التي توضح الحقائق في وقتها المناسب تكسب احترام الجمهور وتبني علاقة ثقة متينة، لأن الوضوح يقوّي المصداقية ويمنح الرسالة عمقًا إنسانيًا، وهذا ما جعل الشفافية ركيزة أساسية في السمعة الوطنية للمملكة، ودليلًا على حوكمة رشيدة تعتمد الصراحة والمهنية.
تجربة رؤية 2030 تؤكد أن المعلومة الدقيقة تُعد أداة بناء تعزز الوعي وتعمّق الثقة بين القيادة والمجتمع، فالمؤسسات التي تُفصح بوضوح، وتستمع بإنصات، وتستجيب بسرعة، تُصبح أكثر جاهزية لمواجهة الأزمات، وأكثر قدرة على الحفاظ على مكانتها وسمعتها في الأوساط المحلية والعالمية.
وفي عالم تتسارع فيه الأحداث وتتعدد المنصات، أصبحت الشفافية لغة المستقبل في الاتصال المؤسسي، لأنها تخلق فهمًا مشتركًا بين المؤسسة وجمهورها، وتحوّل الاتصال من أداء وظيفي إلى علاقة قائمة على الصدق، والاحترام، والالتزام.