|

الذكاء الاصطناعي والاتصال المؤسسي: شراكة المستقبل

الكاتب : الحدث 2025-10-12 07:51:23

بقلم د. بجاد البديري

تحوّل الذكاء الاصطناعي من مجرد مفهوم تقني في عالم التقنية الحديثة إلى ركيزة أساسية في الاتصال المؤسسي الحديث، فقد أصبح عنصرًا حاضرًا في صياغة الرسائل، وقياس الانطباعات، وتحليل النتائج العامة، وصناعة المحتوى الموجّه للجمهور بدقة متناهية، ومع هذا التوسع المتسارع، يظهر سؤال جوهري يشغل الممارسين والقادة في هذا المجال: هل يُعد الذكاء الاصطناعي شريكًا في الاتصال أم أنه بديل عن الإنسان؟

في عمق الاتصال المؤسسي، تسكن قيم لا تختزلها الخوارزميات؛ مثل الثقة، والشفافية، والتفاعل الإنساني الذي يترك أثرًا صادقًا في المتلقي، هذه القيم تصنع الفارق بين رسالة تُقرأ ورسالة تُؤثّر وتُلهم، حيث يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات بسرعة مذهلة، غير أنه لا يشعر بقلق موظف، ولا يقدّر وقع الكلمة على جمهور يمرّ بمرحلة حساسة، وكما يتقن الفهم اللغوي، إلا أنّه يفتقد البصيرة العاطفية التي تمنح الرسالة عمقها الإنساني، ومع ذلك، يحتفظ الذكاء الاصطناعي بدور محوري في تطوير ممارسات الاتصال داخل المؤسسات، فهو يمنح فرق العمل أدوات تحليل دقيقة، ويساعد في اتخاذ قرارات أسرع، ويختصر الوقت في إعداد الخطط الإعلامية ومتابعة الأداء، ومن خلال هذا التكامل، يتحول الذكاء الاصطناعي إلى شريك استراتيجي يعزز كفاءة الإنسان ويوسّع مساحة الإبداع والتفكير التحليلي.

الاتصال المؤسسي في عصر الذكاء الاصطناعي يقوم على تعاون ذكي بين العقل الحسابي للآلة والوعي الإنساني للقائد، وحين تُحسن المؤسسة توظيف هذا التعاون، تُنشئ بيئة متقدمة تجمع بين دقة البيانات ودفء الرسالة، فالذكاء الاصطناعي قادر على كتابة النصوص، غير أنّ بناء الثقة يظلّ مهمة إنسانية، وقد يُنتج الأفكار، لكنه لا يخلق العلاقات.

وفي النهاية، تبقى البصمة الإنسانية هي جوهر الاتصال المؤسسي، ومصدر الإلهام في عالمٍ يتسارع فيه كل شيء إلا قيمة الإنسان.